تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[قراءة في تحقيق كتاب (الشعر والشعراء) لابن قتيبة الدينوري.]

ـ[خليل بن محمد]ــــــــ[14 - 05 - 05, 06:47 ص]ـ

قراءة في تحقيق كتاب (الشعر والشعراء) طبعة 2000م

عبدالحكيم خيران

جدة

دأب المؤلِّفون في شتَّى الحقول المعرفية على تصدير مؤلفاتهم بمقدمة يتوخون من خلالها استعراض العلل التي حدت بهم إلى تسطير ما دبّجه يراعهم، أو تحديد المنهجية التي سلكوها في التأليف .. وبكلمة واحدة، فإن تلكم المقدمة تتوخى تبيان الغاية مما سوف ينثرونه بين يدي القارئ من مادة. وما من جدال في أن هذا الأمر يكتسي أهمية بالغة بالنسبة إلى القارئ بمفهومه الموسع، أي القارئ العادي والمتخصص الدارس والناقد. ولعل الكلام نفسه ينسحب على المحقق، وهو ما سنتناوله في هذه السطور مع محقق (أو بالأحرى محققي) كتاب (الشعر والشعراء) لابن قتيبة الدينوري، الصادر عن دار الكتب العلمية ببيروت، في طبعته الأولى في العام 2000م، والذي عمل على تحقيقه وضبط مادته كل من الدكتور مفيد قميحة، والأستاذ محمد أمين الضناوي. والكتاب، كما هو معلوم، يعدّ من أمّهات الكتب، وأحد المراجع التي لا غنى عنها للباحث في الشعر العربي.

وقد ورد في المقدمة التي حررها الأستاذ الضنّاوي أنه عمل في تحقيقه على تصويب ما شاب أوزان الأبيات الواردة في متن الكتاب من خلل. غير أن المتصفح للكتاب يهاله حقاً أمر الخلل والزلل الجلل الذي ورد في هذا الجانب، إلى حدّ أننا عددنا ما ينيف عن ثمانين مرة زلت فيها قدم المحقق فيما يتعلق بالأوزان لوحدها، ليقفز في الذهن سؤال عريض: هل كان الأستاذان قد أعدّا من الزاد ما يكفي لركوب هذه المغامرة المحفوفة بالمخاطر، على حين يبدو عدم إلمامهما بعلم العروض بيّناً؟ إذ أية أعذار يمكن أن نلتمسها لهما في السقطة الكبرى التي سقطاها، والمزلق الخطير الذي زلا إلى مطبه؟ وسوف نورد في ما يلي بضعة أمثلة لذلك، تراكمت كالجبل على امتداد الصفحات، مع التنويه إلى أننا لن نخوض في التفعيلات والزحافات والعلل التي داخلت الأبيات التي جانب فيها المحققين الصوابُ. إذ لو جئنا على ذلك لامتدّ الحيز على نحو أكبر مما نبغي في هذه السطور:

ورد في الصفحة 40 البيت التالي: اليوم يبنى لدويد بيته

لو كان للدهر بلى أبليته ...

والبيت:

ألقى علي الدهر رجلاً ويداً

والدهر ما أصلح يوماً أفسدا

واضح أن البيتين من بحر الرجز، وليس من البسيط الذي نسبهما إليه المحقق. وفي الصفحة نفسها ورد البيت:

أكلتُ شبابي فأفنيته

وأفنيت بعد شهور شهورا

وهو من بحر المتقارب، وما أبعده عن الوافر!

وبودنا إبداء ملاحظة بسيطة عن هذا المثال، مفادها أن المحقق اعتبر البيت من بحر الوافر من خلال الوقوف فيما نظن على التفعيلة الأولى (مفاعلتن) في بداية البيت، بينما هي: فعولُ (المطوية من خلال حذف خامسها الساكن) تتلوها فعو وهي بداية التفعيلة الثانية. ومرد هذه الزلة في تقديرنا إلى ثقة من المحقق زائدة عن اللزوم لا تليق بعالم، ناجمة عن استخفاف بعلم العروض، أو إلى جهل بيّن بهذا العلم. على أننا قد نستبين شيئاً من ذلك في ما سنأتي على ذكره من أمثلة.

في الصفحة 47:

كأن المدام وصوت الغمام

وريح الخزامى ونشر القطُر

هو من بحر المتقارب، ومن عجب أن ينسبه المحقق إلى الرمل الذي تبتدئ تفعيلته السليمة (فاعلاتن) بسبب خفيف ( o)، وقد يلحقها الخبن (وهو حذف الثاني الساكن) لتصير فعلاتن، ومن ثم فهي لا تبتدئ البتة بوتد مجموع!

في الصفحة 51:

ونادمتُ قيصر في ملكه

فأوجهني وركبت البريدا

من المتقارب وليس الطويل، وكما هو معروف فتفعيلات الطويل أطول بكثير من تفعيلات المتقارب! وتكرّر الأمر في الصفحات 71 و74 و206

في الصفحة 54:

نعب الغراب وليته لم ينعب

بالبين من سلمى وأم الحوّث

البيت من بحر الكامل، وهو بعيد عن الطويل الذي لا يبتدئ بثلاثة متحركات.

في الصفحة 70:

يخرجن من شرُبات ماؤها طحل

على الجذوع يخفن الغمّ والغرقا

هو من البسيط، لا الوافر الذي يبتدئ بوتد مجموع لا بسبب خفيف.

في الصفحة نفسها (73):

فمن للقوافي شأنها من يحوكها

إذا ما مضى كعب وفوّز جرول

من الطويل وليس البسيط، والملاحظة نفسها تسري على البيت الوارد في نفس الصفحة:

يثقفها حتى تلين كعوبها

فيقصر عنها من يسيء ويعمل

في الصفحة 99:

فلولا ثلاث هنّ من عيشة الفتى

وجدّك لم أحفل متى قام رامس

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير