تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

زوج إسماعيل عليه السلام من جرهم من اليمن. فكانت تلك الذرية هي أول إعمار للجريزة بدأ من مكة المكرمة في الحجاز حتى إذا ضاق بهم المكان خرجوا إلى سائر الجزيرة (لسان العرب: عرب).

-4 -

وإذا كان لنا أن نتأوَّل ترتيب زمن خروج هذه القبائل من الجزيرة وصولاً إلى تلك البلاد المحيطة بها، بحيث يكون الترتيب من الأبعد زمناً إلى الأدنى، فكيف يكون هذا الترتيب؟

قلت: إذا كان الأصل في الأبن أنه ينسب إلى أبيه وأمه ثم إلى جده وجدته، ثم كان كل واحد من هؤلاء الأقارب يمثل قبائل بلد، فالجدة تمثل القبائل التي خرجت إلى مصر، والجد يمثل القبائل التي خرجت إلى العراق، والأم تمثل القبائل التي خرجت إلى اليمن، والأب يمثل القبائل التي خرجت إلى الشام، فقد أشعرنا هذا أن القبائل التي خرجت إلى مصر هي أبعد القبائل زمناً في الخروج من الجزيرة؛ لأن موضع الجدة هو الأبعد في خط النسب قياساً من موضع الأبن. ثم كانت القبائل التي خرجت إلى العراق هي الثانية في الخروج؛ لأن الجد أقرب من الجدة في خط النسب، ثم كانت القبائل التي خرجت إلى اليمن هي الثالثة في الخروج؛ لأن الأم أقرب من الجد في خط النسب، ثم كانت القبائل التي خرجت إلى الشام هي آخر القبائل خروجاً من الجزيرة؛ لأن الأب أقرب من الأم في خط النسب قياساً من موضع الإبن- والله أعلم.

المسألة الثالثة: أصل معنى لفظي (المستعرِبة والمتعَرِّبة):

-1 -

قال اللسان: تقول عرب عاربة وعَرْباء: صرحاء، ومُتَعَرِّبة ومُسْتَعْرِبة: دخلاء ليسوا بخلَّص.

قلت: وقد سبق أن ناقشنا قول اللسان الآنف في أول المسألة الثانية فارجع إليه. ومما ينبغي علينا أن نعلمه قبل الخوض في بيان أصل معنى لفظ (العرب المستعرِبة) أن نعلم أن هذا المصطلح قد صار علماً على أبناء إسماعيل عليه السلام، وهو الذي يرجع في وجوده التاريخي إلى عام (2000) قبل الهجرة، وهو زمن كانت الجزيرة تعيش فيه عصور الجفاف كما هو في هذا العصر وذلك بسبب انقضاء العصور المطيرة، وإن من أبرز سمات الجفاف قلة الماء، وهي المسألة التي تعنينا في هذا الموضوع.

-2 -

قلت: وأما أصل معنى لفظ (المستعرِبة)، فنحن نعلم أن صيغة (استفعل) تفيد أحد معنين إما الصيرورة نحو (استحجر الطين) أي صار حجراً، وإما الطلب نحو (استفهم الرجل) أي طلب الفهم، وقد فسر اللسان معنى (المستعربة) على معنى الصيرورة، إذ جعل معنى (المستعربة) هم الأقوام الذين صاروا عرباً ولم يكونوا كذلك في أصلهم.

قلت: وهذا قول غير صحيح، فليس للمسألة علاقة بالنقاء العنصري، وإنما علاقتها بالماء العَرِب. فالعرب المستعربة: هي القبائل التي تطلب (العَرِب)، إذ جاز لفظ (العَرِب) إلى مطلق الماء، وإنما طلبت القبائلُ (العَرِبَ) أي الماء، بسبب القحط والجفاف، وذلك باستخراجه من (الأشعار) أي الآبار (2).

-3 -

وأما مصطلح (المتعرِّبة) فهو علم على أبناء إسماعيل u أيضاً، وهو على صيغة اسم الفاعل من الفعل (تَعَرَّب) بوزن (تَفَعَّلَ) نحو تَصَبَّر وتَشَجَّع، وهي صيغة تفيد التكلف أي تكلف الصبر وتكلف الشجاعة.

ومعنى (تَعَرَّب) أي تكلف طلب (العَرِب) أي الماء، واسم الفاعل منه (المتعرِّبة) وإنما تكلفت القبائل طلب (العَرِب) أي الماء بسبب الجفاف والقحط في الجزيرة، بعد أن كانت أنهاراً وجناتٍ في زمن العصور المطيرة.

المسألة الرابعة: أصل معنى لفظ (الأعراب):

-1 -

قلت: الأعراب: جمع عَرَب، نحو نَبَطٌ أنباط، وقلم أقلام، والعَرَبُ هو الماء الكثير الشديد الجريان في الوادي.

-2 -

ثم وصف الناس الذين فيهم سرعة الإنفعال والطيش بالأعراب فقيل (فلان أعرابي الخلق) أي شديد الإنفعال سريع الغضب فهو كالماء الشديد الجريان الذي يجرف ما وقع أمامه. ومن ثَمَّ حملت هذه الصفة دلالة الذم، ثم غلب لفظ (الأعراب) على أولئك الناس الذين تلك صفاتهم، فصار لفظ (الأعراب) بذلك اسم جنس. والمفرد منه (أعرابي). ثم وصف الناس الطائش بصفة الجاهلي نسبة إلى (الجاهل) وهو (التنور) في مرحلة لاحقة، وسيأتي الحديث عنه إن شاء الله.

ـ[القيصري]ــــــــ[29 - 01 - 2009, 11:41 ص]ـ

أصيل الصيف

أتطرق المؤلف في كتابه إلى أصل اللفظة ع ر ب في اللغات القديمة كالسومرية والأشورية والأكدية والآرامية والمندائية والنبطية؟ إن كان الجواب نعم فيا حبذا لو نقلتم ذلك. أما لو لم يناقش ذلك فهذه التخريجات لا قيمة علمية لها.

شكرا

القيصري

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير