تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[مناورة سياسية!]

ـ[مهاجر]ــــــــ[02 - 07 - 2010, 06:48 ص]ـ

نقلت قناة الجزيرة هذا الأسبوع مشاهد من حفل افتتاح مسجد شمال العاصمة الفرنسية باريس حضره في سابقة فريدة من نوعها رئيس الوزراء الفرنسي.

ويبدو الأمر كما لو كان مناورة سياسية: تعويض رمزي من باب استبقاء الود، عما لحق الجالية الإسلامية من اضطهاد لا سيما في مسألة النقاب والمآذن، فضلا عن تنامي الشعور العدائي للجالية المسلمة، وهي حمى اجتاحت أوروبا بعد أحداث 2001، ويبدو، وهو الأخطر، محاولة اختراق للجالية المسلمة، فهي مبادرة تستقطب فئاما من الجالية الإسلامية، فرئيس الوزراء الفرنسي، كما صرح بنفسه، يستميل الفرنسيين المسلمين بإسلام فرنسي يحترم قيم العلمانية والجمهورية الفرنسية، فخير لهم أن يذبوا عنه كل مظاهر الغلو والتطرف الوافدة على المجتمع الفرنسي المتسامح!، فإسلام فرنسا إسلام ناعم يقبل الاندماج في منظومة القيم الفرنسية، وتلك طريقة تشبه إلى حد كبير طريقة العلمانيين عندنا في مصر في دعوة المصريين المتسامحين المتدينين بفطرتهم، وتلك حقيقة أثبتتها الإحصائيات العالمية فالمصريون أكثر شعوب الأرض تدينا على عاطفة لا تخلو من غلو، في دعوة المصريين إلى نبذ الإسلام القبلي القادم من الجزيرة العربية، فهو إسلام وهابي لا يلائم المجتمع المصري المنفتح المتسامح، فلديه هو الآخر منظومة قيم تتعارض مع الإسلام الصحراوي الجاف!، والحملة المستعرة الآن في بعض وسائل الإعلام المصرية على مقررات دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله ومن ورائها الدعوات التجديدية بالمفهوم الحقيقي للتجديد لا المفهوم العلماني الهلامي الذي يصير الإسلام دينا وجدانيا وشعائريا في أحسن أحواله على وزان النصرانية التي لا دور لها في واقع معتنقيها فقد تركت الدنيا لهم مقابل ترك الآخرة لها برسم التسلط والإرهاب الفكري بالحرمان وهو أمر معروف في أي ملة أو نحلة سرية كهنوتية، تلك الحملة ظاهرة لكل متابع للشأن الفكري المهترئ الذي تعاني منه مصر الآن، فالإسلام المصري، وغالبا ما يراد به التصوف الذي لا ينازع قيصر ملكه! فهو متسامح "زيادة عن اللزوم" كما يقال في لهجتنا الدارجة في مصر!، ذلك الإسلام المصري من جنس الإسلام الفرنسي، ولكل مصر إسلامه!، مع أن الإسلام الذي نزل من السماء واحد.

فخدعة القسمة الثنائية، خدعة معروفة، استعملها البائد: جورج بوش في تقسيم العالم الإسلامي خصوصا، والعالم عموما إلى محورين: محور خير يتبنى قيم المحافظين الجدد في أمريكا ومن يعتنق فكرهم من نصارى أمريكا الإنجيليين أو على أقل تقدير يسكت إقرارا أو عجزا عن مقاومة الغزو الفكري الأمريكي المعاصر الذي ضجت منه أوروبا النصرانية التي تشاطر أمريكا الديانة، فقد سئمت الهيمنة الفكرية لقيم أمريكا فالعالم لا يكون عالما متحضرا إلا من المنظور الأمريكي الذي يتسم بالقوة الغاشمة فحق القوة كمات يقول بعض الفضلاء المعاصرين هو مؤهله الوحيد لقيادة العالم ولو إكراها فإذا كان هذا حال أوروبا فكيف بالشرق المسلم الذي يباين أمريكا الدين والفكر ابتداء، فلم نجتمع معهم على شيء ليصح في الأذهان ما يقوم به وكلاؤهم في بلادنا من تمرير لمشروعهم الفكري إلى العقل المسلم ذي الثوابت والقيم الدينية الراسخة، وفي مقابله: محور شر قائمته مفتوحة فكل من خرج عن النص ولو لم يكن إرهابيا!، فمكانه في القائمة محفوظ!، فأصحاب المناهج الفكرية المنحرفة في العالم الإسلامي لا سيما العلمانيين: هم الثغرات التي ينفذ منها العدو إلى حصن الديانة المحفوظة، ونظير ذلك يحدث الآن في الدول الغربية ذات الأقليات الإسلامية الكبيرة، فترهيب بالتضييق على المسلمين، ومطاردة المظاهر الإسلامية التي تثير حساسية الغرب العنصري كالمآذن والنقاب بل والحجاب في الوقت الذي دشنت فيه الكنيسة الكاثوليكية المهددة بالانقراض بعد الفضائح الأخيرة، دشنت مشروعا فكريا لتنصير أوروبا العلمانية!، فتفلت الأتباع إما إلى الإلحاد وهو أمر تعاني منه الكنيسة من نحو قرنين ويزيد بعد قيام الثورة الفرنسية، وإما إلى الإسلام، دين الفطرة الأولى، ذلك التفلت قد أصاب الكنيسة التي تجاهد جهادا كبيرا لنشر النصرانية في دول العالم الإسلامي وحصونها على وشك الانهيار،

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير