تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

عجزنا عن الإحسان إلى أنفسنا، وتبقى دائرة الاعتقاد منطقة محظورة لا يصح الاقتراب منها بحال وإن بلغ إحسانه لنا ما بلغ، فالتقدير والشكر والبر على وزان: (لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ)، والموالاة القلبية شيء آخر.

ومما لفت النائب "جلوي" النظر إليه: أن عددا من المجندين المصريين كان متعاطفا مع إخواننا في فلسطين لدرجة البكاء والتأمين على الدعاء لهم فكثير من أفراد الشرطة في مصر لا سيما صغرا المجندين ومنهم المجند المقتول، رحمه الله، مغلوبون على أمرهم، فالنظر إليهم يكون بعين الشرع فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وبعين القدر أيضا فهم يستحقون الرحمة للضغوط الرهيبة التي تمارس عليهم لمسخ شخصياتهم في مراكز التدريب وتحويلهم إلى أدوات طيعة لتنفيذ الأوامر، كما يعلم ذلك من له نوع اطلاع على أوضاعهم المزرية وهي سياسية مصرية عامة من لدن فرعون الذي حشد الأجناد طلبا للكليم عليه السلام، ولا زالت هي السياسة المعتمدة في مصر إلى يوم الناس هذا على رسم: (مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ)، و: (فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ).

ومما أكد عليه مقدم برنامج "بلا حدود": ضرورة الفصل بين كلامه عن قيادة مصر السياسة وشعب مصر وهو أمر ينبغي على كل متابع لهذا الشأن أن يستحضره لئلا يظلم المسلمين في مصر فليسوا كلهم على رسم قيادتهم السياسة والفصام بين القيادات والشعوب في البلاد المسلمة أمر لا نعاني منه وحدنا بل تعاني منه أغلب الشعوب الإسلامية في العصر الحاضر فتخصيصنا بالذم في هذا الموضع، تخصيص بلا مخصص فالحكم يعمنا ويعم غيرنا، وإن لم نسلم من تبعة القعود عن نصرة إخواننا بحكم ما تقدم من الجوار، ومع ذلك فقد بذل كثير منا وسعه، حتى جهز شباب لا حول لهم ولا قوة ولا سلطان قوافل من الجهد الذاتي وأرسلوها إلى المعبر في الحرب الأخيرة كما وردت بذلك الأنباء في بعض الفضائيات. وقامت إحدى النساء! بجمع كميات من الدواء وحملتها بنفسها إلى المعبر ولسان حالها: (مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ)، فليس الواجب على ذي الطاقة المحدودة كالواجب عن ذي السلطان المتنفذ ولكل تكليفه تبعا لطاقته فلا تكليف إلا بمقدور كما قرر أهل الأصول فتحميل المصريين فوق طاقتهم لا سيما مع ظروفهم الإنسانية العصيبة: إفراط في، وفي المقابل: تبرئتهم من أي تبعة أو تقصير: تفريط، وليسوا وحدهم، كما تقدم، أصحاب الشأن، وإنما هم أقرب أهل الشأن للشأن بحكم الجوار فيلزم استعمال العدل معهم ومع غيرهم بتحميل كلٍ مسئوليته لا تحميلهم وحدهم المسئولية فذلك مما يسهل مهمة الإعلام المغرض في إفساد قلوبهم وإيغار صدورهم على إخوانهم من المسلمين إن لم يترفقوا بهم.

وتبقى تغطية الجزيرة للأحداث ذات كفاءة عالية، ولكن تركيزها على مصر قد صار مثار تساؤل كثير من العقلاء، فأي مشكلة ولو كنت مشكلة تشترك فيها شعوب المنطقة كبيع الأعضاء أو تردي الأحوال المعيشية أو حتى حادثة قطار وربما انفجار ماسورة مجاري في المستقبل! ......... إلخ لا بد أن تكون مصر هي المثال الأوحد تقريبا ففي أي تقصير لا بد أن يكون لها قصب السبق!، وهو أمر، كما يقول لي بعض الفضلاء عندنا: ميراث حقبة من الزعامة المصرية التي مارست نوعا من الإرهاب الإعلامي على شعوب المنطقة بوصف مصر زعيمة الأمة العربية في حقبة المد القومي الذي انكسر على صخرة 67، فلما تراجع تسلط الإعلام المصري خصوصا ودور مصر عموما في شتى مناحي الحياة لا سيما السياسة والتعليم الذي كان ينظر يه إلى جامعات مصر سابقا على أنها معاهد رفيعة المستوى يتخرج منها الساسة والوزراء في الدول الأخرى!.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير