تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[رأي شيخ الإسلام ابن تيمية في التفاسير المطبوعة , جمع وتعليق: بشير جواد القيسي]

ـ[العوضي]ــــــــ[25 - 05 - 05, 09:33 ص]ـ

الحمد لله رب العالمين , والصلاة والسلام على المبعوث للخلق أجمعين: يحتل شيخ الإسلام مرتبة الصدارة بين علماء الأمة وأعلامها في تمحيص تراثها , وما كتبه في شتى المعارف , وتُعد قدرة الشيخ متميزة بين أقرانه في فرز الموضوعات , واختيار الأقرب للصواب , ولقد حبى المولى سبحانه هذا الإمام مواهب جليلة وكثيرة نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:

· سعة الإطلاع , ومشاركته في أغلب العلوم الإسلامية , وقبل كل هذا وبعده , ورع الشيخ , وتقواه , والبعد عن الأهواء والبدع إضافةً إلى صفاء السريرة ونقاء الطويّة.

كل هذه السمات جعلت من الشيخ عَلماً من أعلام الأمة , واستحق بجدارة لقب (شيخ الإسلام)

ومن العلوم التي برع بمعرفتها وتقييمها علوم القرآن والتفسير , ونخص بالذكر في بحثنا هذا رأي شيخ الإسلام في التفاسير المطبوعة.

والشيخ رحمه الله كان له معرفة واسعة بالتفاسير , فقد نُقل عنه أنه ربما اطلع على مئة تفسير من أجل فهم آية واحدة , والرجل في نفسه مفسر مقتدر , فهذا الإمام الذهبي تلميذه ينقل عنه أنه جلس يفسر (سورة نوح) في دمشق أكثر من سنة , هذا من جانب سعة الاطلاع والمعرفة , أما من جانب تقييمه للمادة العلمية التفاسير لا سيما المشهور منها , فسيريك هذا البحث طرفاً من تقييم شيخ الإسلام لهذه التفاسير السالفة لعصره , مع الدقة العلمية والإنصاف.

فقد بيّن محاسن كل تفسير وما أخِذَ عليه. ولعل جيلنا اليوم – والأمة تمر بمنعطف خطير – يحتاج إلى تلقي المعلومات عن هذا الشيخ , إضافةً إلى تعلم منهج الدقة في البحث العلمي , والبُعد عن الاستعجال , والتروي في إصدار الأحكام مع توفر جانب الإنصاف.

n لذا فإن هذا البحث يهدف لعدة أشياء نذكر منها:

1 - تجميع ما كتبه شيخ الإسلام في هذا المضمار.

2 - تعليم المرء المسلم كيفية إصدار الأحكام , وإنَّ تنوع الأحكام واختلافها يمكن أن يجمع في الشخص الواحد , وإن لكل تفسير طابعاً يختص به دون غيره.

3 - أن الحق يؤخذ من الكل , وإن منهج الانتقاء والاصطفاء هو المرتكز الذي اتخذه شيخ الإسلام لنفسه , أما المبالغة في الركون لجانب مع إهمال جوانب الحق الأخرى , فهو نوع من التعسف لا تزال الصحوة المباركة ترزح تحت تأثيره.

4 - إضافة دراسة جديدة – ليست لأول مرة – تحظى بنقولات من كتب شيخ الإسلام فيها التفصيل أكثر مما ذكره السابقون.

ولسنا - ولله الحمد – ندعي الإحاطة بما كتبه شيخ الإسلام.

ولذا اتخذنا التفاسير المطبوعة (1) منهجاً لهذا البحث , وذلك للفائدة العملية , والبعد عن الأكاديمية.

وشيخ الإسلام لم يكتب في علوك القرآن مؤلفاً مستقلاً إلا ما كان من الرسالة المسماة " مقدمة في أصول التفسير " وبعض المسائل والفتاوى المنثورة في مجلد (13) من " مجموع الفتاوى ".

أما بقية كلامه فمبثوث عبر مؤلفاته , والتي بلغت قرابة المئة مجلد.

ولقد انتهيت مع بعض الأخوة – ولله الحمد – من جمع كلام شيخ الإسلام في علوم القرآن.

ومما يجدر بالملاحظة أن جمع شتات كلام شيخ الإٍسلام في الموضوع الواحد أمراً كان يتمناه هو نفسه , كما أشار أكثر من مرة في مؤلفاته , إضافة إلى صعوبة حصول القارئ على جميع مؤلفات الشيخ.

وأكثر من كتب في علوم القرآن والتفسير لم يستفد كثيراً من كلام شيخ الإسلام للأسباب المذكورة آنفاً , وفقدان كلام الشيخ بين تلك العلوم نقص فيها , فبصماته في كل العلوم واضحة للعيان , وآثاره متميزة , والمحروم من حُرم قراءة ما كتبه.

ولعل سبب بُعد الكثير عن علوم شيخ الإسلام التشويه والتنفير من هذا الإمام في القرون السابقة.

والأمة الإسلامية في نهضتها بعد سقوط الخلافة الإٍسلامية استطاعت أن تعيد لشيخ الإٍسلام مكانته الحقيقة , فكان لهذا الأمر خير وفير ونعمة سابغة , ولا أبالغ إن قلت أن بوادر الصحوة المباركة مدينة لهذا الإمام الجليل , هذا ما يسر الله لي جمعه , فإن أحسنت فبتوفيق ربي وإن كان غير ذلك فمن نفسي والشيطان , وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

ــــــــــــــــ

1) نستثني من ذلك تفسير الثعلبي , لإنه لا يزال مخطوطاً , وسبب ذلك:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير