تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فإذا ما تشابهت كلمتان وجب علينا أن نتحرى الفرق الدقيق بينهما في المعنى وفي مجال الاستعمال.

فهم يفرقون بين السامع والمستمع.

فالمستمع هو المصغي للاستماع المتفرغ له، أما السامع فهو الذي يطرأ عليه الكلام فيسمعه من غير قصد ولا تفرغ.

ويفرقون بين الهم والغم، فالهم يكون لأمر يخشى المرء أن يقع، أما الغم فيكون لأمر قدر وقع فعلا. ويفرقون بين التمني والترجي، فالتمني هو طلب ما يمكن وقوعه وما لا يمكن، أما الترجي فمقصور على طلب ما يمكن وقوعه فقط.

ومثل هذا كثير في لغتنا الجميلة.

ذات الخال"

لشاعر النيل حافظ إبراهيم

هو ثاني الأسماء الشعرية الكبرى التي ترددت في العصر الحديث بعد شوقي أمير الشعراء، وقبل خليل مطران شاعر القطرين، وانفرد هو بتسميته شاعر النيل.

ويقال إن مولده كان في " ذهبية" راسية على شاطىء النيل، حيث كان والده أحد المهندسين المشرفين على قناطر ديروط في صعيد مصر، ويعلق الأستاذ أحمد أمين على ذلك بأنه "كان إرهاصا لطيفا، وإيماء طريفا، إذ شاء القدر ألا يولد شاعر النيل إلا على صفحة النيل ".

وقد انقسم الناس في عصر شوقي وحافظ فريقين،

فريقا فضل حافظا وآثره عمن سواه

وفريقا فضل شوقيا كمعجزة شعرية مع حبه لحافظ وإعجابه به.

والقليل من وقف من الشاعرين موقفا وسطا. ولم يكن عميد الأدب العربي الراحل الدكتور طه حسين بعيدا عن هذا الأمر حين تناوله في كتابه: "حافظ وشوقى " قائلا:

"وصل شوقى في شيخوخته إلى ما وصل إليه حافظ في شبابه، لأن شوقي سكت حين كان حافظ ينطق، ونطق حين اضطر حافظ إلى الصمت، يالسوء الحظ، ليت حافظا لم يوظف قط، وليت شوقي لم يكن شاعر الأمير قط، ولكن هل تنفع شيئا ليت؟

لقد أسكت حافظ ثلث عمره، وسجن شوقي في القصر ربع قرن وخسر بسعادة هذين الشاعرين العظيمين شيئا كثيرا.

ومن أجمل الآثار الشعرية لحافظ إبراهيم قصيدته التي يشكو فيها إلى "ذات الخال " شجونه وأشواقه ومكابداته، وما فعلته العيون بسهامها التي لا ترحم

.. ويقول:

كم تحت أذيال الظلام متيم= دامي الفؤاد، وليله لا يعلم

ما أنت في دنياك أول عاشق = راميه لا يحنو، ولا يترحم

أهرمتني ياليل في شرخ الصبا = كم فيك ساعات تشيب وتهرم

لا أنت تقصر لي ولا أنا مقصر =أتعبتني وتعبت، هل من يحكم؟

لله موقفنا وقد ناجيتها =بعظيم ما يخفي الفؤاد ويكتم

قالت: من الشاكي؟ تسائل= سربها عني، ومن هذا الذي يتظلم؟

فأجبنها - وعجبن كيف تجاهلت - = هو ذلك المتوجع المتألم

أنا من عرفت ومن جهلت، ومن له =- لولا عيونك - حجة لا تفحم

أسلمت نفسي للهوى، وأظنها =مما يجشمها الهوى لا تسلم

وأتيت يحدوني الرجاء، ومن أتى = متحرما بفنائكم لا يحرم

أشكو لذات الخال ما صنعت بنا = تلك العيون، وما جناه المعصم

لا السهم يرفق بالجريح، ولا الهوى = يبقي عليه ولا الصبابة ترحم

لو تنظرين إليه في جوف الدجى = متململا من هول ما يتجشم

يمشي إلى كنف الفراش محاذرا =وجلا، يؤخر رجله ويقدم

يرمي الفراش بناظريه، وينثني = جزعا، ويقدم بعد ذاك ويحجم

فكأنه - واليأس ينسف نفسه -= للقتل فوق فراشه يتقدم

رشفت به في كل جنب سدته = وانساب فيه بكل ركن أرقم

فكأنه في هوله وسعيره= واد قد اطلعت عليه جهنم

هذا وحقك بعض ما كابدته = من ناظريك، وما كتمتك أعظم

قالوا: أهذا أنت! ويحك فاتئد = حتام تنجد في الغرام وتتهم؟

كم نفثة لك تستثير بها الهوى = هاروت في أثنائها يتكلم

إنا سمعنا عنك ما قد رابنا = وأطال فيك وفي هواك اللوم

فاذهب بسحرك قد عرفتك، واقتصد = فيما تزين للحسان وتوهم

أصغت إلى قول الوشاة فأسرفت = في هجرها، وجنت علي وأجرموا

حتى إذا يئس الطبيب وجاءها = أني تلفت، تندمت وتندموا

وأتت تعود مريضها، لا بل أتت =مني تشيع راحلا لو تعلم

ـ[السراج]ــــــــ[10 - 08 - 2010, 06:44 ص]ـ

جميل جداً هذا الكلام ..

وما هذا إلا غيض من فيض ..

بارك الله فيكِ ..

ـ[طارق يسن الطاهر]ــــــــ[10 - 08 - 2010, 10:03 ص]ـ

جزاك الله خيرا أختي الكريمة

فانتقاؤك رائع

فيه بيان لسر هذه اللغة الخالدة

شهر مبارك

ـ[غدي الامل]ــــــــ[10 - 08 - 2010, 05:12 م]ـ

جزاكم الله خيرا

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير