تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال أبو حاتم رضي الله عنه: الاعتذار يذهب الهموم، ويُجلِى الأحزان، ويدفع الحقد، ويُذهب الصد، والإقلال منه تُستغرق فيه الجنايات العظيمة والذنوب الكثيرة، والإكثار منه يؤدي إلى الاتهام وسوء الرأي، فلو لم يكن في اعتذار المرء إلى أخيه خَصْلْة تُحمد إلا نفي العجب عن النفس في الحال لكان الواجب على العاقل أن لا يفارقه الاعتذار عند كل زَلَّة. انتهى، روضة العقلاء/ابن حبان البستي ت 354.

- الكريم إذا قَدَرَ غَفر، وإذا أوثق أطْلَق، وإذا أَسَرَ أعتق، الأصاغر يهفون، والأكابر يَعفون، الحُرُّ كريم الظفر إذا نال أقال، واللئيم لئيم القَدْرِ إذا طال استطال، قد هابك من استَتَرَ، ولم يذنب إليك من اعتذَرَ، تكلّفُ الاعتذار بلا زَلَّةٍ، كتكلُفِ الدَّواء بلا عِلَّةٍ، لا يضيقنّ عنّي سعة خلقك، ولا تكدّرنّ عنّي صفو ودِّك، مولاي يوجبُ الصَفْح عن الزَلةِ، كما يلتزم البَذْل عن الخُلَّةِ، مولاي يوليني صفحة صَفحِهِ، ويوليني العفو عَن عَفْوِهِ، ما لي ذنبٌ يضيقُ عنه عفوك، لا جُرْم يتجافى عنه تجاوزك وصفحك، زللت وقد يَزلُّ العالم الذي لا أساويه، وعثرتُ وقد يعثر الجوادُ الذي لا أجاريه، عندي اعتذارات بالغةٌ، توفي على اعتذارات النابغة. انتهى، لباب الآداب/أبومنصور الثعالبي ت 429.

-اقبل معاذير من يأتيك معتذراً - إن بر عندك فيما قال أو فجرا

فقد أطاعك من يرضيك ظاهره - وقد أَجَلَّكَ مَنْ يعصيك مستتراً

...

قيل لي قد أسا إليك فلانٌ - ومقام الفتى على الضيم عار

قلتُ قد جاءنا فأحدث عذراً - دية الذنب عندنا الاعتذار انتهى، نثر النظم وحل العقد/أبو منصور الثعالبي ت 429.

- وقال الأحنف: إذا اعتذر إليك معتذر، فلتلقه بالبِشر. انتهى، بهجة المجالس/ابن عبد البر القرطبي ت 463.

- وقال علقمة ابنَ عبَدة

لرجل ورأى آخر يعتذرُ إليه وهو معبس في وجهه: إذا اعتذر إليك المعتذر فتلقه بوجه مُشْرِق، وبِشْر مطلَق؛ لينبسط المتذلل، ويؤمّن المتنصّل. انتهى، زهر الآداب/أبو إسحاق الحصري ت 453.

- الاعتذار من ترك الاعتذار:

قال بعضهم: سكوتي عن التفسير لاعترافي بالتقصير. وقال آخر: لستُ أعتذر إليك من الذنب إلا بإقلاعٍ عنه. ...

الممتنع من العذر عن حقٍ أورده:

سأل الحجاج أعرابياً عن أخيه محمد بن يوسف: كيف تركته؟ فقال: تركته سميناًعظيماً. قال: إنما سألت عن سيرته. قال: ظلوماً غشوماً. قال: أما علمت أنه أخي؟

قال: نعم ما هو بك أعز مني بالله؛ فأمر بضربه فقيل له: اعتذر إليه. فقال: معاذ الله أن أعتذر من حق أوردته! وخطب الحجاج يوماً فأطال، فقام رجل فقال: الصلاة! الوقت لا ينتظرك والرب لا يعذرك. فأمر بحبسه فأتاه قومه وزعموا أنه مجنون، فإن رأى أن يخلى سبيله فقال: إن أقر بالجنون خليته؛ فقيل له ذلك فقال: معاذ الله لا أزعم أن الله ابتلاني وقد عافاني! فبلغ ذلك الحجاج فعفا عنه لصدقه. ودخل رجل على سلطان وكان من أذنب فقال: بأي وجه تلقاني؟ فقال: بالوجه الذي ألقى به الله، فإن ذنوبي إليه أكثر! وعقوبته أكبر! فعفا عنه ووصله ....

وقال آخر:

لو أسخطتك حياتي - قتلت نفسي لترضى. انتهى، محاضرات الأدباء/الراغب الأصفهاني ت 502.

- وقال أبو الحسين بن أحمد السلامي البيهقي: أنشدني ابن أعثم الكوفي:

إذا اعتذر الصديق إليك يوماً - من التقصير عذر أخ مقر

فصنه عن جفائك وارض عنه - فإن الصفح شيمة كل حر. انتهى، معجم الأدباء/ياقوت الحموي ت 626.

- صَفوحٌ عن الاجرام حتى كأنه - من العفو لم يعرف من الناس مجرما

وليس يبالي أن يكون به الأذى - إذا ما الأذى لم يغش بالكره مسلما

وقال آخر

يعفو عن الذنب العظي - م وليس يعجزه انتصاره

صفحاً على الباغي علي - ه وقد أحاط به اعتذاره انتهى، غرر الخصائص الواضحة/ الوطواط ت 718.

- وقال علي رضي الله عنه: أولى الناس بالعفو، أقدرهم على العقوبة. وقال: العفو زكاة الظفر.

وقال: إذا قدرت على عدوك، فاجعل عفوك عنه شكر المقدرة عليه.

وقال الحسن بن علي رضي الله عنهما: لا تعاجل الذنب بالعقوبة، واجعل بينهما للاعتذار طريقا. وقال: أوسع ما يكون الكرم بالمغفرة، إذا ضاقت بالذنب المعذرة.

وقال جعفر بن محمد الصادق: شفيع المذنب إقراره، وتوبة المجرم الاعتذار. وقالوا ما أذنب من اعتذر، ولا أسى من استغفر.

وأوصى بعض الحكماء ولده فقال: يا بني لا يعتذر إليك أحد من الناس، كائنا من كان، في أي جرم كان، صادقا كان أو كاذبا، إلا قبلت عذره، فكفاك بالاعتذار براً من صديقك، وذلاً من عدوك.

قال بعض الشعراء:

فإن كنت ترجو في العقوبة راحة - فلا تزهدن عند التجاوز في الأجر

وقال أبو هلال الحسن بن عبد الله بن سهل العسكري: الاعتذار ذلة، ولا بد منه، لأن الإصرار على الذنب، فيما بينك وبين خالقك هلكةٌ، وفيما بينك وبين صديقك فرقةٌ، وعند سائر الناس مثلبةٌ وهجنةٌ، فعليك به، إذا واقعت الذنب، وقارفت الجرم، ولا تستنكف من خضوعك وتذللك فيه، فربما استثير العز من تحت الذلة، واجتني الشرف من شجرة النذلة، ورب محبوبٍ في مكروه، والمجد شهدٌ يجتني من حنظل. قال: ومما خص به الاعتذار أن الحق لا يثبت لباطله، والحقيقة لا تقوم مع تخييله وتمويهه، وأن رده لا يسع مع الكذب اللائح في صفحاته. انتهى، نهاية الأرب/النويري ت 733.

يتبع إن شاء الله ...

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير