ـ[أبو عمر البديري]ــــــــ[17 - 04 - 10, 11:30 ص]ـ
بقية فوائد الحديث السادس:
(21) وهذا كله في حق من قام من النوم لما دل عليه مفهوم الشرط وهو حجة عند الأكثر.
أما المستيقظ فيستحب له الفعل لحديث عثمان وعبد الله بن زيد ولا يكره الترك لعدم ورود النهي فيه وقد روى سعيد بن منصور بسند صحيح عن أبي هريرة أنه كان يفعله ولا يرى بتركه بأسا
(22) قوله (قبل أن يدخلها) ولمسلم وبن خزيمة وغيرهما من طرق (فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها) وهي أبين في المراد من رواية الادخال لأن مطلق الادخال لا يترتب عليه كراهة كمن ادخل يده في إناء واسع فاغترف منه بإناء صغير من غير أن تلامس يده الماء
(23) قوله (في الاناء) فيه روايات:
الثانية: وللبخاري (في وضوئه) بفتح الواو أي الإناء الذي أعد للوضوء
الثالثة: ولابن خزيمة في إنائه أو وضوئه على الشك والظاهر اختصاص ذلك بإناء الوضوء ويلحق به إناء الغسل لأنه وضوء وزيادة وكذا باقي الانية قياسا لكن في الاستحباب من غير كراهة لعدم ورود النهي فيها عن ذلك والله أعلم.
(24) وخرج بذكر الإناء البرك والحياض التي لا تفسد بغمس اليد فيها على تقدير نجاستها فلا يتناولها النهي والله أعلم.
(25) قوله فان أحدكم قال البيضاوي فيه إيماء إلى أن الباعث على الأمر بذلك احتمال النجاسة لأن الشارع إذا ذكر حكما وعقبة بعله دل على أن ثبوت الحكم لاجلها ومثله قوله في حديث المحرم الذي سقط فمات فإنه يبعث ملبيا بعد نهيهم عن تطييبه فنبه على علة النهي وهي كونه محرما.
(26) قوله لايدري فيه أن علة النهي احتمال هل لاقت يده ما يؤثر في الماء أو لا ومقتضاه الحاق من شك في ذلك ولو كان مستيقظا ومفهومه أن من دري أين باتت يده كمن لف عليها خرقة مثلا فاستيقظ وهي على حالها أن لا كراهة وأن كان غسلها مستحبا على المختار كما في المستيقظ ومن قال بان الأمر في ذلك للتعبد كمالك لا يفرق بين شاك ومتيقن.
(27) واستدل بهذا الحديث على التفرقه بين ورود الماء على النجاسة وبين ورود النجاسة على الماء وهو ظاهر.
(28) وعلى أن النجاسة تؤثر في الماء وهو صحيح لكن كونها تؤثر التنجيس وأن لم يتغير فيه نظر لأن مطلق التاثير لا يدل على خصوص التاثير بالتنجيس فيحتمل أن تكون الكراهة بالمتيقن أشد من الكراهة بالمظنون قاله بن دقيق العيد ومراده أنه ليست فيه دلاله قطعيه على من يقول أن الماء لا ينجس الا بالتغيير.
(29) قوله أين باتت يده أي من جسده قال الشافعي رحمه الله كانوا يستجمرون وبلادهم حارة فربما عرق أحدهم إذا نام فيحتمل أن تطوف يده على المحل أو على بثرة أو دم حيوان أو قذر غير ذلك وتعقبه أبو الوليد الباجي بان ذلك يستلزم الأمر بغسل ثوب النائم لجواز ذلك عليه وأجيب بأنه محمول على ما إذا كان العرق في اليد دون المحل أو أن المستيقظ لا يريد غمس ثوبه في الماء حتى يؤمر.
بغسله بخلاف اليد فإنه محتاج إلى غمسها وهذا أقوى الجوابين والدليل على أنه لا اختصاص لذلك بمحل الاستجمار وما رواه بن خزيمة وغيره من طريق محمد بن الوليد عن محمد بن جعفر عن شعبة عن خالد الحذاء عن عبد الله بن شقيق عن أبي هريرة في هذا الحديث قال في آخره أين باتت يده منه وأصله في مسلم دون قوله منه قال الدارقطني تفرد بها شعبة وقال البيهقي تفرد بها محمد بن الوليد قلت ان أراد عن محمد بن جعفر فمسلم وأن أراد مطلقا فلا فقد قال الدارقطني تابعه عبد الصمد عن شعبة وأخرجه بن منده من طريقه.
(30) في الحديث استحباب غسل النجاسة ثلاثا لأنه أمرنا بالتثليث عند توهمها فعند تيقنها أولي
(31) أن القليل من الماء لا يصير مستعملا بإدخال اليد فيه لمن أراد الوضوء قاله الخطابي صاحب الخصال من الشافعية,
(32) وفي لفظ لمسلم:"فَلْيَسْتَنْشقْ بِمِنْخَرَيْهِ من الماء وفي لفظ: "مَنْ تَوَضَّأ فَلْيَسْتَنْشِقْ
هذا الحديث بهذا اللفظ من الأصول التي لم يوصلها البخاري واكتفى بروايتها معلقا وقد أخرجه مسلم من طريق همام عن أبي هريرة ورويناه في مصنف عبد الرزاق وفي نسخه همام من طريق الطبراني عن إسحاق عنه عن معمر عن همام ولفظه إذا توضأ أحدكم فليستنشق بمنخره الماء ثم ليستنثر.
(33) قال ابن رحب:
وقوله فليستنثر أكثر فائدة من قوله فليستنشق لأن الاستنثار يقع على الاستنشاق بغير عكس فقد يستنشق ولا يستنثر والاستنثار من تمام فائدة الاستنشاق لأن حقيقة الاستنشاق جذب الماء بريح الأنف إلى أقصاه والاستنثار إخراج ذلك الماء والمقصود من الاستنشاق تنظيف داخل الأنف والاستنثار يخرج ذلك الوسخ مع الماء فهو من تمام الاستنشاق وقيل أن الاستنثار مأخوذ من النثرة وهي طرف الأنف وقيل الأنف نفسه فعلى هذا فمن استنشق فقد استنثر لأنه يصدق أنه تناول الماء بأنفه أو بطرف أنفه وفيه نظر.