تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد فنستأنف مجالس التحديث بعون الله تعالى:

لمَّا كان هذا أوَّل مجلسٍ من مجالسِ التَّحديثِ والرِّواية أذكره ناسَبَ أن أفتتِحَهُ بذكر حدِيثِ المُسلسل بالأوَّلية:

((الرَّاحِمُوْنَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحمن (تَبَارَكَ وتعَالَى) ارْحَمُوا مَنْ فِي الأرْضِ يَرْحَمْكُم مَنْ فِي السَّمَاءِ)).

وهذَا الحدِيثُ يُسمَّى ((المُسَلسَلُ بِالأوَّلِيَّةِ))، وهُو حديثٌ درجَ المُحدِّثون عَلَى الافْتِتاحِ بِهِ فِي سَمَاعِهِم وإسْمَاعِهِم (وهُو يدْخُلُ في بَابِ اللَّطائِفِ الإسْناديَّةِ) لِمَا فِيهِ مِنْ تَسَلْسُلِ الأوَّلِيَّة.

وقد لَهجَتْ به ألسِنةُ المُحدِّثينَ (بِشَرْطِهِ) فافتتحُوا به مَجالِسَ التَّحدِيثِ والأمَالِي، وضمَّنُوه مَسمُوعَاتِهم وإجَازاتِهِم، بل صنَّفوا فيه المُصنفَات الكثِيرة، ونظمُوا فيه الأشْعَار الطَّريفة، واستخرجُوا منه الكثير من الفَوائد الإسناديَّة والمتنيَّة.

وقد سبقَنِي بالكلام عليه حسَبَ الأنْوَاعِ العلاَّمةُ الحافِظُ ابن ناصرالدِّين الدِّمشقِيُّ في كتابِهِ ((مجالِسُ في تفسِير قول اللَّه تعالى: لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى المُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِم)).

فمِمَّا قال: ((هذا الحديثُ له ألقابٌ بحسَبِ الوجُوه الَّتي روينَاهُ منْهَا، فهُو حديثٌ صحيحٌ، حسنٌ، فردٌ، مُسلسلٌ من وجهين، مُعلٌّ من وجوهٍ، مُختلَفٌ في إسنادِهِ من وجُوهٍ، مرفُوعٌ، موقُوفٌ من وجْهٍ، مُنقطِعٌ على قولٍ مرجُوحٍ، مُعنعنٌ)).

وقال في موضعٍ آخر: ((هذا الحديث له ألقابٌ بحسَبِ طُرقِهِ الَّتي رويناها منه، فهو حديثٌ صحيحٌ، وحسنٌ، وضعيفُ الإسناد من وجه، وفردٌ، ومُعلٌّ من وجوهٍ، ومرفُوعٌ، وموقُوفٌ من وجْهٍ، ومُسلسلٌ بالأوَّليةِ: مقطُوعُ التسلسُلِ، وموصُول التسلسُلِ من غير انقطاعٍ، كما رويناهُ، ومُعنعنٌ، لقولِ سُفيانَ فيه: عن عمرِو بن دينار، عن أبي قابوسَ، عن عبداللَّه بن عَمرٍو)).

لكنِّي هُنا زدتُ الأمرَ بسْطًا في مسائلَ كثيرةٍ لم يعرضْ لها. فإلى بيان ذلك بالتفصيل:

المسألة الأولى: صفةُ سمَاعِ هذا الحديثِ وتحمُّلهِ.

هذه المسألةُ لها تعلَّقٌ بالنَّوعِ الرَّابعِ والعشرين ((معرفةُ كيفيةِ سماعِ الحديثِ وتحمُّله)).

فهُو يدخلُ في باب السَّماعِ من لفظِ الشَّيخ وهُو أرفعُ أقسامِ التحمُّل الثمانية (عند الجماهير).

خاصَّةً في طبقاتِهِ التي دخلهَا شرط التسلسُل على ما يأتي بيانُه في المسْألتَينِ: (الخامِسةُ) و (السَّادسةُ).

تنبيه: أقسام التحمل هي:

1 ـ السماع من لفظ الشيخ (إملاء ـ أو تحديث إما من حفظ أو من كتاب).

2 ـ القراءة على الشيخ (العرض).

3 ـ الإجازة.

4 ـ المناولة.

5 ـ المُكاتبة.

6 ـ إعلام الراوي.

7 ـ الوصية بالكتب.

8 ـ الوجادة.

المسألة الثانية: معرفةُ صفةُ روايةِ هذا الحديثِ وشرطِ أدائِهِ.

هذه المسألةُ لها تعلَّقٌ بالنَّوع السَّادس والعشرين ((معرفةُ كيفيةِ روايةِ الحديثِ وشرطِ أدائِه)).

تنبيه: صفة الأداء:

إما أن يكون حفظًا. وإما أن يكون من كتاب.

وقد يكون للحديث شرط خاص كهذا الحديثُ فله شرطٌ في التحمُّلِ والأداءِ، وهُو أن يكُونَ سماعُهُ أوَّليًا أوَّليةً حَقِيقيَّةً، وأداؤهُ (كذلك) لكي ينطبِقَ عليهِ شرطُ التسَلسُلِ.

والآن إلى رِوَايتي لَهُ بشرطِهِ: سمعتُ هذا الحديث من جماعة شُيوخ (سماعًا أوليًّا)، منهُم:

الشَّيخُ عَبْدالسُّبْحَان نُورُالدِّين البُرْمَاوِيُّ (1420هـ) (رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى)، (وهو أوَّلُ حديثٍ سمعتهُ منهُ).

عَنْ أَبِي الفَيضِ مُحمَّد يَاسِين الفَادَانِيِّ (1410هـ) (وهو أوَّل).

(ح) وَأَرْوِيهِ عَنِ المُحَقِّقِ السَّيد صُبْحِي السَّامَرَّائيِّ العِرَاقِيِّ، وَالأُسْتَاذِ الدُّكتُور رِفْعَتْ فَوزِي المِصْرِيِّ (حفظَهُما اللَّهُ) (وهو أول حديثٍ سمعتهُ منهما).

كِلاَهُمَا عَنِ الشَّيخِ المُسْنِدِ مُحمَّد بن سَالِمٍ الحُسَينِيِّ الحَافِظِ المِصْرِيِّ (1398هـ) (وهو أوَّل).

قال (الفَادَانِيُّ، والحَافِظُ): حدَّثنا عُمَرُ بْنِ حَمْدَانَ المَحْرَسِيُّ المَدَنِيُّ المَالِكِيُّ (1368هـ)، (وهو أوَّل).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير