تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

"وليست دلالة المطابقة دلالة اللفظ على ما وضع له كما يظنه بعض الناس ولا دلالة التضمن استعمال اللفظ في جزء معناه ولا دلالة الالتزام استعمال اللفظ في لازم معناه بل يجب الفرق بين ما وضع له اللفظ وبين ما عناه المتكلم باللفظ وبين ما يحمل المستمع عليه اللفظ فالمتكلم إذا استعمل اللفظ في معنى فذلك المعنى هو الذي عناه باللفظ وسمي معنى لأنه عني به أي قصد وأريد بذلك فهو مراد المتكلم ومقصوده بلفظه ثم قد يكون اللفظ مستعملا فيما وضع له وهو الحقيقة وقد يكون مستعملا في غير ما وضع له وهو المجاز ................ وكل لفظ استعمل في معنى فدلالته عليه مطابقة لأن اللفظ طابق المعنى بأي لغة كان سواء سمي ذلك حقيقة أو مجازا". اهـ

وفي باب الأسماء والصفات يقال:

دلالة أسماء الله، عز وجل، تكون:

مطابقة: فكل اسم يدل على معنى بعينه غير المعاني التي تدل عليها بقية الأسماء، مع كونه علما على الذات القدسية، فاجتمعت له: العلمية والوصفية، فصار دلالته على كليهما: دلالة مطابقة، فيقال في اسم الله: "الرحمن": هو دال على ذات الله، عز وجل، دلالة الاسم على مسماه، فهذا وجه كونه علما، فالعلم كما عرفه ابن مالك رحمه الله:

اسم يعين المسمى مطلقا ******* علمه: كجعفر، وخرنقا

وهو في نفس الوقت دال على صفة الرحمة العامة التي اشتق منها، فكونه وصفا يلزم منه أنه مشتق من مصدر يدل على معناه، فـ: "الرحمن" مشتق من المصدر: "رحمة" التي يدل على معنى "الرحمة"، فدلالة المصدر على معناه: دلالة مطابقة، إذ المصدر أصل المشتقات على الراجح من أقوال النحاة، فـ: "رحمة" تدل على معنى الرحمة، و: "علم" يدل على معنى العلم ................. إلخ.

وتضمنا: فدلالة اسم الرحمن على صفة الرحمة أو ذات الله عز وجل المتصفة بها: دلالة تضمن.

ولزوما: فدلالة اسم الرحمن على صفة الحياة: دلالة لزوم، إذ لا تتصور رحمة بلا حياة، فصفة الحياة: هي أصل الصفات، فكل الصفات تدل عليها لزوما، إذ الحياة: أصل صفات الذات، كما أن القيومية: أصل صفات الأفعال.

يقول ابن أبي العز رحمه الله:

"فالْحَيُّ الَّذِي الْحَيَاةُ مِنْ صِفَاتِ ذَاتِهِ اللَّازِمَةِ لَهَا، هُوَ الَّذِي وَهَبَ الْمَخْلُوقَ تِلْكَ الْحَيَاةَ الدَّائِمَةَ، فَهِيَ دَائِمَةٌ بِإِدَامَةِ اللَّهِ لَهَا، لَا أَنَّ الدَّوَامَ وَصْفٌ لَازِمٌ لَهَا لِذَاتِهَا، بِخِلَافِ حَيَاةِ الرَّبِّ تَعَالَى. وَكَذَلِكَ سَائِرُ صِفَاتِهِ، فَصِفَاتُ الْخَالِقِ كَمَا يَلِيقُ بِهِ، وَصِفَاتُ الْمَخْلُوقِ كَمَا يَلِيقُ بِهِ، (فالله عز وجل: الحي بنفسه المحيي لغيره) ................... فَعَلَى هَذَيْنِ الِاسْمَيْنِ، (أي: الحي القيوم)، مَدَارُ الْأَسْمَاءِ الْحُسْنَى كُلِّهَا، وَإِلَيْهِمَا تَرْجِعُ مَعَانِيهَا. فَإِنَّ الْحَيَاةَ مُسْتَلْزِمَةٌ لِجَمِيعِ صِفَاتِ الْكَمَالِ، ولَا يَتَخَلَّفُ عَنْهَا صِفَةٌ مِنْهَا إِلَّا لِضَعْفِ الْحَيَاةِ، فَإِذَا كَانَتْ حَيَاتُهُ - تَعَالَى - أَكْمَلَ حَيَاةٍ وَأَتَمَّهَا، اسْتَلْزَمَ إِثْبَاتُهَا إِثْبَاتَ كُلِّ كَمَالٍ يُضَادُّ نَفْيُهُ كَمَالَ الْحَيَاةِ. وَأَمَّا "الْقَيُّومُ" فَهُوَ مُتَضَمِّنٌ كَمَالَ غِنَاهُ وَكَمَالَ قُدْرَتِهِ، فَإِنَّهُ القائم بِنَفْسِهِ، فَلَا يَحْتَاجُ إِلَى غَيْرِهِ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ الْمُقِيمُ لِغَيْرِهِ، فَلَا قِيَامَ لِغَيْرِهِ إِلَّا بِإِقَامَتِهِ. فَانْتَظَمَ هَذَانِ الِاسْمَانِ صِفَاتِ الْكَمَالِ أَتَمَّ انْتِظَامٍ". اهـ بتصرف.

ومن ذلك أيضا:

أسماء النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم التي وردت في حديث جبير بن مطعم، رضي الله عنه، مرفوعا:

"لِي خَمْسَةُ أَسْمَاءٍ أَنَا مُحَمَّدٌ وَأَحْمَدُ وَأَنَا الْمَاحِي الَّذِي يَمْحُو اللَّهُ بِي الْكُفْرَ وَأَنَا الْحَاشِرُ الَّذِي يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى قَدَمِي وَأَنَا الْعَاقِبُ".

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير