تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[أمازال الوفاء .. ؟؟]

ـ[أنوار]ــــــــ[12 - 08 - 2010, 05:08 ص]ـ

من أصعب الأمور على النفس أن تجد من ينكرها ويُهمِّشها

ولا يعتبرها .. بعد أن كانت في يومٍ مآ هي كل شيء في الرصيد!.

هل أمرُّ من ألم الصدود والجفاء!

وهل أمرُّ في النفس من سيوف التنكر وقتل الوفاء بسكين الجفاء!

إنها لتمرّ بالمرء أحياناً أوقات لا يجد فيها يداً تلمس رأسه وتتحسسه برفق!

ولا ابتسامة حانية أو كلمة تفيض لطفا فينسى معها هموم الأرض!

تمر به أيامٌ ..

يرى سوادها أسود من الليل الأسود البهيم!

ولا عجب فقد قال الشاعر:

صُبّت عليَّ مصائبٌ لو أنها * * * صُبّت على الأيام صرن لياليا!

أو كما قال الشاكي سوء حظه:

شكوت إلى الرفيقة سوء حظي * * * وما لاقيت من ألم البعاد

فقالت إن حظك مثل عيني * * * فقلت نعم: ولكن في السَّواد!

فيبدأ يبحث في قائمة الأخلّاء والأصحاب من يضع همومه بين يديه

فإذا به يُصعق عندما يكتشف أنه أكثرهم همجٌ رعاعٌ .. لا خير فيهم لدنيا ولا دين!،

بل يرى الجفاء الواضح ..

لأن الدنيا أدبرت عنه فأدبروا هم عنه بإدبارها!.

ولربما زادوا النار اشتعالاً .. بأن كانوا عوناً للزمان عليه!

يظهرون ما خفي من عيوبه في وقت هو أحوج ما يكون إلى سترها!

أليس هو ابن أبينا آدم عليه السلام الآكل من الشجرة!

أليس مكتوباً عليه الذنب! فلماذا يُعاب إذاً؟!

يتطوع بعضهم بإظهار ما يعرفه عنه من أسرار كان يحتفظ بها لديه في أوقات الصفاء

فإذا به يفشيها ساعة الجفاء!

ويسوّغ له الشيطان شرعيَّة فعله!

أهذه مروءة؟! ..

ثم يبدأ:

فلانٌ عليه ملاحظات ..

فلانٌ يريد فرض نفسه علينا بالقوة،

فلانٌ يجرح مشاعري .. فلانٌ .. فيه .. وفيه .. !.

يا حسرةً على الوفاء!

ويا حسرةً على فقاعة " إني أحبك في الله "

تنفجر إذا خرجتْ من فمِ أحدهم ولامست الهواء! فيذهب أثرها!.

ألم يُعط النبي صلى الله عليه وسلم جوامع الكلم و اختصر له الكلام اختصاراً؟!

فلماذا إذن عندما أراد أن يقرر مسألة من إعمال القلوب احتاج إلى الاستطراد في الأسلوب قليلاً ..

فقال: (ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوته الإيمان .. ثم قال ..

وأنه يحب المرء لا يحبه إلاَّ لله .. )

ألم يكن كافيا أن يقول صلى الله عليه وسلم (وأن يحب المرء لله)!!

لا .. لم يكن كافياً ..

لأن كثيراً ممن يظن نفسه يحب الله ..

لو صدق مع نفسه وتأمل، لوجد أنه إنما يحب فلاناً من أجل منصب أو مال .. أو فصاحة ..

أو قاسمٍ مشتركٍ بينهما ..

كأن يوافقه على آرائه .. أو أنه يقول:

أحبك في الله

ثم إذا جاءت ساعة الوفاء أصبح يتقن الجفاء!

ويستدل لفعله بالكتاب والسنة وأقوال السلف!!

أين هذا من وفاء الكلب؟!

أكرمكم الله.

ألم يقل الشاعر أمام الخليفة العباسي مادحاً إياه:

أنت كالكلب في حفاظك للود * * * وكالتيس في قراع الخطوب!

ألم يقرّه الخليفة على ذلك ..

لأن الكلب عند الأعراب كان مثلاً في الوفاء لصاحبه؟!

ألا يخجل بعض منْ في زماننا من وفاء ذلك الكلب؟! ..

ألم يتندر شوقي بحافظ إبراهيم في قصتهما المشهورة في مقهى من مقاهي النيل بقوله:

وأودعت إنساناً وكلباً أمانةً * * * فضيعها الإنسان والكلب حافظُ .. !!

فاعترف له حافظ بأنه أمير الشعراء. [1]

ألم يذكر الله تعالى وفاء كلبٍ لأصحابه ..

حتى استحق أن يذكر في القرآن .. " سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ مَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَدًا (22) ..

ألم يكن ذلك الكلب وفياً لأصحابه طيلة ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعاً؟!

ألم يذكر أهل السِّير أن السموأل بن عاديا اليهودي استجاره امرؤ القيس

وأودع عنده أدرعه ..

فجاء خصماؤه ليستنزو لها من حصن السموأل، فأبى السموأل أن يعطيهم الأدرع وقال فيها:

وفيت بأدرع الكندي إني * * * إذا ما ذم أقوام وفيّت

.. وبينما هم كذلك إذ جاء ابن السموأل من الصيد فقبض عليه أولئك القوم

وفيهم رجل يقال له الحارث بن ظالم ..

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير