تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وفي الإحياء ذكر هذا الحديث يعني تقسيم البطن أثلاثا لبعض الفلاسفة فقال: ما سمعت كلاما في قلة الأكل أحكم من هذا , ولا شك أن أثر الحكمة فيه واضح , وإنما خص الثلاثة بالذكر ; لأنها أسباب حياة الحيوان ولأنه لا يدخل البطن سواها وهل المراد بالثلث التساوي على ظاهر الخبر أو التقسيم إلى ثلاثة أقسام متقاربة. قال في الفتح محل احتمال , والأول أولى , وقال (الحارث بن كلدة) طبيب العرب: " الحمية رأس الدواء , والبطنة رأس الداء) ورفعه بعضهم ولا يصح أيضا قال الحافظ ,

وقال الحارث أيضا: الذي قتل البرية , وأهلك السباع في البرية , إدخال الطعام على الطعام , قبل الانهضام. .))

ـ[أبو مشاري]ــــــــ[14 - 03 - 05, 10:41 م]ـ

أنقل هنا كلام ابن خلدون في مقدمته في المقدمة الخامسة بطوله لنفاسة كلامه فيما نحن في صدده:

((المقدمة الخامسة

في اختلاف أحوال العمران في الخصب والجوع

وما ينشأ عن ذلك من الأثار في أبدان البشر وأخلاقهم

اعلم أن هذه الأقاليم المعتدلة ليس كلها يوجد بها الخصب ولا كل سكانها في رغد من العيش،

بل فيها ما يوجد لأهله خصب العيش، من الحبوب والأدم والحنطة والفواكه لزكاء المنابت واعتدال الطينة ووفور العمران، وفيها الأرض الحرة التي لا تنبت زرعاً ولا عشباً بالجملة، فسكانها في شظف من العيش: مثل أهل الحجاز وجنوب اليمن ومثل الملثمين من صنهاجة الساكنين بصحراء المغرب وأطراف الرمال فيما بين البربر والسودان، فإن هؤلاء يفقدون الحبوب والأدم جملة، وإنما أغذيتهم وأقواتهم الألبان واللحوم، ومثل العرب أيضاً الجائلين في القفار، فإنهم وإن كانوا يأخذون الحبوب والأدم من التلول إلا أن ذلك في الأحايين وتحت ربقة من حاميتها، وعلى الإقلال لقلة وجدهم،

فلا يتوصلون منه إلى سد الخلة أودونها فضلاً عن الرغد والخصب، وتجدهم يقتصرون في غالب أحوالهم على الألبان وتعوضهم من الحنطة أحسن معاض. وتجد مع ذلك هؤلاء الفاقدين للحبوب والأدم من أهل القفار أحسن حالاً في جسومهم وأخلاقهم من أهل التلول المنغمسين في العيش: فألوانهم أصفى، وأبدانهم أنقى، وأشكالهم أتم وأحسن، وأخلاقهم أبعد من الانحراف، وأذهانهم أثقب في المعارف والإدراكات. هذا أمر تشهد له التجربة في كل جيل منهم. فكثير ما بين العرب والبربر فيما وصفناه، وبين الملثمين وأهل التلول. يعرف ذلك من خبره والسبب في ذلك

واللة أعلم إن كثرة الأغذية وكثرة الأخلاط الفاسدة العفنة ورطوباتها تولد في الجسم فضلات رديئة ينشأ عنها بعد أقطارها في غير نسبة،

ويتبع ذلك انكساف الألوان وقبح الأشكال من كثرة اللحم كما قلناه، وتغطي الرطوبات على الأذهان والأفكار بما يصعد إلى الدماغ من ابخرتها الرديئة، فتجيء البلادة والغفلة والانحراف عن الاعتدال بالجملة. واعتبر ذلك في حيوان القفر ومواطن الجدب من الغزال والنعام والمها والزرافة والحمر الوحشية والبقر مع أمثالها من حيوان التلول والأرياف والمراعي الخصبة كيف تجد بينها بوناً بعيداً في صفاء أديمها، وحسن رونقها وأشكالها وتناسب أعضائها وحدة مداركها. فالغزال أخو المعز والزرافة أخو البعير والحمار والبقر أخو الحمار والبقر، والبون بينها ما رأيت. وما ذااك إلا لأجل أن الخصب في التلول فعل في أبدان هذه من الفضلات الرديئة والأخلاط الفاسدة ما ظهر عليها أثره، والجوع لحيوان القفر حسن في خلقها وأشكالها ما شاء.

واعتبر ذلك فى الأدميين أيضاً: فإنا نجد أهل الأقاليم المخصبة العيش الكثيرة الزرع والضرع والأدم والفواكه يتصف أهلها غالباً بالبلادة في أذهانهم والخشونة في أجسامهم. وهذا شأن البربر المنغمسين في الأدم مع المتقشفين في عيشهم المقتصرين على الشعير أو الذرة، مثل المصامدة منهم وأهل غمارة والسوس فتجد هؤلاء أحسن حالاً في عقولهم وجسومهم وكذا أهل بلاد المغرب على الجملة المنغمسون في الأدم والبر مع أهل الأندلس المفقودبأرضهم السمن جملة، وغالب عيشهم الذرة، فتجد لأهل الأندلس من ذكاء العقول وخفة الأجسام وقبول التعليم مالايوجد لغيرهم. وكذا أهل الضواحي من المغرب بالجملة مع أهل الحضر والأمصار. فإن أهل الأمصار وإن كانوا مكثرين مثلهم من الأدم ومخصبين في العيش، إلا أن استعمالهم إياها بعد العلاج بالطبخ والتلطيف بما يخلطون معها فيذهب لذلك غلظها ويرق قوامها، وعامة مآكلهم

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير