تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

(أي تختبر سرائر الصدور، ويظهر ماكان في القلوب من خير وشر على صفحات الوجوه، قال تعالى: "يوم تبيض وجوه وتسود وجوه "، ففي الدنيا تَنْكَتِم كثير من الأمور، ولا تظهر عيانا للناس، وأما في القيامة، فيظهر برُّ الأبرار، وفجور الفجّار، وتصير الأمور علانية)

مما سبق يتبين لنا عظم شأن القلب والسريرة، حيثُ إنَّها محطُّ نظر الله عز وجل، وعليها مدارُ القبول عنده سبحانه، وحسب صلاحها وفسادها يكون حسن الخاتمة وسوؤها ...

وكلما صلحت السريرة نمت الأعمال الصالحة، وزكت، ولو كانت قليلةً والعكس،

من ذلك في قلة بركة الأعمال، حينما تفسد السريرة ويصيبها من الآفات ما يصيبها ...

وهذا هو الذي يفسر لنا تفوق أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم على غيرهم، ممن جاء بعدهم، والذي قد يكون أكثر من بعض الصحابة عبادةً وقربات.

حيث إنَّ أساس التفاضلِ بين العباد عند الله عز وجل، هو ما وقرَ في القلب من سريرةٍ صالحة، حشوها المحبة

والتعظيم، والإخلاص لله تعالى.

وأخبار السلف في حرصهم على أعمال القلوب، وإصلاح السرائر كثيرة ومتنوعة، وبخاصة فيما يتعلق

بمحبة الله عز وجل،

والخوف منه

وإخلاص العمل له سبحانه،

ومن ذلك:

* قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه:

{القوة في العمل أن لا تؤخر عمل اليوم للغد، والأمانة ألاَّ تخالف سريرةٌ علانية، واتقوا الله عز وجل، فإنما التقوى بالتوقي، ومن يتق الله يقه}

* وعن عثمان رضي الله عنه قال: {ما أسرَّ أحدٌ سريرة إلاَّ أظهرها الله على صفحاتِ وجهه، وفلتات لسانه}.

* وعن نعيم بن حماد قال: سمعت ابن المبارك يقول: ما رأيتُ أحدًا ارتفع مثل مالك، ليس لهُ كثيرُ صلاة ولا صيام، إلاَّ أن تكون له سريرة.

وهناك بعض العلامات الدالة على صلاح السريرة، وسلامة القلب ..

ومنها نعرف ما يضادها من المظاهر، التي تدل على فساد في السريرة ومرض في القلب.

" أول هذه العلامات "

* عناية العبد بأعمال القلوب، ومنها إخلاص الأعمال والأقوال لله عز وجل، ومحاولة إخفائها عن الناس، وكراهة الشهرة والظهور، والزهد في ثناء الناس ....

ويضاد ذلك الرياء، وإرادة الدنيا بعمل الآخرة، وحب الظهور.

* التواضع والشعور بالتقصير، والانشغال بإصلاح النفس وعيوبها، ويضاد ذلك الكبر والعجب، والولع بنقد الآخرين.

* الإنابة إلى الدار الآخرة، والتجافي عن الدنيا، والاستعداد للرحيل، وحفظ الوقت، وتدارك العمر ...

ويضاد ذلك الركون إلى الدنيا، وامتلاءُ القلب بهمومها ومتاعها الزائل، ونسيان الآخرة، وقلة ذكر الله عز وجل، وتضييع الأوقات.

* سلامة القلب من الحقدِ والغلِ والحسد، ويضادُ ذلك امتلاؤه بهذه الأمراض- عياذًا بالله -.

* شدة الخوف من الله عز وجل، ومراقبته في السر والعلن، والمبادرةِ بالتوبة والإنابة من الذنب ..

ويضاد ذلك ضعف الوازع الديني، وقلة الخوف من الله جلَّ وعلا، بحيث إذا خلا بمحارم الله عز وجل انتهكها، وإذا فعل معصيةً لم يتب منها، بل أصر عليها وكابر وتبجح.

* الصدق في الحديث، والوفاء بالعهود وأداء الأمانة، وإنفاذ الوعد، وتقوى الله عز وجل في الخصومة، فكلُّ هذه الخصال تدلُ على صلاحٍ في السريرة،

لأنَّ أضداد هذه الصفات إنما هي من خصال المنافقين، الذين فسدت سرائرهم ...

كما أخبر بذلك الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله: {أربع من كن فيه كان منافقًا خالصًا، ومن كانت فيه خلة منهن كان فيه خلة من نفاق: إذا حدث كذب وإذا عاهد غدر وإذا وعد أخلف وإذا خاصم فجر} رواه البخاري

ويدخل في ذلك ذو الوجهين، الذي يلقى هؤلاء بوجه، وهؤلاء بوجه ..

* قبول الحق والتسليم له، من أي جهة كان، ويضاد ذلك التعصب للأخطاء، والجدال بالباطل، وإتباع الهوى في ذلك.

فظواهرنا ... يراها الناس ... فينصحوننا ... ويوجهوننا ... ويذكروننا ...

أما البواطن ... والسرائر ... وخفايا الصدور ...

فلا يعلم بها إلا من يعلم السر وأخفى ... من يعلم ما في الصدور ... من يعلم السرائر ويبتليها.

فلنحرص على إصلاح السرائر ... قبل أن تبلى السرائر.

،، للشيخ عبدالعزيز بن ناصر،،

قال أبو عثمان: قال لي أبوحفص:

إذا جلست للناس فكن واعظا ً لنفسك وقلبك،

ولا يغرنك اجتماعهم عليك فإنهم يراقبون ظاهرك

والله رقيب على باطنك.

ـ[فصيح البادية]ــــــــ[09 - 06 - 2010, 07:48 م]ـ

بارك الله لك، وأحسن إليك أخي الخبراني ..

كلمات مؤثرة بحق، يدمع لها القلب، ويقول ويحك يا نفس ماذا قدمتي ليوم الفصل؟

ـ[طارق يسن الطاهر]ــــــــ[10 - 06 - 2010, 07:38 ص]ـ

احسنت اخي الخبراني

وأستصحب معي هنا حديث الرسول صلى الله عليه وسلم عندما غضب على أسامة بن زيد رضي الله عنه حينما قتل الذي أعلن " لا إله إلا الله" فقال له: هلا شققت عن قلبه.

لأن ما في القلوب يعلمه الله

ويقول زهير:

ومهما تكن عند امرئ من خليقة ... وإن خالها تخفى عن الناس تعلم

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير