تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقال جل شأنه: {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [التوبة/ 105]

وقال جل شأنه: {وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3)} سورة العصر

فجعل الله الفوز وعدم الخسران متوقف ومشروط بالعمل مع الإيمان.

والعمل هو الذي به ثقل الحسنات قال الله تعالى: {وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فأولئك الذين خسروا أَنْفُسَهُم} [الأعراف: 9]، لأن الموازين هي معايير الأعمال كما تقدم {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ} [الزلزلة: 7].

وقال تعالى: {فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ (6) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ (7) وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ (8) فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ (9) وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ (10) نَارٌ حَامِيَةٌ (11)} [سورة القارعة]

وأخرج أحمد في المسند بإسناد حسن عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السلمي قَالَ حَدَّثَنَا مَنْ كَانَ يُقْرِئُنَا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَقْتَرِئُونَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشْرَ آيَاتٍ فَلَا يَأْخُذُونَ فِي الْعَشْرِ الْأُخْرَى حَتَّى يَعْلَمُوا مَا فِي هَذِهِ مِنْ الْعِلْمِ وَالْعَمَلِ قَالُوا فَعَلِمْنَا الْعِلْمَ وَالْعَمَلَ.

وجاء في الزهد لأبي داود (ح 249) وفي جامع بيان العلم (635) أن أبا الدرداء قال: من يزدد علما يزدد وجعا، ولا أخاف أن يقال لي: يا عويمر ماذا علمت؟ ولكني أخاف أن يقال لي: يا عويمر ماذا عملت فيما علمت؟.

وأخرج الدارمي في السنن (260) عن معاذ بن جبل أنه قال: اعملوا ما شئتم بعد ان تعلموا فلن يأجركم الله بالعلم حتى تعملوا.

وقال سفيان الثوري رحمه الله: «لو لم أعلم كان أقل لحزني» جامع بيان العلم (635).

فتعالوا بنا أحبتي لنرى صورا لتلقي الصحابة رضوان الله عليهم للوحي وللعلم وللأمر وللنهي.

الصحابة الذين إذا أمروا امتثلوا،وإذا نهوا انتهوا،وإذا نصحوا انتصحوا، وإذا قالوا عملوا، وإذا عملوا أتقنوا، قوم تعلموا العلم والعمل.

إني رضيت عليا قدوة علما كما رضيت عتيقا صاحب الغار

وقد رضيت أبا حفص وشيعته وما رضيت بقتل الشيخ في الدار

كل الصحابة عندي قدوة علم فهل علي بهذا القول من عار

إن كنت تعلم أني لا أحبهم إلا لوجهك فاعتقني من النار

(1) ها هي الصحابية بريرة رضي الله عنها لما أعتقتها عائشة رضي الله عنها وكانت زوجة تحت عبد يقال له مغيث فلما أعتقت خيرت فاختارت فراقه فجاء النبي صلى الله عليه وسلم ليشفع له كما أخرج البخاري ومسلم عن ابن عباس: أن زوج بريرة عبد أسود يقال له مغيث كأني أنظر إليه يطوف خلفها يبكي ودموعه تسيل على لحيته فقال النبي صلى الله عليه و سلم لعباس (يا عباس ألا تعجب من حب مغيث بريرة ومن بغض بريرة مغيثاً). فقال النبي صلى الله عليه و سلم (لو راجعته). قالت يا رسول الله تأمرني؟ قال (إنما أنا أشفع). قالت لا حاجة لي فيه.

والشاهد أن بريرة قالت: تأمرني؟ لأنه لو كان أمرا لرجعت إليه، طاعة لله ولرسوله، فلما علمت أنها مجرد شفاعة اختارت نفسها.

(2) ذكر الطبري في تفسير قول الله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا (36)} الأحزاب.

ذكر أن هذه الآية نزلت في زينب بنت جحش حين خطبها رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم على فتاه زيد بن حارثة، فامتنعت من إنكاحه نفسها. فبينما هما يتحدثان أنزل الله هذه الآية على رسوله (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ .... ) إلى قوله (ضَلالا مُبِينًا) قالت: قد رضيته لي يا رسول الله مَنكحًا؟ قال: "نعم" قالت: إذن لا أعصي رسول الله، قد أنكحته نفسي.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير