تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[وقال بعض الظَّاهرية ومُتَابعيهم: لا يعمل بها] أي: بالمَرْوي بها [كالمُرْسل] مع جواز التحديث بها [وهذا باطل] لأنَّه ليس في الإجَازة ما يقدح في اتِّصال المنقول بها, وفي الثِّقة بها.

وعن الأوزاعي عكس ذلك, وهو العمل بها دون التحديث.

قال ابن الصَّلاح (832): وفي الاحتجاج لتجويزها غُموض, ويتجه أن يُقال: إذا جاز له أن يروي عنه مروياته, فقد أخبره بها جُمْلة, فهو كما لو أخبره بها تفصيلاً, وإخباره بها غير متوقف على التصريح قَطْعًا, كما في القِرَاءة, وإنَّما الغرض حُصُول الإفهام والفهم, وذلك حاصلٌ بالإجَازة المُفْهمة.

وقال الخطيب في «الكِفَاية» (833): احتجَّ بعض أهل العلم لجَوَازها بحديث: أنَّ النَّبي ? كتبَ سُورة براءة في صحيفة, ودفعهَا لأبي بكر, ثمَّ بعثَ علي بن أبي طالب فأخذهَا منهُ ولم يقرأها عليه, ولا هو أيضًا حتَّى وصل إلى مَكَّة ففتحها وقرأهَا على النَّاس.

وقد أسندَ الرَّامهرمزي عن الشَّافعي: أنَّ الكرابيسي أراد أن يقرأ عليه كُتبه, فأبى وقال: خُذْ كُتب الزَّعفراني فانْسَخها, فقد أجزتُ لك, فأخذها إجَازة.

أمَّا الإجَازة المُقْترنة بالمُنَاولة فستأتي في القِسْم الرَّابع.

تنبيه:

إذا قُلنا بصحَّة الإجَازة, فالمُتبادر إلى الأذْهَان أنَّها دُون العرض, وهو الحق, وقد حكى الزَّركشي في ذلك مذاهب.

ثانيها - ونسبهُ لأحمد بن مَيْسرة المَالكي -: أنَّها على وجهها خير من السَّماع الرَّديء, قال: واخْتَار بعض المُحقِّقين تفضيل الإجَازة على السَّماع مُطْلقًا.

ثالثها: أنَّهما سَوَاء حكى ابن عات في «رَيْحَانة النَّفس» عن عبد الرَّحمن بن أحمد بن بَقِي بن مَخْلد أنَّه كان يَقُول: الإجَازة عِنْدي وعند أبي وجَدِّي كالسَّماع.

وقال الطُّوفي: الحق التَّفصيل, ففي عصر السَّلف السَّماع أولى, وأمَّا بعد أن دُوِّنت الدَّواوين, وجُمعت السُّنن واشتهرت, فلا فرق بينهما.

الضَّربُ الثَّاني: يُجيزُ مُعينًا غيرهُ, كأجزتُكَ مَسْموعَاتي, فالخِلافُ فيه أقْوَى وأكْثرُ, والجُمهور من الطَّوائف جَوَّزوا الرِّواية وأوجَبُوا العملَ بهَا.

الثَّالث: يُجيزُ غيرَ مُعيَّن بوصفِ العُمُوم, كأجزتُ المُسْلمين, أو كلَّ أحد, أو أهلَ زَمَاني, وفيه خِلافٌ للمتأخِّرين, فإن قَيَّدها بوصف حَاصرٍ, فأقربُ إلى الجَوَاز.

[الضَّرب الثَّاني: يُجيز مُعينا غيره] أي غير مُعين [كأجزتك] أو أخبرتكم جميع [مسموعاتي] أو مروياتي [فالخلاف فيه] أي في جَوَازها [أقوى وأكثر] من الضَّرب الأوَّل.

[والجمهُور من الطَّوائف جوزوا الرِّواية] بها [فأوجبوا العمل] بما رُوي بها بشرطه.

[الثَّالث: يُجيز غير مُعيَّن بوصْفِ العُموم كأجزت] جميع [المسلمين, أو كل أحد, أو أهل زماني, وفيه خلاف للمتأخِّرين, فإن قيَّدها] أي: الإجازة العامة [بوصف حاصر] كأجزتُ طَلَبة العِلْم ببلد كَذَا, أو من قرأ عليَّ قبل هذا [فأقرب إلى الجَوَاز] من غير المُقيدة بذلك.

بل قال القاضي عياض: ما أظنهم اختلفُوا في جواز ذلك, ولا رأيت منعه لأحد, لأنَّه محصور موصوف, كقوله: لأولاد فُلان, أو إخوة فُلان.

واحترز بقوله: حاصر, ما لا حصر فيه, كأهل بلد كذا, فهو كالعامة المُطْلقة.

وأفرد القَسْطلاني هذه بنوع مُستقل, ومثَّله بأهل بلد مُعيَّن, أو إقليم, أو مَذْهب مُعيَّن.

ومن المُجَوِّزين: القاضي أبو الطَّيب, والخطيب, وأبو عبد الله بن مَنْده, وابن عتَّاب, والحافظُ أبو العلاء, وآخرون.

[ومن المُجوِّزين] للعامة المُطلقة [القاضي أبو الطَّيب] الطَّبري [والخطيب] البغدادي [وأبو عبد الله بن مَنْده] وأبو عبد الله [ابن عتَّاب, والحافظ أبو العلاء] الحسن بن أحمد العطَّار الهمداني [وآخرون] كأبي الفضل بن خيرون, وأبي الوليد ابن رشد, والسَّلفي, وخلائق جمعهم بعضهم في مُجلد, ورتَّبهم على حروف المعجم لكثرتهم.

قال الشَّيخ: ولم نسمع عن أحَدٍ يُقْتدَى به الرِّواية بهذه.

قلتُ: الظَّاهر من كلام مُصحِّحها جَوَاز الرِّواية بهَا, وهذا مُقتضى صِحَّتها, وأيُّ فائدةٍ لهَا غيرُ الرِّواية بِهَا.

[قال الشَّيخ] ابن الصَّلاح (834) ميلاً إلى المَنْع: [ولم نَسْمع عن أحد يُقتدى به الرِّواية بهذه] قال: والإجَازة في أصلها ضعيفة, وتَزْداد بهذا التَّوسع والاسْترسَال ضعفًا كثيرًا.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير