تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

بعد هذا التراجع ظهر من يطلب ثأره من الإعلام المصري فمعه الآن إمكانيات وتكنولوجيا أفضل بكثير فضلا عن أن مقعد الزعامة لم تعد مصر تستطيع شغله بكفاءة فظهر من ينازعها إياها بتسليط الضوء على معايبها، وهي معايب لا ينكرها أحد فالجزيرة تتمتع بمصداقية وكفاءة كبيرة، ولكنها في نفس الوقت لا تتمتع بنزاهة وحيادية مماثلة، فتصور دولا على أنها جنان، وأخرى على أنها نيران فلا ترى أي ملمح إيجابي في مصر تقريبا، وإنما تصدر مصر في كل كريهة، والجزاء من جنس العمل، مع كون مصر، إن كان لها ريادة، وهو أمر ظاهر، فإنها لم تكن يوما معتبرة إلا برسم الإسلام، فمصر التي صدت الحملات الصليبية ودخلت في طاعة الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب، رحمه الله، ومصر التي صدت المغول بقيادة سيف الدين قطز، رحمه الله، ومصر التي عاشت فترات زاهية من جهاد المغول والصليبين في عهد الظاهر ركن الدين بيبرس والسلطان قلاوون، ومصر التي زال حكم الصليبين في الشام من آخر جيوبهم في عهد الأشرف خليل بن قلاوون، ومصر التي صدت المغول في شقحب بقيادة الناصر محمد بن قلاوون بتحريض ابن تيمية، رحمه الله، مصر بهذا الوصف أفضل بكثير من مصر 48، و 56، و 67 وحتى 73، وإن كان حالها في 73 كان إلى خير لولا النصر الذي فرط فيه البطل بتدخلاته العشوائية في إدارة المعارك وفشله الذريع في إدارة المعركة السياسية في كامب ديفيد فضلا عن تخلي كثير من المسلمين عن مصر مما أضعف موقفها، وسهل مهمة الطرف الآخر في تحييدها، والمسئولية كما تقدم، مشتركة لا يمكن إلقاؤها على طرف واحد إلا من باب: الحيلة النفسية لنفض الغبار من الأيدي.

ولما عطلنا: (إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ): جاء العذاب في تفشي الأمراض التي حصدت منا ما لم تحصده الحروب، فارتفعت نسبة مرض السرطان إلى معدل قياسي: 150 حالة لكل 100 ألف مواطن، وهو أمر يجعله أقرب إلى الأنفلونزا!، وامتلأ معهد الأورام ومستشفى سرطان الأطفال بفلذات أكبادنا الذين افترش بعضهم الأرض من شدة الزحام، وجاء العذاب في صفوف شراء الخبز، وفي المواصلات، وفي شربة الماء وفي الطعام الذي نالته أيدي الخبراء الأجانب! بالعبث فضلا عن تلوث الجو والتربة بمخلفات كيميائية عظيمة الضرر على الصحة العامة وفي ارتفاع نسبة البطالة ونسب الجرائم المثيرة للاشمئزاز والتعجب في نفس الوقت وفي الغلاء ............. إلخ، وكلها عقوبات كونية على التفريط في: "إلا تنفروا"، وليست النفرة جهادا بالأبدان فقط فإن ذلك قد يتعذر في أحيان كثيرة لا سيما في عصر كالعصر الذي ولدنا فيه وقد بلغ فيه المسلمون ما بلغوا من الضعف، ولم يقصر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم النفرة على الجهاد بالبدن، وإنما منها النفرة بالجهاد بالمال، وباللسان، والجبهة الداخلية المصرية تستحق النفرة إليها قبل النفرة إلى الجبهة الخارجية، ففي مثل هذه الأعصار يقبح التخلف عن نصرة الملة بأي عمل، ولو صغر في عين صاحبه، فإن ذلك من حيل إبليس ليثني العامل عن العمل، فمن عنده فضل وقت فليتعلم العلم ولينشره ليعصم به نفسه وغيره من المسلمين من الزلل، وليظهر أعلام الإسلام والسنة، وليرد عدوان المنصرين وأصحاب المقالات من الفرق الضالة التي تلبس على المسلمين بالشبهات وتصطاد ضعافهم بالشهوات، ومن عنده فضل مال فليتصدق على الفقراء وليكفل الأيتام، وما أكثرهم وهم صيد سهل لأصحاب الأموال من رءوس الباطل الذين ابتلينا بهم، ومن عنده فضل صحة فليعاون في قضاء حاجات المسلمين ........ إلخ، بل من يسر له الزواج مع كونه حظ نفس فليتزوج بنية تكثير سواد المسلمين وتربية جيل جديد يقطف ثمار هذه الصحوة المباركة التي تعيشها مصر رغم كل هذه النوازل والعقوبات الكونيات، فلعل الله، عز وجل، أن يخرج منهم قراء وعلماء تحفظ ببركة علومهم البلاد، والسنة الكونية لا يظهر أثرها في جيل أو اثنين، بل لا بد من مرور زمن كاف تنضج فيه الثمرة، فلا حظ للمتعجل، وإنما يتطلب الأمر تسديدا من الرب، جل وعلا، بألا يحقر الإنسان نفسه أو إخوانه فيعمل لنصرة هذا الدين ويعاون غيره، وألا يستعجل

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير