تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

تم البدء في بناء الجدار من نحو أسابيع، وهو ما واكب الحدث الرياضي الأشهر آنذاك: مباراة الجزائر ومصر، وكل البشر في شغل عن أمور معاشهم الخاصة فضلا عن الشأن العام مع اقتراب المباراة، وهو ما سهل مهمة البدء في البناء، وقبلها تمت التغطية على الاعتداءات التي وقعت على المسجد الأقصى أوائل أكتوبر الماضي بأزمة النقاب بعد التضخيم الإعلامي المفتعل للفعل السفيه الذي وقع من شيخ الأزهر الذي فشل في سد الفراغ الذي تركه الشيخ جاد الحق، رحمه الله، فحقق تصرفه الشائن هدفين: الهجوم على ثابت إسلامي والتعتيم على الاعتداء على الأقصى في أعياد يهود.

ثم جاءت المباراة لتنسخ أي اهتمام في البلدين الشقيقين، وتمت الوقيعة بين الأشقاء من المسلمين في البلدين بحرفية إعلامية تستحق التقدير، وحدث ما حدث، ثم ظهرت بعد ذلك ثمار تلك الفتنة، فمصر تبني جدارا من نحو أسابيع دون ان يعلم أحد فلما انكشف المستور أنكرت ابتداء ثم تعللت بأمنها القومي، والتمويل أمريكي، وأحد المعارضين الجزائرين يشير إلى استغلال أمريكا أيضا للأزمة في عقد اتفاقية مع الحكومة الجزائرية للسماح بفرق عسكرية متنقلة من القوة الإفريقية الأمريكية: "أفريكوم" ومقرها ألمانيا بعد فشل أمريكا في إقناع أي دولة من دول شمال وغرب إفريقية في استضافة القيادة بشكل دائم فكل خائف من أمريكا ذات الناب الأزرق كما يقال عندنا في مصر، فلن يأتي عاقل بها إلى أرضه بنفسه، فحققت خلال الأزمة بعض مآربها بالسماح لتلك الفرق بالتحرك داخل الجزائر لا سيما في الصحراء الجزائرية في إطار مطاردة الجماعات المسلحة ذات التوجه الإسلامي، مع التحفظ على المنهج العام لتلك الجماعات، ولكن يبقى أنها إسلامية التوجه وهو كاف لشن الحرب الأمريكية عليها برسم مكافحة الإرهاب في شمال وغرب إفريقية وهي الحجة التي هوجمت بها بلاد الأفغان والعراق ثم مناطق شاسعة من الباكستان بيد الموحدين لا بيد عمرو في: "سوات" و: "وزيرستان" مع أن الحكومة المركزية كانت قد أنهت الأزمة دبلوماسيا ولكن أبت أمريكا كعادتها إلا إشعال الفتنة بين الجيش والجماعات الإسلامية ثم نفضت يدها من الأمر فاضطرت الحكومة الباكستانية إلى إيقاف الحرب في وزيرستان بعد أن تبين لها عقمها فضلا عن خداع أمريكا لها باستعمالها كوكيل حرب!، وكل تلك النوازل تتم في عهد: "باراك حسين أوباما" صديق العرب، أو: "أبو حسين"! كما سماه بعض الدعاة الفضلاء في إحسان ظن منه بمن لا يستحق ذلك.

ولم أقصد بطبيعة الحال، الإساءة إلى الأمتين المسلمتين في الجزائر ومصر، فكلاهما على العين والرأس، وإنما هو من باب التذكرة، فكل الدول الإسلامية تعيش هذه الحالة من الفصام بين الحكومات والشعوب، وهي حكومات، على كل حال، ليست على قدر عال من الذكاء، فلم تخطط لهذا الأمر بهذه الحرفية، لئلا يظن ظان أن الفيفا تعمد وضع البلدين في مجموعة واحدة لإحداث الفتنة في وقت بعينه يتم فيه تنفيذ أمور معدة سلفا، وإنما الأمر جار مجرى استغلال الأحداث المؤسفة وإشعال الفتن بين المسلمين وإثارة مشاعر البغضاء في صدورهم تحقيقا لأهداف أمريكية مزدوجة في كلا البلدين، فهذه هي النتيجة الحقيقية للمباراة. وإفساد ذات البين بين المسلمين مطلب رئيس لكل عدو من أعداء هذه الأمة، فيستبدل العداء بود حكى لي أحد الفضلاء عندنا في مصر ممن زار الجزائر من فترة قريبة عن قدره بإشارته إلى صحوة إسلامية مباركة رصدها من خلال أعداد المصلين الكبيرة في مساجد الجزائر العاصمة في كل الأوقات، وبقوله بلغتنا العامية عما لقيه من ود هناك بعد أن صمت فترة لما سألته عن أهل الجزائر: "وعلى فكرة، بيحبوا المصريين جدا! "، وهو ما يجب استبدال الكره والبغضاء به، كما أنه يجب الترويج لكل ما يسيء إلى أهل غزة في مصر ليفقد أهل القطاع الدعم المعنوي الكبير من أهل مصر المغلوبين على أمرهم، فيمر الغزي إلى سيناء الحبيبة، ليغرس علم فلسطين على ترابها الوطني!، فهو احتلال يجب حماية مصر منه في إثارة بغيضة لمشاعر جاهلية بين إخوة الدين الواحد فأهل غزة هم الخطر على سيناء فيجب بناء الجدار لدفعهم لا كيان يهود الذي تربطنا به معاهدات وعلائق دبلوماسية، فالحذر الحذر إخواني في الجزائر ومصر وغزة وفي كل مكان من مكايد

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير