وإذا كان قياس ((التطبيعات)) دليلاً على جهل الناشرين بالصرف أو بالنحو أو باللغة فسلام على التحقيق .. لكثرة كتب التراث بمثل هذه التطبيعات الهينة .. وكيف لا يحدث مثل هذا التصحيف، فالمؤلف أو الناشر هو الذي يكتب الكتاب بخطه، ويقوم على تصحيح تجارب طبعه بنفسه أيضاً .. باستثناء الأستاذ العزاوي فإنه يحشد جمهرة من ((المصححين)) للاشراف على طبع آثاره ..
فكان الأحرى بالعزاوي، أن يقول: إنكما لم ترزقا قراءة البيت كما ينبغي – مثلاً – لكان قوله منطبقاً للواقع، وتعترف به الحقيقة .. ولا ندري هل أصبح ((الناقد الكبير)) ((صرفياً)) وجعل من نفسه خليفة ابن جني .. لا ندري .. فهو ابن بجدتها .. وأعلم الناس ..
ثم أبان الأستاذ عباس عن نفس حاقدة .. في نقده لترجمة ((الشيخ عبدالسلام مدرس الحضرة القادرية .. )).
قال ما نصه ((وأن الأستاذ الحاج علي علاء الدين الألوسي – عليه الرحمة. لم ينعته بالشواف، فالتعرض له بنفي أو إثبات لا معنى له، ولعل ذلك تنفيذاً لرغبة الأستاذ خالد الشواف)) ..
هكذا ..... – ولكن فاقد الشيء لا يعطيه – حشر الأستاذ خالد الشواف حشراً في هذه ((التوضيحات العلمية)) والرجل لا ناقة له ولا جمل في الموضوع ..
ولم تكن الأسرة الشوافية من الأسر الخاملة، فهي من الأسر التي شهرت بالعلم والأدب والسراوة في بغداد، وطلع منها علماء أفذاذ وأدباء أفاضل، حسبنا أن نذكر منهم، عبدالعزيز الشواف – من شيوخ أبي الثناء الألوسي – وعبدالفتاح الشواف، وطه الشواف وعبدالملك الشواف المتوفى 1953م، وأخيراً الشيخ المعاصر عبدالعزيز الشواف – والد الشاعر خالد الشواف – أما الحفدة المعاصرون، فأنت أدرى بهم، وكلهم فضلاء .. منهم العالم، والوزير، والفقيه، والقاضي، والتاجر وأظهرهم شاعر الشباب الأستاذ خالد الشداف.
والذي رأيناه من وجوه التحقيق الراشد هو أننا أشرنا في هامش الصفحة 107 من الدر المنتثر، إلى أن المترجم عرف بنسبته إلى آل الشواف، وهو مخول وليس معمّاً منهم، وذكرنا من بقي من أحفاده اليوم .. فما هي جريرتنا في هذا الايضاح الصائب؟
علماً بأن المترجم عرف باسم: ((عبدالسلام أفندي الشواف)) .. وأسوق هنا قصة كنت طرفاً فيها، وهي أن جماعة من أهل الأدب تقدمت بطلب إلى وزارة الثقافة والارشاد – الاعلام – لنشر كتاب ((حديقة الورود)) الذي ألَّف في أبي الثناء الألوسي، فما كان من الأستاذ خالد الشواف إلا أن أصرّ بإباء جامح لرفض هذا المشروع، خشية أن يقال ما يقال، وبخاصة أن المؤلف من آل الشواف والمسؤول عن نشره خالد الشواف ... لا كما فعل الأستاذ العزاوي حينما نشر كتابه ((الكندي .. )).
يطلع الأستاذ الناقد، برأي فذ تفتق عنه عقله أن جبل عامل، خطأ فضيحة. والصواب جبل عاملة.
ونحن نقول للأستاذ العزاوي، أن جبل عامل، صوابه جبل عاملة، ولكن شهر بهذا الاسم منذ القديم. ونسبته إلى: عاملة بن سبأ، ولكنه ورد بهذا الاسم على اسلات يراع جمهرة من العلماء والمحققين الذين يعتد بكلامهم .. وربما استعمل على صيغة المذكر ((عامل)) ترخيماً أو للخفة، ومثله كثير حصل لجملة من المواضع والبقاع .. قال الأعشى:
أعامل حتى متى تذهبين
إلى غير والدك الأكرم؟
ووالدكم قاسط، فارجعوا
إلى النسب الأتلد الأقدم
اللسان والقاموس مادة ((عمل)) .. ! وكان يطلق عليه أولاً جبل بني عاملة، ثم جبل عاملة، ثم جبل عامل ..
ثم قال في ترجمة ((السيد حسين الإيراني)): ((وهذا صحاف مشهور في كربلاء، صواب اسمه (السيد هاشم) اتقن التسفير (التصحيف) كذا اهـ.
ويريد بقوله: ((التصحيف)) فن تجليد الكتب، إذ أن معنى (التصحيف) غير هذا المعنى. وهذا الاستعمال عند عامة بغداد، يطلقون لفظة (المصحّف بتشديد الحاء المهملة) ويريدون بها المجلّد، ونحن أشرنا في هامش الصفحة 171 في ترجمة المترجم ما نصه. ((وقيل اسمه: السيد هاشم بن السيد حسين)) .. فما هو المصدر الذي يجزم باسمه .. عمل الأستاذ يدلنا عليه ..
أما قوله في ترجمة (الشيخ داود بن جرجيس) أن الأستاذين – المرحوم إسماعيل الراشد وعبدالستار فوزي من أسباط المترجم .. هذا صحيح، غير أن الأستاذ عبدالستار فوزي ذكر لي مرة وبحضور الدكتور نوري القيسي وفي قسم اللغة العربية – كلية اللغات – أن الشيخ داود جده .. فما هو ذنبي في هذا السماع؟؟.
أما ما أشرت إلى تصويب اسم ((عبدالغفار)) الوارد ذكره في الصفحة 175 وصوبته بـ ((عبدالغفور)) فإننا لم نجد ما ينقض رأي المؤلف – عليه الرحمة – وما يضير ((عبدالغفار ربما سمي باسمه الآخر عبدالغفور تحبباً، وهو مشهور عند البغاددة، فمثلاً ما يضير، إذا كان اسمك ((عبوسي)) بدل ((عباس)) .. ثم ذيلت بقولك ((وهذه الترجمة لم أجدها في مجموعتي .. )) لا بأس، ربما أخذت هذه المجموعة – ((الدر المنتثر)) على عجل .. دون روية، عملاً بقول مشاعر:
يمرون بالدهنا خفافاً عيابهم
ويرجعن من ((دارين)) بجر الحقائب
على حين ألهى الناس جل أمورهم
فندلاً زريق المال ندل الثعالب
وإلا فما هو ذنبنا إذا كانت مجموعتك ناقصة ... ؟!
وأخذت علينا عدم الاشارة إلى كون (الشيخ علي السويدي) أستاذاً لأبي الثناء .. ورحت تشنع على التحقيق وترمي القائمين عليه بالجهل والجنف .. دون مبرر .. حيث قلت: ((وكان أستاذ أبي الثناء الألوسي وهذه لم يكشف عنها التحقيق .. )) اهـ.
ونحن نقول لك: اقرأ ما جاء في الصفحة/ 185 من (الدر) وهذا هو نصه ((وقد مضت لي معه أيام كرعت فيها من حميّا مجالسته أهنأ مدام ... وقد كان في مبدأ طلبي وأوائل تحصيل أربي وأوان صلاحيتي لمجالسته أمثاله .. - والكلام لأبي الثناء – نقله المؤلف)). اهـ .. فماذا يفهم من هذا الكلام .. وللأستاذ عباس العزاوي العذر، كل العذر في فقههه لهذا النص، لأن فيه من فنون البديع والمعاني، ما جعله عاجزاً عن فهم كنهه .. !
هذا ما أردنا أن نرد به على كلمة (الأستاذ) المحامي عباس العزاوي، التي افتأت بها علينا وعلى جمع من الأفاضل .. وأخيراً نبتهل إلى الباري – سبحانه – أن يأخذ بيده إلى ما هو نافع وصالح في الدارين .. إنه هو السميع المجيب .. !!
عبدالله الجبوري
المصدر ( http://www.islamiyatonline.com/Arabic/Maqalat/display.asp?articleid=370)
¥