قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري": "وأما كونه سمعه من هشام بلا واسطة وبواسطة فلا أثر له؛ لأنه لا يجزم إلا بما يصح للقبول، ولا سيما حيث يسوقه مساق الاحتجاج".
وقال ابن الصلاح - رحمه الله - في مقدمته في علم الحديث: "ولا التفات إلى أبي محمد بن حزم الظاهري الحافظ، في رد ما أخرجه البخاري من حديث أبي عامر، وأبي مالك الأشعري عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... من جهة أن البخاري أورده قائلا؛ قال هشام بن عمار، وساقه بإسناده. فزعم ابن حزم أنه منقطع فيما بين البخاري وهشام، وجَعَلَهُ جَوَاباً عن الاحتجاج به على تحريم المعازف، وأخطأ في ذلك من وجوه، والحديث صحيح معروف بالاتصال بشرط الصحيح". اهـ
قال الحافظ العراقي في ألفيته في الحديث:
وَإنْ يَكُنْ أوَّلُ الاسْنَادِ حُذِفْ = مَعْ صِيغَةِ الجَزْم فَتَعليْقَاً عُرِفْ
وَلَوْ إلى آخِرِهِ، أمَّا الَّذِي = لِشَيْخِهِ عَزَا بـ (قالَ) فَكَذِي
عَنْعَنَةٍ كخَبَرِ المْعَازِفِ = لا تُصْغِ (لاِبْنِ حَزْمٍ) المُخَالِفِ
الحاصل أن الحديث صحيح لا مطعن في إسناده.
* وقد بين الحافظ ابن حجر أن الحديث جاء موصولاً إلى هشام بن عمار عند الإسماعيلي في مستخرجه، والطبراني في مسند الشاميين. وكذلك بين الألباني، أن الحديث جاء موصولاً كذلك في صحيح ابن حبان، ومعجم الطبراني الكبير
و قد ذكر الحافظ ابن حجر الهيتمي، أن هذا الحديث قد جاء موصولا عن عشرة من أصحاب هشام بن عمار، كما في رسالته في تحريم السماع.
2 - دعوى جهالة الصحابي
فهي شبهة أشد ضعفاً عند العلماء، قال الحافظ في الفتح "الشك في اسم الصحابي لا يضر، وقد أعله بذلك ابن حزم وهو مردود".
والقاعدة يحفظها كل طالب علم للحديث الصحابة كلهم عدول
3 - الكلام على هشام ابن عمار وعطية بن قيس
هشام بن عمار من رجال البخاري روى عنه في صحيحه وروى عنه كذلك الترمذي وأبو داود والنسائي وابن ماجه ووثقه ابن معين والعجلي قال ابن معين حدثنا هشام بن عمار وليس بالكذوب وفال النسائي لابأس به وقال الداراقطني صدوق كبير المحل وقال عبدان ما كان في الدنيا مثله
قال ابن أبي الحواري إذا حدث في بلد فيه مثل هشام فيجب للحيتي أن تحلق
قال أبوزرعة الرازي - وحسبك - من فاته هشام بن عمار يحتاج أن ينزل في عشرة آلاف حديث
قال أبوعلي أحمد بن محمد الأصبهاني بعد موت أيوب بن تميم رجعت الإمامة إلى رجلين: عبد الله بن ذكوان والآخر مشتهر بالنقل والفصاحة والرواية والعلم والدراية وهو هشام بن عمار رزق كبر السن وصحة العقل والرأي فارتحل الناس إليه في نقل القراءة وأخبار الرسول - صلى الله عليه وسلم -
أما عطية بن قيس فقد وثقه أبو حاتم وابن حبان، وروى عنه جمع من الثقات ..
وهو من الطبقات العليا في الإسناد، وأخرج الشيخان الكثير من الأحاديث لرواة هم مثله، أو أقل شأناً منه ...
ومع ذلك فهشام بن عمار لم ينفرد بهذا الحديث، بل قد تابعه على ذلك بشر بن بكر. و كذلك لم ينفرد به عطية بن قيس عن عبد الرحمن بن غنم، بل قد تابعه على ذلك مالك بن أبي مريم. و هناك أيضا متابعة أخرى لهما جميعا، وهي متابعة إبراهيم بن عبد الحميد بن ذي حماية عمن أخبره عن أبي مالك الأشعري أو أبي عامرراجع
كتاب ((تحريم آلات الطرب)) للشيخ الألباني رحمه الله، فقد ذكر هذه الطرق كلها.
فتضعيف وإعلال أبي محمد بن حزم للحديث، غير صحيح؛ لأن ابن حزم، وإن كان حافظاً للحديث، إلا أنه لم تكن عنده مَلَكَةُ المحدثين والحفاظ في النقد، فضلاً عن أنه كان متشدِّداً جداً في التضعيف وتجهيل الرواة كما بينه الحافظ الذهبي وابن حجر وأبو الأشبال أحمد شاكر في تعليقاته على المحلى.
وإليك بعض الأئمة الذين صححوا الحديث:
1 - على رأسهم أمير المؤمنين في الحديث محمد بن إسماعيل البخاري.
2 - ابن حبان.
3 - الإسماعيلي.
4 - ابن الصلاح.
5 - النووي.
6 - ابن تيمية.
7 - ابن القيم.
8 - ابن كثير.
9 - الحافظ ابن حجر.
10 - الحافظ العراقي
11 - ابن الوزير الصنعاني.
12 - الحافظ السخاوي.
13 - الأمير الصنعاني.
14 - عبد العزيز بن باز.
15 - محمد ناصر الدين الألباني، وغيرهم من أهل الحديث.
* ثبوت الدلالة
ولا يمكن بحال جعل الغناء والحرير في سياق واحد مع الخمر والزنا اللذين نزل القرآن بتحريمهما، فليتأمل.
¥