[قدروا أم ضعفت]
ـ[أبو همام الطنطاوي]ــــــــ[03 - 08 - 2010, 06:36 ص]ـ
الحمد لله وبعد
يا من يعز علينا أن نفارقهم ... وجداننا كل شيء بعدكم عدم
شاردة
"قدروا أم ضعفت"
لما ظننت أن الفسيح ضاق والطيب خبث رأيت المقام يحتاج للقيام
فقلت أجهز رحلي وأزمع المسير لأنيخ رحلي في مكان يطيب فيه المقام
وقبل العزم علي السير ومتابعة الأمر زفرت زفرة تخرج ما استكن في الصدر وقلت لعل القوم ينتبهون
ورغم أني لم أخرج زفرتي من قلبي بل كتمت صوتها وأبكمت حنجرتها
لكنها خرجت ضعيفة ضعيفة
ورغم ضعفها لكنها وجدت أذنا لصوتها المكتوم تسمعها
وقالت هذه الأذن لا تتركنا فنحن في حاجة لك
فقلت: قد قدروا أن يقيموني فنم قرير العين قد عاد المقام لأطيب مما كان
وتبدل الحال وهنأ البال
وشكرت للأذن السميعة البصيرة ما قامت به
أجابت تلك الأذن أنا لم أفعل شيئا ومقامك محفوظ بيننا
وهنا أخذتني نهدة طويلة وقلت لقد أرحت قلبا ظل يعاني قلة الود ولا يري إلا الجفاء والجفاف
وشكوت إليها كم كان اتخاذ قرار الرحيل صعبا وخاصة أني ألفت المقام وأحببت كل ما فيه وتعلقت به
وأخذت أصف لها هيامي بالمكان وأهله
أصف لها وبدقة بالغة كيف صادقت هذا وأحببت هذا وألفت هذا ورافقت هذا وصحبت هذا
كيف أني يستحيل أن أجد مكانا مثله به ما بهذا المكان من ذكريات
أخذت أبث شوقي ولوعتي وأنا في نفسي فرح لأنها أخبرتني بنفس الشعور وظللت أتكلم وتسمع حتي بزغ ضوء النهار
وهنا فزعت إذا لم أر شيئا
وبعدها فطنت أن تلك الأذن لم تكن إلا أذني
يا من يعز علينا أن نفارقهم ... وجداننا كل شيء بعدكم عدم
غفر الله لنا ولكم