وقال بعده الإمام محمد بن ناصر الحازمي الأثري بعد أن نقل جملة كبيرة من أقوال الأئمة في إثبات العلو لله تعالى في كتاب الصفات (ص124): (شعر وفيما نقلناه من كلام الأئمة خير كثير، ولو تتبعنا كلام العلماء في هذا الباب لحصل منه مجلد كبير، وقد أضربنا عن كلام الحنابلة صفحاً فلم ننقل عنهم إلا اليسير، لأنه قد اشتهر عنهم إثبات الصفات ونفي التكييفات .. ) فذكر مثله.
وممن نص على ذلك من متقدمي الحنابلة ابن أبي يعلى في مسائل أصول الديانات من [كتاب الروايتين والوجهين] فقال (ص46): (شعر مسألة: لا يختلف أصحابنا أن الله تعالى مستوٍ على عرشه، كما أخبر في كتابه، فقال تعالى: "ثم استوى على العرش"، وقال: "الرحمن على العرش استوى"، وغير ذلك)
وقال ابن أبي يعلى (ص52): (شعر مسألة: لا يختلف أصحابنا أن الله تعالى ينزل إلى سماء الدنيا في كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الآخر، كما أخبر نبينا صلى الله عليه وسلم)
أعود فأقول: أما ثبات الحنابلة على عقيدة الإمام أحمد بعد عبد الباقي البعلي أيضاً فيؤيده آثارهم الاعتقادية، فهذا محمد السفاريني الحنبلي له [الدرة المضية في عقد أهل الفرقة المرضية]، ثم شرحها في [لوائح الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية]، وله [لواقح الأفكار السنية شرح منظومة ابن أبي داود الحائية]، وكلها في عقيدة أهل الأثر، وشرح [مختصر الدرة المضية] العلامة حسن بن عمر الشطي.
وكذلك عبد الله بن صوفان القدّومي الحنبلي قال عنه الكتاني: [الحنبلي الأثري مذهباً .. أعلم من لقيناه من الحنابلة، وأشدهم تمسكاً بتعاليم السلف]، وله مصنّف اسمه: [المنهج الأحمد في درء المثالب التي تنمى لمذهب الإمام أحمد]، وله رسالة في الاعتقاد بعنوان [طوالع الأنوار البهيّة].
وكذلك عبد القادر بدران الدومي الأثري، ومن المعاصرين المؤرخ الداعية إحسان نجيب نمر النابلسي وقد نُص في ترجمته أنه كان سلفي النزعة وهابياً! [المستدرك على تتمة الأعلام] (3/ 125).
وغيرهم كثير من حنابلة الشاميين، حتى من لم يؤلف منهم في الاعتقاد خاصة يستبان موقفه منها صراحة، كما صنع عبد الحي ابن العماد العكري في تراجم مجددي آثار السلف في [شذرات الذهب]، كابن تيمية ومدرسته، وكما تجد اعتماد الفقهاء الحنابلة على ابن تيمية ومدرسته وإذا ذكر كثيراً ما يوصف بشيخ الإسلام، ومعلوم أن حبه وتقديره محنة، ولا سيما في تلك الحقبة حيث تسلط الجهلة من مخالفي مذهبه على آثاره، ولم يدخروا وسعاً في إتلاف كتبه ومحاربة أفكاره، بل نجد المحدث البرهان الناجي لقب بذلك لتحوله عن المذهب الحنبلي!!
وأما حديثاً فقد ذكر الشيخ العلامة محمد بن سليمان الأشقر في ترجمة عبد الغني بن ياسين اللبدي النابلسي: [وهو كأغلب العلماء الحنابلة: يتبع في العقائد عقيدة السلف التي عمل علماء السلف لتثبيتها، وجاهد الإمام أحمد لتأسيسها وتقعيدها، ثم تابع أصحابه بعده تشييد أركانها، وخاصة شيخ الإسلام ابن تيمية والعلامة ابن القيم]، (مقدمة تحقيق حاشية اللبدي على نيل المآرب، وذكر أيضاً أنه له [عقيدة] مخطوطة، قلت: وقصبة الحنابلة اليوم في الشام مدينة (دوما) غالب حنابلتها سلفيون.
هذا عن الشاميين خاصة، ومثلهم في الجملة حنابلة أطراف العراق المتأخرين، مثل الزبير والكويت.
فها هو علامة الزبير عبد الله بن عبد الرحمن الحمود صاحب الفتاوى الزبيرية والملقب بمفتي الديار الزبيرية، وإمام جامعها وخطيبه، قد نص تلميذه الشيخ إبراهيم بن محمد المبيض الزبيري أن شيخه [كان سليم العقيدة، يرى بيع ما وُقف على قبرٍ محاربة منه للشرك والبدع]، (مقدمة الفتاوى الزبيرية ص38)، وقال أيضاً إنه كان يُقرأ عليه [مختلف كتب العقيدة والتوحيد، ككتاب الدرة المضيئة للسفاريني، التي شرحها أحد أساتذة مدرسة الدويحس -مدرسة شهيرة بالزبير، درس بها الحمود- ألا وهو الشيخ محمد بن علي بن سلوم رحمه الله، وهي مطبوعة] (نفسه ص39).
أما الكويت فعلامتها عبد الله بن خلف الدحيان وتلاميذه ومدرستهم من بعدهم كلهم سلفيون معروفون، وانظر للاسترواح مقدمة الشيخ محمد بن ناصر العجمي على روضة الأفراح (مثلا: في ص80 كتب محمد بن عبد الله بن محمد الفارس الكويتي بعد اسمه بخطه: .. والسلفي اعتقاداً والحنبلي مذهباً).
وأما النجديون فلا حاجة للكتابة حول انتهاجهم لمذهب السلف أصحاب الحديث، ولكن ممن ألف رسالة أو عقيدة قبل الشيخ محمد بن عبد الوهاب هناك عبد العزيز بن عبد الرحمن الرزيني له نظم العقيدة الواسطية، قال عنها ابن بسام: [وهو نظم حسن عذب نهج فيه نهج السلف الصالح في الصفات وأفعال العباد] (علماء نجد 3/ 407).
وقبله ألف عثمان بن أحمد بن قائد النجدي رسائله: [نجاة الخلف في اعتقاد السلف]، [والتوحيد]، و [مختصر النونية لابن القيم].
بل حتى من كان يعارض دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب في بعض المسائل من أهل نجد -وممن يفرح أهل البدع بذكر أسمائهم للنيل من الشيخ- كانوا في باب الصفات على اعتقاد الإمام أحمد والسلف ومرجعهم في ذلك كتب شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم رحمهما الله تعالى.
ولذلك تجد الحنابلة يقومون على من يشذ عن مذهب إمامهم ويقوّمون اعوجاج من ينحرف عنه، فأخذوا على أبي يعلى وابن حامد ما نزعا إليه من الغلو في الإثبات بغير وارد عن السلف، كما وبخوا ابن عقيل وصدقة بن الحسين وابن الجوزي لخروجهم إلى ضرب من التجهم والاعتزال، وأخبارهم في ذلك معروفة مشهورة.
انتهى النقل من منتدى أنا المسلم
والأصل موجود على العنوانين:
الصفحة الأولى ( http://www.muslm.net/vbnu/showthread.php?s=&threadid=33187&perpage=15&pagenumber=1)
الصفحة الثانية ( http://www.muslm.net/vbnu/showthread.php?s=&threadid=33187&perpage=15&pagenumber=2)
¥