تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

(33) ومن أمثلة ذلك ما وقع في قصة إسلام أبي طلحة فيما رواه النسائي عن أنس قال تزوج أبو طلحة أم سليم فكان صداق ما بينهما الإسلام أسلمت أم سليم قبل أبي طلحة فخطبها فقالت إني قد أسلمت فإن أسلمت تزوجتك فأسلم فتزوجته وهو محمول على أنه رغب في الإسلام ودخله من وجهة وضم إلى ذلك إرادة التزويج المباح فصار كمن نوى بصومه العبادة والحمية، أو بطوافه العبادة وملازمة الغريم.

(34) واختار الغزالي فيما يتعلق بالثواب أنه إن كان القصد الدنيوي هو الأغلب لم يكن فيه أجر أو الديني أجر بقدره وإن تساويا فتردد القصد بين الشيئين فلا أجر.

(35) وأما إذا نوى العبادة وخالطها شيء مما يغاير الإخلاص فقد نقل أبو جعفر بن جرير الطبري عن جمهور السلف أن الاعتبار بالابتداء فإن كان ابتداؤه لله خالصا لم يضره ما عرض له بعد ذلك من إعجاب وغيره والله أعلم.

(36) واستدل بهذا الحديث على أنه لا يجوز الإقدام على العمل قبل معرفة الحكم لأن فيه أن العمل يكون منتفيا إذا خلا عن النية ولا يصح نية فعل الشيء إلا بعد معرفة حكمه وعلى أن الغافل لا تكليف عليه لأن القصد يستلزم العلم بالمقصود والغافل غير قاصد.

(37) وعلى أن من صام تطوعا بنية قبل الزوال أن لا يحسب له إلا من وقت النية وهو مقتضى الحديث لكن تمسك من قال بانعطافها بدليل آخر ونظيره حديث من أدرك من الصلاة ركعة فقد أدركها أي أدرك فضيلة الجماعة أو الوقت وذلك بالانعطاف الذي اقتضاه فضل الله تعالى.

(38) وعلى أن الواحد الثقة إذا كان في مجلس جماعة ثم ذكر عن ذلك المجلس شيئا لا يمكن غفلتهم عنه ولم يذكره غيره أن ذلك لا يقدح في صدقه خلافا لمن أعل بذلك لأن علقمة ذكر أن عمر خطب به على المنبر ثم لم يصح من جهة أحد عنه غير علقمة.

(39) واستدل بمفهومه على أن ما ليس بعمل لاتشترط النية فيه ومن أمثلة ذلك جمع التقديم فإن الراجح من حيث النظر أنه لا يشترط له نية بخلاف ما رجحه كثير من الشافعية وخالفهم البلقيني وقال الجمع ليس بعمل وإنما العمل الصلاة ويقوى ذلك أنه عليه الصلاة و السلام جمع في غزوة تبوك ولم يذكر ذلك للمأمومين الذين معه ولو كان شرطا لأعلمهم به.

(40) واستدل به على أن العمل إذا كان مضافا إلى سبب ويجمع متعدده جنس أن نية الجنس تكفى كمن أعتق عن كفارة ولم يعين كونها عن ظهار أو غيره لأن معنى الحديث أن الأعمال بنياتها والعمل هنا القيام بالذي يخرج عن الكفارة اللازمة وهو غير محوج إلى تعيين سبب وعلى هذا لو كانت عليه كفارة وشك في سببها أجزأه إخراجها بغير تعيين.

(41) وفيه زيادة النص على السبب لأن الحديث سيق في قصة المهاجر لتزويج المرأة فذكر الدنيا مع القصة زيادة في التحذير والتنفير وقال البلقيني فيه إطلاق العام وإن كان سببه خاصا فيستنبط منه الإشارة إلى أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.

(42) فائدة: ذكر ابن رجب أن العمل لغير الله على أقسام:

فتارة يكون رياء محضا لا يقصد به سوى مراءاة المخلوقين لتحصيل غرض دنيوي، هذا لا يكاد يصدر من مؤمن، ولا شك في أنه يحبط العمل وأن صاحبه يستحق المقت من الله والعقوبة.

وتارة يكون العمل لله ويشاركه الرياء، فإن شاركه من أصله فإن النصوص الصحيحة تدل على بطلانه وإن كان اصل العمل لله ثم طرأ عليه نية الرياء، ودفعه صاحبه فإن ذلك لا يضره بغير خلاف، وقد اختلف العلماء من السلف في الاسترسال في الرياء الطارئ: هل يحبط العمل أو لا يضر فاعله ويجازى على أصل نيته.

ـ[أبو عمر البديري]ــــــــ[16 - 04 - 10, 11:16 م]ـ

الحديث الثاني:

عَنْ أبي هريرة رَضِيَ الله عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا يَقْبَلُ الله صَلاةَ أحَدكُمْ إذَا أحْدَثَ حَتَى يَتَوضًأ ".

(1) المراد بالقبول هنا ما يرادف الصحة وهو الأجزاء.

وحقيقة القبول ثمرة وقوع الطاعه مجزئة رافعة لما في الذمة ولما كان الإتيان بشروطها مظنة الأجزاء الذي القبول ثمرته عبر عنه بالقبول مجازا.

(2) وأما القبول المنفي في مثل قوله صلى الله عليه و سلم من أتى عرافا لم تقبل له صلاة فهو الحقيقي لأنه قد يصح العمل ويتخلف القبول لمانع ولهذا كان بعض السلف يقول لأن تقبل لي صلاة واحدة أحب إلى من جميع الدنيا قاله بن عمر قال لأن الله تعالى قال انما يتقبل الله من المتقين.

(3) قوله (أحدث) أي وجد منه الحدث والمراد به الخارج من أحد السبيلين وإنما فسره أبو هريرة بأخص من ذلك تنبيها بالأخف على الاغلظ ولانهما قد يقعان في اثناء الصلاة أكثر من غيرهما.

(4) وأما باقي الأحداث المختلف فيها بين العلماء كمس الذكر ولمس المرأة والقيء ملء الفم والحجامة فلعل أبا هريرة كان لا يرى النقض بشيء منها وعليه مشى البخاري كما في باب من لم ير الوضوء الا من المخرجين وقيل أن أبا هريرة اقتصر في الجواب على ما ذكر لعلمه أن السائل كان يعلم ما عدا ذلك وفيه بعد.

(5) واستدل بالحديث على بطلان الصلاة بالحدث سواء كان خروجه اختياريا أم اضطراريا.

(6) وعلى أن الوضوء لا يجب لكل صلاة لأن القبول انتفى إلى غاية الوضوء وما بعدها مخالف لما قبلها فاقتضى ذلك قبول الصلاة بعد الوضوء مطلقا.

(7) قوله يتوضأ أي بالماء أو ما يقوم مقامه وقد روى النسائي بإسناد قوي عن أبي ذر مرفوعا: (الصعيد الطيب وضوء المسلم) فأطلق الشارع على التيمم أنه وضوء لكونه قام مقامه.

(8) ولا يخفى أن المراد بقبول صلاة من كان محدثا فتوضأ أي مع باقي شروط الصلاة والله أعلم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير