تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[شرايين الحياة!]

ـ[مهاجر]ــــــــ[26 - 05 - 2010, 08:40 ص]ـ

انطلقت نحو غزة من عدة أيام بالتزامن مع الذكرى 62 لنكبة فلسطين وقيام كيان يهود الغاصب في منتصف مايو 1948 م، إحدى قوافل شرايين الحياة بمشاركة أكثر فاعلية هذه المرة من الدول الإسلامية، وإن كان الأمر في جملته مشاركة رمزية لا تفي بأكثر احتياجات القطاع الذي يئن تحت الحصار المزدوج من نحو ثلاث سنوات، فشاركت: تركيا والجزائر والكويت، وتضاربت تصريحات مصر، على حد علمي، فمرة يرحبون باستقبالها على أن يتم إدخالها للأشقاء الفلسطينيين بمعرفة السلطات المصرية!، وأغلب الظن أن ذلك إنما يعني إدخالها بالقطارة المعهودة أو تأخيرها كما هي الاستراتيجية المتبعة حاليا في الضغط على حكومة القطاع قدر المستطاع، ومرة ينفون ذلك، وعموما لن يخلو الأمر من عقبات كؤود كما وقع في القافلة السابقة في شهر يناير الماضي، ودائما ما تكون الحلول خارجية، فقد عجزنا عن دعم إخواننا على نحو ألجأ الغرب إلى تقديم العون إليهم على وجه يستحق الشكر والتقدير لكل منصف، وإن كان كافرا، فالأخلاق الجبلية مما أجمع العقلاء على حسنه، فيمدح من فاعله أيا كانت ديانته، وإن كان المدح للكافر يقتصر على الشكر والثناء المجرد من معنى الثواب الشرعي، فليس ذلك إلا لمن تحقق فيه وصف الإيمان، فأولئك، كما تقدم في مناسبات سابقة، من أصحاب المروءات القلائل في أوروبا وإن لم يكونوا من أصحاب الديانات الصحيحة، وقبلها بأيام ومن باب الاعتماد المعهود على الغير في تلبية احتياجاتنا، فالتسول سمة عامة في زماننا!، قالت منظمة "الأنروا" بأن عملها في القطاع مهدد بالتوقف في شهر سبتمبر القادم، بعد نحو أربعة أشهر إذا لم تتلق الدعم المالي الذي يمكنها من الاستمرار، ومع كونها منظمة غربية لا يخلو عملها من مخالفات شرعية، إلا أننا ضننا حتى بسداد مستحقاتها الرسمية، فذلك، على أقل تقدير يرفع يد المنة عن إخواننا في القطاع، ولكن الواقع يؤكد عدم التزام كل الدولة العربية سداد ما عليها من مستحقات إلا المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات، وحصيلة العرب في ميزانية المنظمة في غزة لا يتجاوز 1%!، فنحن عالة على غيرنا حتى في العمل الإغاثي، لا سيما بعد هجمات 11 سبتمبر التي استغلتها أمريكا في تقييد العمل الإغاثي الإسلامي بحجة تجفيف موارد الإرهاب في مقابل السماح الكبير للمنظمات التنصيرية التي تعمل تحت ستار إنساني لتتمدد في بؤر الفقر والصراعات كدول إفريقية السمراء، الهدف الأول للمنظمات التنصيرية في الربع الأول من هذا القرن، كما يقول بعض الفضلاء المعاصرين، فضلا عن دول تعيش نوازل عامة قد طال أمدها كالعراق وبلاد الأفغان، فالعمل الدعوي! تحت ستار الإغاثة يجري على قدم وساق فيها.

ومن باب ضرب المثل الفردي فهو يدل على حال الجماعة، وقعت لأحد الفضلاء عندنا واقعة من جنس هذه الواقعة، فقد أصيب أحد أصدقائه بمرض الشلل الرعاش، ولما يزل شابا في مقتبل العمر، فأدى ذلك إلى قعوده عن العمل لظروفه الصحية الحرجة، ثم ظهرت، ولله الحمد، بادرة أمل، إذ قدم طبيب من ألمانيا، إن لم تخني الذاكرة، يجري عملية زرع جهاز ينظم، بمشيئة الرب جل وعلا، إفراز المادة الكيميائية التي يتسبب نقصها في المخ في إصابة الإنسان بهذا المرض، ولكنها تتكلف نحو 170 ألف جنيه، وهو مبلغ في وسطنا يعتبر ضخما إلى حد ما ولكنه في أوساط رجال الأعمال، على سبيل المثال، يبدو كما يقال عندنا في مصر: "فكة"، فقد تنفق أضعافه في استقدام مدير فني للفريق الوطني لكرة القدم، كما جرى من سنوات، على سبيل المثال، فقد تكفل مجموعة من سفهاء رجال الأعمال براتب مدير فني يبلغ نحو 40 ألف دولار، أي: 200 ألف جنيه تقريبا، إن لم تخني الذاكرة، وليس الشأن أن تؤتى مالا، وإنما الشأن أن تؤتى علما لتوجه هذه القوة المادية وجهة صحيحة، وليس ذلك إلا لمن سدده الرب، جل وعلا، فامتن عليه بالبصيرة الشرعية، والشاهد أن ذلك الفاضل تطوع لجمع بعض التبرعات ممن يعرفهم ليساعد صديقه في تدبير تكاليف العملية، فكان ذلك سببا في تعرضه للمساءلة الأمنية الصارمة!، فلعله قد جمعها تحت هذا الستار لإغاثة أهل غزة أو ما شابه!، فتلك في عرف الأمن المصري جريمة، وذلك من آثار الاستجابة الفورية للضغوط الخارجية بالتضييق على الأعمال الإغاثية المادية سواء أقامت بها مؤسسات وجمعيات، ولو رسمية، أو أفراد، حتى وصل الأمر، كما حدث قبل سنوات إلى إدراج تاجر عسل يمني في قوائم من جمدت أرصدتهم لتمويلهم الإرهاب!، والشاهد أن الأمر قد توقف ونجا ذلك الفاضل، ولله الحمد، من هذه التهمة بأعجوبة!، ثم امتن الرب، جل وعلا، بشريان حياة خارجي، على وزان شرايين حياة غزة، فتطوعت سيدة هولندية نصرانية بتكاليف الجراحة كاملة، وهي تستحق الشكر والتقدير والثناء على ما بذلته، وتستحق الدعاء بأن يهديها الله، عز وجل، لدين الإسلام الدين الحق، والدعاء للكفار الأحياء جائز لا سيما إن كان ثم رجاء في إسلامهم لما جبلوا عليه من خلال الخير والفضل، وأجرى ذلك الصديق العملية بنجاح، ولله الحمد، واسترد جزءا كبيرا من عافيته وعاد لممارسة حياته بشكل طبيعي، وذلك من فضل الرب، جل وعلا، عليه، ولكننا فشلنا، كالعادة في حل المشكلة حتى جاء الحل من الخارج، ثم لا تسمع بعد ذلك إلا البكاء على الأمجاد الماضية، من خلف يصدق فيه قول الشاعر:

إذا افتخرت بآباء لهم شرف ******* قلنا صدقت ولكن بئس ما ولدوا

فليس الحكام وليست السلطات إلا من جنسنا فكما تكونوا يول عليكم، وكما تكونوا يسلط الله، عز وجل، عليكم من شاء من عباده.

وإلى الله المشتكى.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير