[مستشرق فرنسي يؤرخ لتاريخ الجزائر الثقافي]
ـ[أبو الطيب الجزائري]ــــــــ[19 - 05 - 05, 11:38 م]ـ
جورج دلفان Georges Delphin المتوفى في الجزائر سنة [ت1340 هـ –1922 م]، مستشرقٌ فرنسي؛ كان من رؤساء كلية الجزائر –الفرنسية، انتدبته الحكومة الفرنسية إلى إدارة مدرسة الجزائر وكذا مدارسها الوطنية،، وعني بدراسة اللهجات العامية، وكان مديرا للمدرسة الثعالبية بالجزائر العاصمة، وأستاذا للّغة العربية بوهران، وألّف عدّة كتب مدرسية لتسهيل دراسة العربية، وعدّة أبحاث عن الإسلام في الجزائر.
له بالفرنسية "تاريخ الباشاوات العثمانيين في الجزائر- من سنة 921 إلى 1158 هـ"،
وبالعربية: المقامات العلوية في اللهجة المراكشية-ط،
و جامع اللطائف وكنز الخرائف-طبع بباريس وبيروت، صنفه لتعليم اللغة العربية للعوام.
النزهة الوهرانية في اقتطاف زهرها في الآجرومية، وهو حاشية على شرح زين الدين جبريل على المقدمة الأجرومية. خ
وقد عثرنا على كراريس له بخطِّه لم تنشر من قبل (وتقع في142صفحة)، ضمن مكتبته التي أهدتها حفيدتُه إلى السفارة الجزائرية في باريس، والتي حوّلتها بدورها إلى قسم المخطوطات بالمكتبة الوطنية الجزائرية-بالحامة.
هذا الكتاب المهم تعرض فيه للتراث الثقافي المغاربي، وعنونه بـ:
"كتاب القول الأحوط في بيان ما تداول من العلوم وكتبها بالمغربين الأقصى والأوسط"
حاول فيه وضع اللبنة الأولى لإنجاز معلّمة جامعة أوببلوغرافيا للكتب المتداولة في العلوم الشرعية في الغرب الإسلامي منذ صدر الإسلام إلى وقته، وكأنه استلهم الفكرة من صنيع القلقشندي المؤرخ الأديب المصري حين تعرض في "صبح الأعشى" لذكر الكتب المتداولة بين العلماء والمشهور من الكتب المصنفة فيها، ولا أدري بعدُ بالتحديد شرطه في الكتاب فإنه لم يفصح عنه، حيث أنه أغفل ذكر مقدمةٍ للكتاب، فهو كتاب بدون خطبة أو مقدمة، ولكن على ما يظهر لي يذكر كلّ كتابٍ ورد ذكرُه فيما وقف عليه مذكورا في كتابٍ من الكتب أو على الأقل وصَلَه خبرُه مذاكرة أو وقوفا عليه مطبوعا، فهو بذلك تذكرةٌ بأسماء كثير من أعلام الجزائر وتصانيفهم في العلوم، فضلا عن أهل المغرب الأقصى والأندلس.
كما ذكر فئة من الأعلام والأعيان الذين عاصرهم هو أو لقيهم.
وقد قسّم كتابه إلى عشرين علما وهي: (التفسير، القراءات، الحديث الشريف، الأصول، الفقه، النحو، العلوم الثلاثة -البيان والمعاني والبديع-، المنطق، العروض، الحساب، التنجيم، الكلام، التصوف، اللغة، التصريف، التاريخ والجغرافية، الطبّ، القضاء والأحكام، الجدول، الأدب).
ومنهجُه فيه يتلخص في أنه يذكر تعريف العلم لغة واصطلاحا، ثم يذكر أحيانا طرفا مما يتعلق به قبل الشروع في تسمية الكتب التي صنِّفت فيه.
وقد ظهرت عبقرية الرجل ونَفَسُهُ العلمي في البحث وهمّته في الاستقصاء، وتواضعه العلمي، حين أرسل بمسوّدة كتابه هذا إلى أحد العلماء الباحثين لمراجعته والتعليق عليه، ذلك أنه بيّض لجماعةٍ من الأعلام غابت عنه أسماؤهم أو وفياتهم، ولم يمكنه معرفة ذلك لنسيان أو لقلّة المراجع عنده.
ذاك هو العلامة البحاثة أبو المكارم محمد بن أحمد بن محمد الحرشوي الندرومي، دفين تلمسان، المتوفى سنة 1313هـ - 1896م، ويعرف بيته بدار أحر شاو.
كان من المكثرين، أخذ عن كثير من علماء بلاد المغرب، والجزائر، وتولى خطة القضاء الشرعي في ندرومة، لكن تفرغ كلية لمهمّة التدريس حين عُين مدرسا مفتيا بالجامع الأعظم الكبير بتلمسان.
من تصانيفه: المواهب المعطية في ذكر أجوبة المسائل الفقهية المنشأة عن الأسئلة المرضية؛ في مجلد ين، وحُلّة التسديد فيما به الخروج من رِبْقَة التقليد، وغيرها من المصنفات النافعة.
* * *
كان المستشرق الأستاذ دلفان لايكتب إلا على وجهٍ واحدٍ من الورقة فاسحا في الغالب بياض الوجه المقابل للمعلِّق العلامة الحرشوي، وقد استجاب هذا الأخير للاستكتاب فأثرى الكتاب بتعليق لا بأس به بخطه وقلمه على مواضع كثيرة من كتاب دلفان، تتبع ما أمكنه –كما صرح هو بعبارته- مسائل الكراريس وأمعن النظر في أسماء مَن فيها، منبها على أغلاط وقعت مصوبا إياها، مصورا لنا الأجواء العلمية في الطلب والتحصيل والقراءة والتدريس بفاس وتلمسان في ذلك الوقت.
¥