[متى تكون فائزا؟]
ـ[الخبراني]ــــــــ[21 - 06 - 2010, 02:37 م]ـ
يجري حديثٌ في بعض مجالس النّاس عن الفوز وعن الفائزين وعن أسباب الفوز وعن من فاز ومن هم الفائزون كلمة تتردد في بعض المجالس وينحصر الفهم عن الفوز وعن معانيه لدى بعض الأفهام في مُتَعٍ زائلة وأُمورٍ فانية؛ فهناك حديث عن فوز في مسابقات تجاريّة، وعن فوز في مباريات رياضية، وعن فوز في تعاملات محرّمة كالقمار والميسر وهكذا تتنوّع الأحاديث عن الفوز وعن ماهيته وحقيقته وعن مجالاته وعن أسبابه ويغيب عن أذهان كثير منهم الفوز العظيم عند لقاء رب العالمين, الفوز برضا الله والنجاة من عذابه والفوز بجنته , يغيب هذا المعنى عن كثير من الأذهان في غمرة الانهماك في متع الدنيا وملذاتها وشهواتها , {وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} [العنكبوت: 64]. والواجب على كل مسلم أن يكون دائماً متذكِّراً الفوز الأكبر و الفوز العظيم و الفوز المبين يوم يلقى الله تبارك وتعالى.
وتأمَّل معي أيُّها المؤمن في هذه الوقفة متذكِّراً ومتفكِّراً في الفوز العظيم وحقيقته يقول الله عز وجل: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ} [آل عمران: 185].
هاهنا مقام الفائزين الرّابحين الذين يمنّ الله عليهم بالفوز الحقيقي العظيم, إنَّ الفوز نجاةٌ من مرهوب وتحصيل لمرغوب, وهذان يجتمعان للمؤمنين أهل الجنة ينجيهم الله تبارك وتعالى من النّار ويمنّ عليهم بدخول الجنة وهذا هو حقيقة الفوز، وأيُّ مرهوب أعظم من النّار؟ وأي مرغوب فيه أعظم من الجنة؟.
ولهذا ينبغي لكل واحد منا أن يتذكَّر هذا الموقف العظيم وكلنا صائر إليه , جاء في صحيح مسلم من حديث أبي سعيد الخدريّ رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: ((ثُمَّ يُضْرَبُ الْجِسْرُ عَلَى جَهَنَّمَ وَتَحِلُّ الشَّفَاعَةُ وَيَقُولُونَ: اللَّهُمَّ سَلِّمْ سَلِّمْ)). قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الْجِسْرُ؟ قَالَ: ((دَحْضٌ مَزِلَّةٌ. فِيهِ خَطَاطِيفُ وَكَلاَلِيبُ وَحَسَكٌ تَكُونُ بِنَجْدٍ فِيهَا شُوَيْكَةٌ يُقَالُ لَهَا السَّعْدَانُ فَيَمُرُّ الْمُؤْمِنُونَ كَطَرْفِ الْعَيْنِ وَكَالْبَرْقِ وَكَالرِّيحِ وَكَالطَّيْرِ وَكَأَجَاوِيدِ الْخَيْلِ وَالرِّكَابِ فَنَاجٍ مُسَلَّمٌ وَمَخْدُوشٌ مُرْسَلٌ وَمَكْدُوسٌ فِى نَارِ جَهَنَّم)).
تأمَّل هذا الموقف وأنت صائرٌ إليه لا محالة والنّاس على هذا الصراط أقسام ثلاثة حدّدها رسول الله صلى الله عليه وسلم, تأمَّل هذه الأقسام الثلاثة، وتأمَّل مرور النّاس على هذا الصِّراط المنصوب على متن جهنّم، وتوهّم حالك وأنت على هذا الصراط الذي جاء في بعض الأحاديث أنه أدقُّ من الشعر, وقد وضعت قدمك عليه وبين أيديك الناس ومن خلفك ناج مسلم ومخدوش مرسل ومكردس في نار جهنم، ومن نجا منهم يتفاوتون في سرعة المرور عليه فمنهم من يمرّ كالبرق وكالريح وكأجاويد الخيل, على قدر تفاوتهم وتباينهم في طاعة الله عز وجل في هذه الحياة، فتفكَّر في حالك وأنت من هؤلاء وأنت صائرٌ إلى هذا المقام {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا، ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا} [مريم: 81 – 82] هل أنت من هؤلاء النّاجينالفائزين أو لست منهم.
وإذا قلت أيُّها المؤمن: ما هي صفات هؤلاء الفائزين؟ وما هي أعمالهم التي نالوا بها هذا الفوزالعظيم؟ تجد الجواب في كتاب الله عزّ وجل بل تجده في آية واحدة في القرآن جمعت لك أسبابالفوز والغنيمة , يقول الله تعالى في سورة النور {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ} [النور: 52] إنَّها صفاتٌ أربعة إذا اجتمعت في العبد كان من الفائزين:
1 - طاعة الله.
2 - وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم.
3 - وخشية الله والوقوف بين يديه سبحانه وتعالى.
4 - وتقوى الله جلّ وعلا بالبعد عن المعاصي والآثام.
¥