تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

4 - و أخرج الإمام أحمد وابن أبي شيبة عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «رَأَيْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي رِجَالًا تُقْرَضُ شِفَاهُهُمْ بِمَقَارِيضَ مِنْ نَارٍ، كُلَّمَا قُرِضَتْ رَجَعَتْ، فَقُلْتُ لِجِبْرِيلَ مَنْ هَؤُلَاءِ؟ قَالَ: هَؤُلَاءِ خُطَبَاءُ مِنْ أُمَّتِكَ، كَانُوا يَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَيَنْسَوْنَ أَنْفُسَهُمْ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا يَعْقِلُونَ».

وقال رجلٌٌ لابنِ عباسٍ: أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر، فقال له ابن عباس: إن لم تخش أن تفضحك هذه الآيات الثلاث فافعل، وإلا فابدأ بنفسك، ثم تلا {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ} [البقرة:44].

وقوله تعالى: {كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ} [الصف:3].

وقوله تعالى حكاية عن شعيب عليه السلام: {وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ} [هود: 88]. أخرجه البيهقي في شعب الإيمان

ولقد أحسن أبو الأسود الدؤلي حين قال:

يا أيها الرجل المعلم غيره هلا لنفسك كان ذا التعليمُ

تصف الدواء لذي السقام وذي الضنى كيما يصح به وأنت سقيمُ

ونراك تصلح بالرشاد عقولنا أبداً وأنت من الرشاد عديمُ

ابدأ بنفسك فانهها عن غيها فإذا انتهت عنه فأنت حكيمُ

فهناك يقبل ما وعظت ويقتدى بالعلم منكَ وينفعُ التعليمُ

لا تنه عن خلق وتأتي مثله عار عليك إذا فعلت عظيمُ

وقال أبو العتاهية:

يا واعظ الناس قد أصبحت متهما** إذ عبت منهم أمورا أنت تأتيها

كلابس الثوب من عري وعورته ... للناس بادية ما إن يواريها

وأعظم الذنب بعد الشرك تعلمه ** في كل نفس عماها عن مساويها

عرفانها بذنوب الناس تبصرها ... منهم ولا تعرف العيب الذي فيها

وقال أيضاً:

وصفت التقى حتى كأنك ذو تقي ** وريح الخطايا من ثيابك يسطع

وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليلة أسري بي مررت على ناس تقرض شفاههم بمقارض من نار، فقلت: يا جبريل، من هؤلاء؟ قال: هؤلاء الخطباء من أهل الدنيا، يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم وهم يتلون الكتاب أفلا يعقلون".

وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الذين يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم يجرون قُصْبَهم في نار جهنم، فيقال لهم: من أنتم؟ فيقولون: نحن الذين كنا نأمر الناس بالخير وننسى أنفسنا".

ولكن على المرء أن يدعو ويصلح نفسه:

قال بعض أهل العلم: لا يمنعكم سوء ما تعلمون منا أن تعملوا بأحسن ما تسمعون منا.

وقال بعضهم: لا تنظر إلى عمل العالم ولكن اسأله يصدقك.

ووقف رجلٌ على ابن عيينة وهو يعظ الناس فأنشد:

وغير تقي يأمر الناس بالتقى ... طبيب يداوي الناس وهو مريض

فأنشده ابن عيينة:

اعمل بعلمي وإن قصرتُ في عملي ... ينفعك علمي ولا يضرُرْك تقصيري

" فيجب على الإنسان أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ويدعو إلى الله، وتقصيره في دينه ليس عذراً له في ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الله، ولو لم يعظ إلا معصوم من الزلل لم يعظ الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد لأنه لا عصمة لأحد بعده.

لئن لم يعظ العاصين من هو مذنب ... فمن يعظ العاصين بعد محمد

قيل للحسن: إن فلاناً لا يعظ ويقول: أخاف أن أقول ما لا أفعل، فقال الحسن: وأينا يفعل ما يقول، ود الشيطان أنه ظفر بهذا فلم يأمر أحد بمعروف ولم ينه عن منكر.

وقال مالك عن ربيعة: قال سعيد بن جبير: لو كان المرء لا يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر حتى لا يكون فيه شيء، ما أمر أحد بمعروف ولا نهى عن منكر، قال مالك: وصدق! ومن ذا الذي ليس فيه شيء.

من ذا الذي ما ساء قط ... ومن له الحسنى فقط.

خطب عمر بن عبد العزيز رحمه الله يوماً فقال في موعظته: إني لأقول هذه المقالة وما أعلم عند أحد من الذنوب أكثر مما أعلم عندي، فأستغفر الله وأتوب إليه.

وكتب إلى بعض نوابه على بعض الأمصار كتاباً يعظه فيه وقال في آخره: وإني لأعظك بهذا وإني لكثير الإسراف على نفسي، غير محكم لكثير من أمري، ولو أن المرء لا يعظ أخاه حتى يحكم نفسه إذاً لتواكل الخير، وإذاً لرفع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإذاً لاستحلت المحارم، وقل الواعظون والساعون لله بالنصيحة في الأرض.

وهذا محمول منهم رضي الله عنهم على هضم أنفسهم؛ وإلا فقد كانوا أئمة هدى ومصابيح دجى، ونحن علينا أن نسدد ونقارب، ونحاول أن نكون قدوة لغيرنا، فإن غلبتنا أنفسنا وظفر الشيطان منا ببعض الأمور فليس ذلك عذراً لترك الدعوة إلى الله. والله أعلم.

[/ URL] ( ([1] القول البين الأظهر في الدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (ص 70 ,71 ,72) للشيخ عبد العزيز بن عبد الله الراجحي

( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=27#_ftnref1)([2]) البخاري: بدء الخلق (3267) , ومسلم: الزهد والرقائق (2989) , وأحمد (5/ 205,5/ 206,5/ 207,5/ 209).

[ URL="http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=27#_ftnref3"]

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير