تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وفي مسألة هل يبلغ سطح الماء عشرا في عشر على قول المتأخرين من الحنفية فيما إذا كان محل الماء على وضع من الأوضاع المذكورة ويحتاج إليه في قسمة الأرض المشتركة المتنازع فيها بين الشركاء ويحتاج إليه أيضا في توظيف الخراج على المزارع والفدن وبساتين الغراسة وفي قسمة الحوائط والأراضي بين الشركاء أو الورثة وأمثال ذلك وبالجملة فهو فن لا يستغني الناس عنه ويقبح بالمتفقه جهله

الأمر الثالث: فن الميقات إذ به تعرف جهة القبلة للصلوات وتعرف به الأوقات وتصحيح الساعات المخترعة لمعرفة الأوقات وهذا يعرف بالاسطرلاب وللعمل به رسائل وكتب كثيرة وبالربعين المجيب والمقنطر ولهما أيضا رسائل وبآلات أخر مشهورة وأن يعرف من النجوم ما به يعرف القبلة وكان للفقهاء اعتناء زائد بهذا وهذا موفق الدين المقدسي كان من العارفين بهذا الشأن وقد ذكر في كتابه المغني لمعرفة القبلة عدة قواعد تدل على تمكنه من هذا الفن فاللازم على المتفقه أن لا يهمله

الأمر الرابع: معرفة تراجم علماء مذهبه وما لهم من المؤلفات وأن يعرف طبقاتهم وإلا فقد يمر به اسم واحد من الحنابلة فيظنه حنفيا أو من الحنفية فيظنه شافعيا أو من المتقدمين فيظنه متأخرا أو من أرباب الأقوال والوجوه في مذهبه فيظنه مقلدا بحتا ومثل هذا يقبح بالمتفقه وينادي على انحطاطه عن ذروة الكمال والله يتولى الصالحين

الأمر الخامس: أن يكون له إلمام بفن العروض والقوافي وذلك أن كل مذهب لا يخلو من كتاب فيه منظوم وقد يذكر الفقهاء كثيرا من الشروط أو الواجبات أو السنن أو الآداب أو المسائل الفقهية منظومة ولم يذكروها كذلك إلا ترغيبا للطالب في حفظها فإذا كان المريد لحفظها جاهلا بفني العروض والقوافي حفظها مختلة الوزن غير مستقيمة وربما كان بحيث لا يفرق بين المنظوم والمنثور ولا سيما إذا كان الناسخ جاهلا فكتب النظم ككتابه للنثر فهناك يفوت المقصود ويعد ذلك من الجهل وقد أدركت من علماء بلدنا الكبار من إذا قرأ نظما قرأه كقراءته للنثر بلا فرق وربما لحن فيه لحنا فاحشا وما ذلك إلا لعدم مزاولته هذا الفن فاللائق بالمتفقه أن يعلمه لئلا يكون جاهلا به

الأمر السادس: أن يعلم من مفردات اللغة ما به يستعين على فهم الكتاب الذي يطالع فيه وإلى هذا وجه الفقهاء أنظار الطلبة فقد ألف المصباح المنير للغات الشرح الكبير على الوجيز للرافعي وألف المغرب للحنفية لهذه الغاية أيضا ولمثلها ألف المطلع على أبواب المقنع الحنبلي والدر النقي لشرح ألفاظ الخرقي وألف الحجاوي كتابا في بيان غريب كتابه الإقناع فينبغي للمتفقه أن لا يكون خلوا من معرفة اللغة فإن هذا يشينه ويعيبه

الأمر السابع: أن يتعلم من فن التجويد ما يعرف منه مخارج الحروف وما لا بد للقارىء أن يعلمه فإن جهل مثل ذلك ربما أخل بصلاته وخصوصا فإن لهذا مدخلا في باب الإمامة حيث يقول الفقهاء يقدم الأقرأ فالأقرأ ومن لم يكن عارفا بفن التجويد كيف يميز بين القارىء والأقرأ وكم رأينا من المتصدرين لإقراء الفقه وللإمامة ثم إنهم إذا قرأوا في الصلاة كانت قراءة الأعجمي أحسن حالا من قراءتهم وربما لم يفرقوا بين السين وبين الثاء المثلثة الفوقية ويزيدون في الكلمات حروفا ليست منها وهم لا يشعرون ومثل هذا يعاب به العامي فضلا عن المتفقه

لطائف قواعد

اعلم أن كثيرا من الناس يقضون السنين الطوال في تعلم العلم بل في علم واحد ولا يحصلون منه على طائل وربما قضوا أعمارهم فيه ولم يرتقوا عن درجة المبتدئين وإنما يكون ذلك لأحد أمرين:

أحدهما: عدم الذكاء الفطري وانتفاء الإدراك التصوري وهذا لا كلام لنا فيه ولا في علاجه.

والثاني: الجهل بطرق التعليم وهذا قد وقع فيه غالب المعلمين فتراهم يأتي إليهم الطالب المبتدىء ليتعلم النحو مثلا فيشغلونه بالكلام على البسملة ثم على الحمدلة أياما بل شهورا ليوهموه سعة مداركهم وغزارة علمهم ثم إذا قدر له الخلاص من ذلك أخذوا يلقنونه متنا أو شرحا بحواشيه وحواشي حواشيه ويحشرون له خلاف العلماء ويشغلونه بكلام من رد على القائل وما أجيب به عن الرد ولا يزالون يضربون له على ذلك الوتر حتى يرتكز في ذهنه أن نوال هذا الفن من قبيل الصعب الذي لا يصل إليه إلا من أوتي الولاية وحضر مجلس القرب والاختصاص هذا إذا كان الملقن يفهم ظاهرا من عبارات المصنفين

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير