أما المنهج الذي التزمته في هذا البحث أولاً تخريج الأحاديث والرجوع إلى بعض كتب أصول الإقراء مثل المرشد الوجيز، ومنجد المقرئين، وضوابط الإشارات للبقاعي، ولطائف الإشارات للقسطلاني، وغيرها من كتب أصول القراءات، والسبعة لا بن مجاهد وإبراز المعاني وشروح الشاطبية وغيرها، وبعض كتب التجويد مثل الرعاية لتجويد القراءة لمكي بن أبي طالب، والتحرير لأبي عمرو الداني، وكتب تراجم القراء من أهمها معرفة القراء الكبار للإمام الذهبي، وغاية النهاية في طبقات القراء لابن الجزري، كذلك رجعت إلى بعض كتب المعاجم اللغوية عند تعريف كلمة أو بيان معنى لفظة، وفي الخاتمة ذكرت أهم الصعوبات النتائج ووصايا البحث. وقد قسمت البحث إلى أربعة عشر مبحثاً من مقدمة وتمهيد وأربعة عشر مبحثاً وخاتمة:
المبحث الأول: تعريف الإجازة
المبحث الثاني: الهدف من الإجازة القرآنية
المبحث الثالث: شروط الإجازة القرآنية
المبحث الرابع: الإشهاد على الإجازة القرآنية
المبحث الخامس: هل الإجازة شرط في الإقراء
المبحث السادس: أخذ المال على الإجازة القرآنية
المبحث السابع: الإجازة بأحد أوجه الرواية
المبحث الثامن: الإجازة بالقرآن كله والعرض لبعضه
المبحث التاسع: الإجازة بالسماع
المبحث العاشر: الإجازة بأحرف الخلاف فقط
المبحث الحادي عشر: التساهل و التشدد في الإجازة القرآنية
المبحث الثاني عشر: إجازة صغير السنّ
المبحث الثالث عشر: الإجازة من المصحف
المبحث الرابع عشر: قواعد عامة في الإجازات القرآنية.
لقد عُني النبي صلى الله عليه وسلم بإقراء الصحابة رضي الله عنهم وقد تلقى عليه الصلاة والسلام بأبي هو وأمي القرآن عن جبريل عليه السلام عرضاً وسماعاً كما تعالى في آية القيامة (لا تحرك به لسانك لتعجل به، إن علينا جمعه وقرآنه) الآيات.
وقد أخرج البخاري في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله (لا تحرك به لسانك لتعجل به) قال: \"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعالج من التنزيل شدة وكان مما يحرك شفتيه إلى قوله أنزل الله لا تحرك به لسانك\"، وهو في الصحيح. وفي حديث آخر أنه صلى الله عليه وسلم أسرّ إلى فاطمة \"أن جبريل كان يعارضني بالقرآن كل سنة وإنه عارضني هذا العام مرتين ولا أراه إلا حضر أجلي\".
من آية القيامة ومن الأحاديث المتقدمة وما شابهها يتبين أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ القرآن مشافهة عرضاً وسماعاً على جبريل عليه السلام وهي أصل في هذا الباب، إذ يعرف العرض بأنه قراءة الطالب على الشيخ، وهو أثبت وأوكد من السماع. والسماع هو التلقي من لفظ الشيخ، وهذا النوع أي أعني السماع لا يكفي في تأدية القرآن صحيحاً كما نزل، إذ ليس كل من سمع من لفظ الشيخ يقدر على الأداء كهيئته.
إخوتي الأفاضل:
إن الإجازة القرآنية نوع من الإجازات العلمية المتعددة، وهناك إجازات المحدثين وهي الأصل في هذا الباب، وإجازات الفقهاء وإجازات القراء وإجازات القضاة وإجازات الخطاطين وإجازات الشعراء بل وإجازات الأطباء، وإن هناك إجازات أخرى تقديرية وتكريمية بين العلماء بعضهم بعضاً وبين العلماء والملوك والأمراء، فشملت الإجازات العلمية سائر العلوم الدينية وتجاوزتها بشكل سريع إلى العلوم الإنسانية والمادية بل وأصبحت الإجازة بحدّ ذاتها أمنية لكل مسلم في نيلها والحصول عليها بل ويلحون في طلبها.
المبحث الأول: تعريف الإجازة:
والإجازة في اللغة أيها الإخوة، الجوز وسط الشيء، والجواز الشاة يبيض وسطها، ولها أكثر من معنى، فمن معانيها قطع الطريق، هذا هو المعنى الأول، ومن معانيها إنفاذ الأمر والرأي، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: \"إني لا أجيز اليوم على نفسي إلا شاهداً مني\"، ومنها الجائزة أو العطية، وهي مشتقة أيضاً من جواز الماء والجواز هو الماء الذي يسقاه المال من الماشية.
والإجازة في اصطلاح المحدثين هي: الإذن في الرواية لفظاً أو خطاً، وأركانها أربعة: المجيز والمجاز له والمجاز به ولفظ الإجازة.
المبحث الثاني: الهدف من الإجازة القرآنية:
¥