تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[الإجازات في تقاليد المدرسة الإسلامية]

ـ[إبراهيم الجوريشي]ــــــــ[20 - 09 - 05, 02:48 ص]ـ

إجازة للشيخة المقرئة أسمهان من شيخها محمد المنياوي

[الإجازات في تقاليد المدرسة الإسلامية]

تمثل الإجازة العلمية أحد دعائم التقاليد الراسخة للمدرسة في الحضارة الإسلامية. فهي الشهادة العلمية التي يمنحها العالم لتلميذه لمنحه المصداقية حتى يشتغل بنقل العلم فيروي عنه أو عن غيره. وتكشف لنا الإجازات العلمية عن الآليات الدقيقة لنقل العلم في المدرسة الإسلامية. وقد تكتب بشكل منفصل، أو تكتب على ظهر كتاب ألفه التلميذ أو حتى في شكل قيود على هوامش هذا الكتاب. ولها عدة أنواع، قد تكون إجازة سماع أو قراءة أو مناولة أو قيود المقابلة والمطالعة [1].

وإجازة السماع في المصطلح هي أن يسمع التلميذ أو السامع الروايات التي يلقيها الشيخ مما حفظها أو يقرأها من كتابه. أما إجازة القراءة فهي أن يقرأ التلميذ على الشيخ من كتاب والشيخ منصت يقارن ما يلقى بما في نسخته أو بما وعته حافظته. انتشرت إجازات السماع والقراءة في القرن الخامس الهجري، وهو القرن الذي بدأت فيه المدارس في الظهور والانتشار على يد السلاجقة في شكل المدارس التي أنشأها الوزير نظام الملك السلجوقي. وإجازة المناولة فهي أن يعطي الأستاذ نسخة من كتابه أو روايته للتلميذ ويجيزه بروايته. وتستمل قيود المقابلة والمطالعة على تعليقات على هوامش الكتاب يشهد فيها الأستاذ بأنه قابل المؤلف أو طالع كتابه وأجازه [2].

تمثل الإجازة العلمية أحد عدة أنماط من الوثائق التي تتوفر في أرشيف التاريخ الإسلامي عن المرأة المسلمة، والتي تمدنا بمعلومات وفيرة عن موضعها في الحياة العلمية والاجتماعية والسياسية. إضافة للإجازات العلمية التي تحصل عليها سيدة أو تمنحها لأحد تلامذتها توجد حجج الأوقاف، صكوك الملكية، أحكام المحاكم الشرعية في القضايا التي تتقدم بها نساء. وتمثل هذه الوثائق مصدراً هاماً في قراءة تاريخ المرأة والكشف عن أدوارها الاجتماعية والثقافية والسياسية. وقد حاولت الكثير من الدراسات الهامة قراءة تاريخ المرأة من خلال هذه الوثائق [3]، ولكن لم يتعرض أحد لوثائق الإجازات العلمية ربما لندرتها الشديدة، حتى لا نكاد نجد منها سوى أعداد قليلة متناثرة في خزائن المخطوطات العربية وغير العربية [4].

وصف الإجازة:

الإجازة الخاصة بالشيخة أسماهان هي إجازة قراءة وجدت بشكل منفصل، فلم تكن على ظهر تأليف لها أو نحو ذلك. برغم أن هذه الإجازة تعد حديثة التاريخ (1320هـ) إلا أنها جزء من تقاليد المدرسة العلمية الإسلامية، حيث كان الشيخ مانح الإجازة أزهريّ يتبع ما ترسخ في الأزهر من تقاليد مدرسية، فُكتبت طبقاً لذلك النمط المتعارف عليه لقرون.

بلغ عدد أوراق الإجازة 31 ورقة كتبها الشيخ المنياوي بخطه. ويمكن تقسيمها لأربعة الأجزاء. الجزء الأول وهو صفحة العنوان، والجزء الثاني والذي يقف عند بداية الصفحة الخامسة يحوي كلام حول فضل علم قراءة القرآن من الحديث النبوي الشريف، ويجيز فيه التلميذة أن تقرأ أو تقرئ في أي مكان تحل فيه. والجزء الثالث ويمتد حتى آخر أوراق المخطوطة ويحوي مسانيد القراءة، ويسرد فيه الشيخ ما حفظه بدقة من سلاسل الرواة الذين وصلت إليه قراءتهم، فتحوى رجال من مختلف الأمصار الإسلامية شرقاً وغرباً بين مصر والقسطنطينية والشام والمدينة المنورة .. الخ، وتنتهي هذه السلاسل عند كبار التابعيين والصحابة حتى قراءة النبي (ص). والجزء الرابع يقع في الورقة الأخيرة، ويوصي فيه الشيخ تلميذته ويدعو لها ويطلب منها الدعاء له، ويختم بذكر تاريخ كتابة الإجازة والصلاة على النبي الكريم (ص). وفي ذيل الإجازة وضع خاتمه المكتوب عليه اسمه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير