عندما يجتمع شخصان يؤمنان بمبدأ المكسب/ الخسارة والاثنان يتصفان بالعزم والأنانية والعناد تكون النتيجة الخسارة/ الخسارة أي يخسر كلاهما ويصبحان قاسيين ويرغبان في الانتقام أو في التعادل ولا يدركان حقيقة أن الانتقام سلاح ذو حدين وقد يصاب الاثنان بالهوس تجاه الشخص الآخر لدرجة تعميهم عن كل شيء ما عدا الرغبة الرهيبة في خسارة الشخص الآخر (علي وعلى أعدائي) وهذه فلسفة للناس الذين اعتادوا الخسارة ولا مانع عندهم من خسارة الآخرين وهم غالباً تعساء وبرأيهم يجب أن يكون الآخرون تعساء مثلهم
5 - المكسب:
هناك أناس وببساطة لايهمهم الآخر والمهم لديهم المكسب فقط ولا مانع من مكسب الآخرين كذلك ولايجب بالضرورة خسارة الآخرين لكي يكسبوا وعندما لا يشعرون بوجود منافسة يكون المكسب هو النتيجة الوحيدة لديهم فيركز كل تفكيره في تحقيق غايته تاركاً للآخرين مسألة تحقيق غاياتهم كذلك
أي هذه المبادئ الخمسة أفضل برأيك؟؟؟ وأيها الأكثر فعالية؟؟
الإجابة هي: "على حسب"
لو كنت في مباراة كرة قدم فالمكسب وبكل بساطة يعني خسارة الفريق الآخر
ولو كنت تعمل في مكتب بعيد نسبياً عن مكتب آخر ولا عمل بينكما وتريد تحريض دافع التنافس بقصد تفعيل العمل فيمكنك اعتماد مبدأ المكسب/ الخسارة كحث على الحركة والتفاعل دون اعتماده كلياً
وإذا كنت تقدر علاقة ما بينك وبين طرف آخر وحصلت بينكما مشكلة ما ليست بهذه الأهمية فقد ترغب في اتباع مبدأ الخسارة / المكسب لكي تحظى بتقبل الآخر وكأنك تقول له: إن ما أريد تحقيقه لا يساوي علاقتي بك في الأهمية. وسنقوم هذه المرة بالأمر كما ترغب وتريد وقد تستعمل مبدأ الخسارة/ المكسب في موضوع أعمق وأكثر أهمية عندما تشعر أن الوقت والجهد المبذولين من أجل تحقيق المكسب في قضية ما من شأنهما انتهاك قيمك العليا ومبادئك وتختار أن تخسر القضية الأولى لتكسب نفسك ومبادئك .. وربما أن هذه القضية لا تستحق كل هذا الجهد والوقت فقط
وأحياناً قد ترغب بتحقيق المكسب بحيث لا تهتم أبداً لمن هم حولك أو بتأثير هذا المكسب على علاقاتك بالآخرين كأن تكون حياة طفلك معرضة لخطر كبير فقد لا تلقي بالاً لظروف الآخرين فإنقاذ طفلك له الأهمية القصوى لديك
إذن ومن هذه الأمثلة نجد أن أفضل الخيارات يعتد على الواقع. والتحدي الحقيقي لديك هو قراءة الواقع قراءة دقيقة وعدم اعتمادك على نظرية واحدة في حياتك
ولكن لنعلم أن اعتمادنا الدائم مبدأ المكسب / الخسارة دون اهتمامينا بالآخرين قد يعني الفوز في صفقة أو منافسة ولكنه سيجعلنا نخسر حب واحترام الطرف الآخر فأنت خاسر إذن بطريقة أو أخرى
واعتمادنا الدائم مبدأ الخسارة/ المكسب سيجعل الطرف الآخر يعيد النظر في تعامله مع شخص ضعيف متخاذل لا يقوى على المواجهة في العمل والحياة فنخسره نهائياً ونعود إلى الخسارة/ الخسارة ولو فكرت في المكسب دون الاهتمام بأن يكون هذا المكسب على أسس قوية ثابتة من المبادئ ستجعل بنيان هذا المكسب يتقوض ويفشل
وعلى المدى البعيد فإن لم يحقق الطرفان مكسباً فهذا يعني الخسارة لكليهما فالمكسب/ المكسب هو البديل المنطقي الواقعي الناجح لكل العلاقات وإن لم يتوصل هذان الطرفان لحل تعاوني – حل مقبول من كلا الطرفين- يمكنهم حينها المتابعة للتوصل إلى شكل أعلى من المكسب / المكسب وهو شكل
6 - المكسب/ المكسب أولا اتفاق:
أي أننا إذا لم نتوصل لاتفاق يحقق فائدة لكلينا فسنتفق على ألا نتفق فلا عقود تبرم ولا توقعات فمن الواضح أن قيمنا وأهدافنا تسير في اتجاهين مختلفين فلن يكون هناك عمل مشترك بيننا
وحين تضع في ذهنك خيار "لا اتفاق" تشعر بالحرية عند إجراء الاتفاقفلن تضطر إلى التلاعب بالناس لفرض شروطك وجدول أعمالك بل تكون منفتحاً وتحاول الوصول إلى المشكلات العميقة والأوضاع المهمة فالأصل أن نعمل من أجل المكسب / المكسب وإذا لم نتوصل إلى مايرضينا فلنتفق على ألا نتفق لأن هذا أفضل من التعايش مع اتفاق ليس في صالحنا وربما تسنح الفرصة للاتفاق في فرصة أخرى
هذا ما يعطيك مصداقية ويدفع الآخرين للتعامل معك دائماً
هذا ما اقتبسته بتصرف من فقرة صغيرة من كتاب العادات السبع للناس الأكثر فاعلية للمؤلف: ستيفن آر. كوفي
كتاب رائع في دراسة العادات المختلفة للناس عند التعامل فيما بينهم ينسقها ويقسمها ويدرس شخصيات كل شخص يتعامل بكل طريقة والأدوات التي يستعملها
ملاحظة:
درس الأجانب كل هذه الدراسات وأشبعوها تمحيصًا ولو عدنا للكتاب والسنة الشريفة لوجدنا هذه الأسس موجودة أصلاً كالدعوة الشديدة للصدق في التعامل وأن نحب لأخينا مانحب لأنفسنا وأن نتقن أعمالنا وغير ذلك كثير فليتنا نعود لدراسة مصادرنا الشرعية في القرآن والسنة النبوية الشريفة فنوسعها بحثاً وندرسها على ضوء الدراسات النفسية والاجتماعية وأظننا سنصل إلى مجلدات من الدراسات ترفد المجلدات التي قدمها الباحثون المسلمون الأوائل .. لم لا؟؟
شكراً لأنوار التي ذكرتني بالموضوع وبارك فيكم جميعاً.
¥