لا تبلعهُ!
ـ[زهرة متفائلة]ــــــــ[02 - 08 - 2010, 10:50 م]ـ
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله ... أما بعد:
لا تبلعْه ُ!
مقالة أعجبتني .. لإحدى الكاتبات جزاها الله خيرا وكتب الله لها الأجر والمثوبة / اللهم آمين.
تساؤلات في الحقيقة في مكانها!
كَم مرَّة ابتلعتَ سؤالكَ خشية تذمّر الآخرين؟ وكم مرّة نُعِتَّ بأنك شخص لَجوج، يُكثِر الأسئلة، ويُطيل النِّقاش، ولا يُقنعه أي جواب؟
قد ترتفعُ الأصوات مُجيبة: مرات ومرات، وقد يُجيب البعضُ: أما أنا فقد درّبتُ نفسي على عدمِ السُّؤالِ، مُؤثرًا السَّلامة ـ رغم ما أكابدُهُ من دفع حاجةِ الفهم والتعلّم ـ، مُحاولاً الابتعاد عمّا يُنفِّر النَّاس مني لأُبقِي على محبَّتهم وصداقتهم، فما أقسى العيش دون أصدقاء!
وإذا سألتُ: كَم مرة استطعتَ أن تَتَجاوَزَ ردة فعل الآخرين وتصرّ على طرح الأسئلة؟
فإن الجواب ـ فيما أظن ـ سيأتي على عكس جواب السؤال الأول!
قلّة هم من استطاعوا فعل ذلك غير عابئين بما يُقال عنهم، أو بما يُسفر عنه تصرّفهم من انفضاضِ الناس من حولهم، وما ذلك إلا لأنهم أدركوا أن مفتاح العِلم: السؤال، ومفتاح طرح السؤال: الجُرأة، ومفتاح الحصول على جوابٍ: حسن صياغة السؤال، وحسن اختيار المَسؤول، وحسن مناقشته دون تعنت لرأي أو فكرة، فغايتهم الوصول إلى الحقيقة أيّا كان مصدرها.
كما أنهم عرفوا قيمة العقل، تلك النّعمة التي خصَّهم الله بها دون سائر المخلوقات، فرعوها حق رعايتها باستخدامِها وعدم تعطيلِها!
وعندما فتّشوا في منظومتهم الفكريَّة وجدوها قد تشكَّلت من مصادر مُتعدِّدة عبرَ سنيّ عمرهم: الوالدين، العائلة، المدرسة، الأصدقاء، والإعلام بوسائله المختلفة، وعندما أمعنوا النظر في تلك المصادر وجدوها تفتقرُ في بعض ينابيعِها إلى الصَّفاء والنَّقاء، فهبّوا من غفلتِهم، حاملينَ أسئلتَهم على عاتقِهم باحثينَ لها عن أجوبةٍ وافيةٍ، ساعينَ بكلِّ جدٍّ إلى اكتسابِ المعلومة الجديدة من مصادِرِها النَّقيّة.
إنَّ طرحَ الأسئلة حقٌ لكلِّ شَخص يريدُ أن يزدادَ علمًا ومعرفةً، أو أرادَ أن يستيقنَ من معلومةٍ لديه، وواجبُ من يَعرف أن يقدّم الجوابَ دون تعالٍ أو ضَنّ.
ولنا في نبيّ اللهِ إبراهيم ـ عليه السلام ـ أسوة حسنة حين قال طالبًا: "رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلَكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً وَاعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ " - (البقرة:260)
إنَّه درسٌ عظيمٌ، حريّ بنا أن نقفَ عنده، نتأمَّله لنتعلّمَ مِنه ...
انظر ـ تخيّل ـ: كيف عبّر خليلُ الرَّحمنِ ـ عليه السلام ـ عمَّا يَجيشُ في صدره بوضوح، ورفع طلبَه دونَ خجل أو تردّد.
وانظر كيف اسْتَجَابَ رَبُّ العزَّةِ لَطلبه دون استنكار أو تقريع، فقدّم له تجربة عملية مُشاهدَة يطمئن بها قلبه.
هو مؤمنٌ لم تساوره الشُّكوك، غير أنَّه أرادَ أن يزدادَ يقينًا برؤيتهِ ذلك عيانًا إلى علمهِ به خبرًا، فما يَقرُّ في القلبِ عن يقينٍ لا يُقتَلَع مَهما اشتدَّت المِحَنُ وادلهَمّت الفِتنُ.
والله الموفق
ـ[**ينابيع الهدى**]ــــــــ[02 - 08 - 2010, 11:40 م]ـ
بارك الله فيكِ أختنا الفاضلة زهرة متفائلة
مقال جميل وانتقاء موفق
يقول الخليل بن أحمد: تربع الجهل بين الحياء والكبر في العلم
في ظني أن الذي يريد أن يتعلم ليتقرب من الله وأنه مخلص في طلب العلم و لا يهاب ما يقوله الناس عنه لن يستحي أبدا من السؤال حتى وإن بدا في ظاهره البساطة ولا يخشى ما يقوله الناس عنه من أنه جهل مسألة في العلم أو أنه سأل في مسألة ما كانوا يتوقعون أنه يجهلها .. ولا ينبغي أبدا أن نزجر شخصا سأل سؤالا أراد به العلم .. لأننا بذلك نصده عن طلب العلم وعن أن تتفتح له آفاق و رؤى ما كان يراها.
في الحقيقة استفيد كثيرا من طرح الأسئلة وسماعها من الآخرين حتى وإن لم أجد جوابا .. فعندما يُسأل سؤال أظل أبحث عن الجواب و طوال فترة البحث أتعلم أشياء كثيرة جديدة .. قد لا أصل في النهاية إلى جواب السؤال الذي سُئل لكنني استفدت كثيرا.
أما من يسأل لحاجة غير العلم فهذا مذموم: روى الإمام البخاري في صحيحه عن المغيرة بن شعبة: r أن الرسول:= قال: " إن الله حرّم عليكم عقوق الأمهات ووأد البنات، ومنعًا وهات، وكره لكم ثلاثا: قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال "
قال الحافظ ابن حجر - رحمه الله - عند شرحه لهذا الحديث ما نصه: "وقد ثبت عن جمع من السلف كراهته تكلف المسائل التي يستحيل وقوعها عادة، أو يندر جدًا، وإنما كرهوا ذلك لما فيه من التنطع، والقول بالظن، إذ لا يخلو صاحبه من الخطأ "
ويقول أحد السلف: حُسن السؤال نصف العلم.
بوركتِ أختي الغالية زهرة.
¥