هؤلاء علماؤنا رضينا علمهم و درسنا على كتبهم، فلم لا نرضى طريقتهم في الطلب؟.
فأفضل طريقة الآن هي دراسة الفقه عن طريق أحد هذه المذاهب المتبعة:"الحنفي و المالكي و الشافعي و الحنبلي "،شرط ألا يتعصب للمذهب بعد معرفته الحق بدليله دون تقليد، لأن كثيرا من الطلبة يهرب من تقليد الإمام مالك-رضي الله عنه- مثلا، فيسقط في تقليد الشوكاني أو الصنعاني ... أو حتى الألباني و ابن عثيمين و ابن باز – رحمهم الله جميعا -.
بل إذا ظهر له الحق بعد دربة على الفقه و غوص في كتبه مع تحصيل الأصول و القواعد يجب عليه اتباع الحق.
و للتوسع في هذا الباب عليك أخي الحبيب بكتاب"برنامج فقهي للمبتدئين" للشيخ عبد العزيز القارئ ـ حفظه الله ـ فقد أجاد و أفاد.
ما المقصود بالمذهب في اصطلاح العلماء؟
يقول العلامة الشنقيطي-رحمه الله-: (الصوارم و الأسنة) 3
مذهب مالك إذا قيل المراد منه الذي لمالك فيه اجتهاد
و غيره مما عليه النص لا يعد مذهبا له مؤصلا
فعزو مذهب لذي اجتهاد بعد وجود النص ذو فساد
بل كل ما ثبت بالدليل ينسب للإله و الرسول
المذهب في اللغة: مصدر ميمي يطلق على الطريقة و مكان الذهاب و زمانه.
و في الاصطلاح: قال الإمام القرافي:"مذهب مالك ما اختص به من الأحكام الشرعية الفروعية الاجتهادية، و ما اختص به من أسباب الأحكام، و الشروط، و الموانع، و الحجاج المثبتة لها."إهـ 4
و قال العلامة أحمد الدردير:"مذهب مالك مثلا: عبارة عما ذهب إليه من الأحكام الاجتهادية التي بذل وسعه في تحصيلها. إهـ.5
سبب اختيار المذهب المالكي:
اخترت المذهب المالكي، لأسباب منها:
أولا: مذهب الإمام مالك-رضي الله عنه- مذهب أهل المدينة و هو أصح مذاهب الأمصار في الأصول و الفروع كما قال شيخ الاسلام ابن تيمية-رحمه الله-،وله رسالة ضمن الفتاوي هي:"صحة أصول مالك و أهل المدينة" انتصر فيها للمذهب المالكي و بيّن صحة أصوله و فروعه. 6
ثانيا: المذهب المالكي، مذهب أهل الحديث في زمانه, و مالك أمير المؤمنين في الحديث كما وصفه بذلك يحيى بن معين -رحمه الله - فهو مذهب أصل اعتماده على الأحاديث و الآثار و سند مالك السلسلة الذهبية.
رابعا: عراقة المذهب المالكي، فهو ضارب بجذوره في التاريخ الإسلامي و حكم 7 مدة تزيد على الإثنى عشر قرنا، فلا شك في وجود ثراء في كتبه في القضاء و السياسة الشرعية و الجهاد .... إلخ.
أصول المذهب المالكي:
يقول ابن تيمية-رحمه الله-:"من تدبر أصول الإسلام، وقواعد الشريعة وجد أصول مالك و أهل المدينة أصح الأصول و القواعد."إهـ 8
"و أدق إحصاء لأصول المذهب المالكي هو ما ذكره القرافي، فقد ذكر أن أصول المذهب هي:
القرآن، و السنة و الإجماع و الإجماع، و إجماع أهل المدينة،و القياس، و قول الصحابي، و المصلحة المرسلة، و العرف و العادات، و سد الذرائع، و الاستصحاب، و الاستحسان."إهـ 9
مراحل تحصيل المذهب المالكي:
وسأجمع بين طريقة المغاربة و المصريين فهي مفيدة جدا لتأسيس الفقه.
المرحلة الأولى:
1 - يبدأ الطالب " بمتن الأخضري" المسمى"هداية المتعبد السالك" و ليقتن معه شرح العلامة صالح عبد السميع الآبي، (في المذهب المالكي عالمان: الأُبي-بضم الهمز-متقدم و الآبي-بالألف الممدودة-متأخر من علماء الأزهر) بتحقيق الأستاذ أحمد مصطفى قاسم الطهطاوي -حفظه الله -، طبعة دار الفضيلة.
و عليه شرح بالدليل يسمى:" حل المسائل في شرح مختصر الأخضري بالدلائل" للحاج سعد بن عمر بن سعيد جليا توري، و هو مطبوع بدار الرشاد الحديثة/الدار البيضاء.
وبعد ضبط المتن جيدا و فهمه مع الشرح، ينتقل إلى:
2 - "متن العشماوية" لعبد الرحمن العشماوي المصري، و عليه بشرح العلامة الآبي و إن وجد تحقيق الطهطاوي فحسن. فإن ضبط المتن مع الشرح جيدا، انتقل لشرح العلامة المحقق شيخ مشايخنا عبد العزيز بن الصديق الغماري -رحمه الله -المسمى" إتحاف ذوي الهمم العالية بشرح العشماوية" وهو شرح بالدليل. طبعة دار البشائر.
فإن ضبطه و ضبط أدلته جيدا، انتقل للمرحلة الثانية.
هذا في الفقه أما في أصول الفقه، فعليه ألا يبدأ في الأصول حتى يقرأ بعض فروع الفقه، كي يستطيع تطبيق الأصول على الفروع. و إليك التفصيل:
¥