ـ[يحيى العدل]ــــــــ[01 - 05 - 02, 11:49 م]ـ
في يوم الخميس الثاني عشر من شهر صفر لسنة ثلاث وعشرين وأربعمئة وألف للهجرة النبوية الشريفة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فنستأنف مجالس التحديث بعون الله تعالى:
المسألة الثَّامنة: بيانُ عددِ الأحاديثِ المُسلْسَلة بالأوَّلية.
هذه المسألةُ داخلةٌ في النَّوع الثَّالث والثَّلاثين ((معرفةُ المُسلْسَل)).
ذكر بعضُهم: أنَّ الأحاديثَ المُسلْسَلة بالأوَّلية ثلاثةٌ:
أحدُها: حديثُ عبداللَّه بن عَمرٍو المشهورُ هذا.
وثانيها: حديثُ أنس بن مالك (رضي اللَّه عنه) أنَّه قال: سمعتُ رسول اللَّه (صلى الله عليه وسلم)، يقُول: ((مَنْ أحَبَّ أنْ يَكثُر خَيرُ بَيتِهِ فَلْيتوَضَّأ إِذَا حَضَرَ غَدَاهُ وإِذَا رُفِعَ)). رواه ابن ماجة.
وثالثُها: حديثُ عبداللَّه بن مسعُود (رضي اللَّه عنه) قال: قال رسول اللَّه (صلى الله عليه وسلم): ((يَجمَعُ اللَّه العُلمَاءَ يَومَ القِيامَةِ فيقُول: إِنِّي لَمْ أجْعَلْ حِكمَتِي في قُلُوبِكُم إلاَّ وَأنَا أُريدُ بِكُم الخَيرَ، اذْهبُوا إلى الجنَّةِ، فَقَدْ غَفَرتُ لَكُم عَلَى مَا كَانَ مِنْكُم)). رواه أبو حنيفة في مُسنده.
قلتُ: أما الحديث الأول فظاهر.
وأما الحديث الثَّاني فليس في رواية ابن ماجه ما يدلُّ على أنه أوَّلي.
وكذلِكَ الحديث الثالث ليس عند أبي حنيفَةَ ما يدلُّ على أوَّليته.
والذي يظْهَر أنَّه قد تَسلْسَل لهُ في بعْضِ طَبقَاتِهِ، وهَذَا وقع لبعضِهِم في غَيرِ هَذِهِ الأحاديثِ (واللَّهُ أعلم).
المسألةُ التَّاسعة: معرفةُ ما فيه من أنواع العُلُو.
وهذه المسألة داخلةٌ في النَّوع التاسع والعِشْرين: ((معرفة الإسناد العالي والنازل)).
العُلُو أنوعٌ (كما هُو معلومٌ)، والمقصُودُ هُنا علُو العدَدِ.
فأنا أرْويه بعدَّةِ أسانيد (بشَرْطِهَا) ذكرتُ منْهَا أربعةَ أسانيدَ:
1 ـ إسنادُ عبدالسُّبحان البرْمَاويِّ (رحمه اللَّه) وعدَّة رجاله (26) رجُلاً.
2 ـ إسناد صُبحي السامَرَّائي ورفعت فوزي وعدَّة رجاله (26) رجُلاً.
3 ـ وإسناد أبي تراب الظاهري وأبي خُبزة وعدَّة رجاله (26) رجُلاً.
4 ـ وإسناد عبدالفتاح راوه وعدَّة رجاله (25) رجلاً فهو أعلاها.
وأعلى منه إسنادان آخران:
الأول أرويه:
(عن) أبي خبزة.
(عن) الكتاني.
(عن) صافي الجفري.
(عن) السندي.
(عن) أمراللَّه.
(عن) ابن عقيلة.
(عن) الدمياطي.
(عن) الرشيدي.
(عن) الأنصاري.
(عن) ابن حجر.
(عن) العراقي.
الثاني:
عن أبي تراب.
(عن) الكتانيِّ.
(عن) أحمد الجمل.
(عن) البهي الطَّنتدائيِّ.
(عن) الزَّبيدي.
(عن) داود الخربتاوي.
(عن) الشَّمس الفيومي.
(عن) يوسف الأرميوني.
(عن) السُّيوطي.
(عن) الجلال بن الملقِّن.
(عن) السِّراج بن الملقِّن.
كلاهُما عن المَيدومِي.
(عن) الحرَّاني.
(عن) ابن الجوزي.
(عن) أبي سعد بن المؤذِّن.
(عن) أبي صالح المؤذِّن.
(عن) أبي طاهر الزِّيادي.
(عن) أبي حامد بن بلال.
(عن) عبدالرَّحمن بن بشر.
(عن) سُفيان.
(عن) عَمرو.
(عن) أبي قابوس.
(عن) ابن عَمرو (فذكره).
فالأول بيني وبين النبي (صلى الله عليه وسلم) فيه (24) رجُلاً.
والثَّاني بيني وبين النبي (صلى الله عليه وسلم) فيه (23) رجُلاً.
قال الكتاني (بعد سياقه للإسناد الثاني): ((وهذا أعلى ما وقع لنا إذ بيني وبين السُّيوطي فيه ست وسائط، وبيني وبين الميدُومي فيه تسعةٌ وهذا أعلى ما يكُونُ)).
ولبعض الأئمة فيه أنواع من العلو:
رواه ابن ناصرالدِّين (بشرطه): عن أبي الحسن علي بن هبة اللَّه الخطيب بالقاهرة بسنده إلى مُنتهاه.
وعدَّتهم (11) رجُلاً.
ثمَّ قال: ((هذا حديٌث حسنٌ، وقع لنا عاليًا، لكنْ من طرقٍ غيرِ هذهِ الطَّريقِ من حيثُ العددِ بدرجةٍ على هذِهِ، وبدرجتين أيضًا، وهذا علوٌّ حسيٌّ، وهذه الطريقُ التي رويناها علوُّها معنويٌّ، لجلالةِ قدرِ رجالِهَا ثقةً وعلمًا وحفظًا)).
قال ابن ناصرالدِّين: ((ويدخلُ هذا الحديثُ في نوع المُوافقاتِ والأبدَالِ، وهو: أن يروي حديثًا هو في كتاب من الكتُب المشهُورة من غير طريقه، إلى شيخٍ من شُيوخ مُصنِّف الكتابِ، فتقع الموافقةُ مع المُصنِّف في شيخِهِ مع علوِّ طريق الرَّاوي على الطَّريقِ إلى المُصنِّفِ، وقد تأتي الموافقةُ بلا علوٍّ، وتأتي مع نزولٍ، والكل يُسمَّى موافقةً.
وتارةً تكون المُوافقة في شَيخِ شَيخِ المُصنِّف مع العلُوِّ، ومع غيرِهِ (أيضًا) وتُسمَّى بدلاً.
وهذا الحديثُ خرَّجه الإمام أحمد بن حنبل في ((مسنده)) عن سُفيانَ.
ورواهُ أبو داودَ في ((سننه)) عن مُسدَّدٍ، وأبي بكر بن أبي شيبة.
والتِّرمذي في ((جامعه)) عن مُحمَّد بن أبي عُمر العدنيِّ.
ثلاثتهم عن سُفيانَ، فوقع لنا موافقةً لأحمد، وبدلاً لأبي داود والتِّرمذي)).
تم هذا المجلس وإلى اللقاء في المجلس القادم (بإذن الله تعالى).
وكتبه / محبكم يحيى العدل.
¥