[أحدوثة الخلود]
ـ[محمد التويجري]ــــــــ[11 - 06 - 2010, 02:31 ص]ـ
[أحدوثة الخلود]
تاريخ طويل منذ خلق أبينا آدم عليه السلام وحتى هذا اليوم كتب لنا قصصا وأساطير وملاحم خالدة لا تنسى وصورا رائعة ومثلا عليا راسخة ويقابلها صور مخزية ومثل دنيا مهتزة لنتعلم منها الطريق الصحيح للوصول إلى الغاية المحمودة والذكر الحسن.
الثبات على المبدأ
التركيز على الهدف
إنكار الذات
مثلث إيجابي أو مثلث سلبي حسب المبادئ والأهداف
هذان المثلثان يخلدان أصحابهما إما بما يزين أو بما يشين وقطرا هذين المثلثين هما مشورة العقل وهوى النفس.
لو تتبعنا أوامر الشرع سنجدها تدور حول النهي عن اتباع الشهوات وتربية النفس على تحمل المكاره وكل هذا يعود بالنفع على الإنسان في دينه ودنياه بما وهبه الله سبحانه من عقل وحكمة وتجربة تعود عليه بالنفع فإذا ما جمعت إلى ذلك قصص التاريخ الغابر وكان الإنسان يعيش في آخر الزمن فقد ملك سبل النجاح والفلاح في كل شيء.
لا قيمة للذة عابرة ولا لفرح يزول
لا قيمة لشيء ما لم تضع أنت القيمة فيه ولا تكتسبها منه
المجد الشخصي ليس هدفا يسعى الإنسان لتحقيقه بل هو مكافأة وهذا الفرق الذي لا يدركه إلا من وفقه الله لذلك فالحد رفيع بين الاثنين فمن يعمل لبناء مجده لن يحصل عليه ومن يعمل في سبيل قضية يكافأ بالمجد.
لا فرق بين كون القضية قضية حق أو باطل فالنتيجة من تطبيق أضلاع المثلث هي الخلود لأن ما كان حقا في نظر بعض الناظرين باطل في نظر الآخرين ولكن يبقى الحق المنزل فوق كل نظر ومكافأته هي الخلود الأبدي.
اليد العليا خير من اليد الدنيا ولكن صاحب اليد الدنيا يطير فرحا بقليل زائل وصاحب اليد العليا يشتري بالزائل الكثير الباقي فيذهب هذا من طريق وهذا من الآخر وصاحب اليد الدنيا قد حقق هدفه وصاحب اليد العليا يسعى لتحقيق هدفه وشتان ما بين الهدفين.
ونعود لمثلثنا الذي هو صورة وانعكاسها في مرآة الهمة فالهمة العظيمة تسحق كل شيء في طريقها نحو تحقيق الهدف بما في ذلك صاحب الهمة نفسه وقد قال المتنبي:
كُلَّ يَوْمٍ لكَ احْتِمالٌ جَديدٌ ... ومَسيرٌ للمَجْدِ فيهِ مُقامُ
وإذا كانَتِ النّفُوسُ كِباراً ... تَعِبَتْ في مُرادِها الأجْسامُ
وكَذا تَطْلُعُ البُدورُ عَلَيْنَا ... وكَذا تَقْلَقُ البُحورُ العِظامُ
بينما الهمة الضعيفة تتعلق بكل شيء وأي شيء وبأي وسيلة نحو تحقيق الهدف ولا تأبه أتطأ في طريقها حلالا أم حراما بل تحل ما كانت تحرمه من قبل لما بدا لها أنه موصل نحو غايتها الحقيرة التي لا تعدو مكسبا دنيويا وكل الدنيا لا تساوي جناح بعوضة فواحسرتا على هذا الجهد المبذول من أجل جناح بعوضة.
المثل الخالدة كثيرة فالأنبياء كلهم صلوات الله عليهم وسلامه مثل خالدة وقدوات مبهرة في سبيل تحقيق الغاية المحمودة ولكن هنا أمثال تبرز عند الحديث عن هذا الموضوع.
1 - أبو بكر وما أدراك ما أبو بكر رضي الله عنه وأرضاه
رجل ضرب أروع الأمثلة للناس جميعا فلم يكن له موقف واحد بل مواقف عدة ولقد فاق كل ظن ليأتي بما لا يخطر لأحد ببال.
عن أي أمثلته أتحدث
أعن موقفه من الهجرة أم عن أفعاله أثناء الهجرة أم عن مواقفه بعد الهجرة أم عن ماذا.
لا تستطيع الكلمات أن تفيه حقه.
الموقف الأول: لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة مهاجرا مصطحبا أبا بكر توجه أولا إلى غار في جبل ثور ولما انتهيا إلى الغار دخوله لغار ثور قبل النبي –صلى الله عليه وسلم- مخافة أن يكون فيه شر فيلحقه فبل النبي –صلى الله عليه وسلم-.، فدخل ونظفه ووجد في جانبه ثقبًا فشق ثيابه وسدها به، وبقى منها اثنان فأدخل رجليه، ثم قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: ادخل، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم، ووضع رأسه في حجره ونام، فلدغ أبو بكر من الجحر، لكن لم يتحرك خشية أن ينتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسقطت دموعه على وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ما لك يا أبا بكر؟ قال: لدغت، فداك أبي وأمي، فتفل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذهب ما يجده.
كان أبو بكر يحمي الإسلام كله حينها
الموقف الثاني: في الطريق يسير أبو بكر رضي الله عنه أمام النبي صلى الله عليه وسلم تارة وتارة يمشي خلفه وتارة عن يمينه وتارة عن يساره ليحمي النبي صلى الله عليه وسلم من كل وجهة.
¥