وفي النهاية نذكر بقول الله تعالى في حقها:"مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلاَنِ الطَّعَامَ ... " فحصرها الله تعالى في كونها صديقة, أما عند نعت الأنبياء بنفس النعت فكان الله تعالى يقول: "صديقا نبيا" كما جاء في قوله "وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقاً نَّبِيّاً [مريم: 41] " وهو ما لم يذكره مع مريم فيرجح أن تكون صديقة فقط والله أعلى وأعلم
ـ[عصام العويد]ــــــــ[06 Oct 2008, 11:46 م]ـ
بالنسبة لسؤالي الأخت متبعة:
فالصديقة مريم عليها السلام لا يظهر وجود حرج في ذلك؛ للاختلاف في كونها نبية أو لا؟ وقد ذكرت في سورة الأنبياء مع الأنبياء في سياق واحد (وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آَيَةً لِلْعَالَمِينَ) [الأنبياء/91]،
ولم أقف على أحد من أهل العلم نهى عن اتباع اسم مريم بهذا اللفظ (عليها السلام)، ومن وقف فليفدني به مشكورا.
أما علي رضي الله عنه فهذا جواب من العلامة ابن باز رحمه الله في المسألة:
س: أثناء اطلاعي على موضوعات كتاب: (عقد الدرر في أخبار المنتظر)، في بعض الروايات المنقولة عن علي بن أبي طالب أجدها على النحو التالي: عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يخرج رجل من أهل بيتي في تسع رايات ما حكم النطق بهذا اللفظ أعني (عليه السلام)، أو ما يشابهه لغير الرسول صلى الله عليه وسلم؟
ج: لا ينبغي تخصيص علي رضي الله عنه بهذا اللفظ بل المشروع أن يقال في حقه وحق غيره من الصحابة (رضي الله عنه) أو رحمهم الله لعدم الدليل على تخصيصه بذلك، وهكذا قول بعضهم كرم الله وجهه فإن ذلك لا دليل عليه ولا وجه لتخصيصه بذلك، والأفضل أن يعامل كغيره من الخلفاء الراشدين ولا يخص بشيء دونهم من الألفاظ التي لا دليل عليها.
وجاء فى كتاب " الأذكار " للنووى " ص 120 ":
وأما غير الأنبياء فالجمهور أنه لا يصلى عليهم ابتداء، فلا يقال: أبو بكر صلى الله عليه وسلم.
واختلف فى هذا المنع، فقال بعض أصحابنا - الشافعية - هو حرام، وقال أكثرهم: مكروه كراهة تنزيه - أى لا عقوبة فيه - وذهب كثير منهم إلى أنه خلاف الأولى وليس مكروها، والصحيح الذي عليه الأكثرون أنه مكروه كراهة تنزيه، لأنه شعار أهل البدع، وقد نهينا عن شعارهم. انتهى كلام النووى.
واختار ابن القيم الجواز ما لم يتخذه شعارم أو يخص به واحدا إذا ذكَر دون غيره ولو كان أفضل منه، كفعل الرافضة مع على دون غيره من الصحابة فيكره، ولو قيل حينئذ بالتحريم لكان له وجه.
أما لماذا خُص علي رضي الله عنه، فهذا جهل انتشر بين كثير من العامة بسبب خصوصية علي رضي الله عنه لكونه من خاصة آل البيت، فظنوا أنه يُخص بهذا كما في الصلاة الإبراهيمية بزعمهم، وهو خطأ ولا ريب.
قال العلامة القسطلاني: [وقد جرت عادة بعض النساخ أن يفردوا علياً وفاطمة رضي الله عنهما بالسلام فيقولوا عليه أو عليها السلام من دون سائر الصحابة رضي الله عنهم في ذلك. وهذا وإن كان معناه صحيحاً لكن ينبغي أن يساوى بين الصحابة رضي الله عنهم في ذلك فإن هذا من باب التعظيم والتكريم والشيخان وعثمان أولى بذلك منهما] المواهب اللدنية 3/ 355
أما مداخلة الأخ المبارك عمرو فلكلامي أيها الفاضل واضح تماما أني لم اثبت النبوة ولم أنفِها، فإن كنت سلمك الباري تختار نفي النبوة عنها فلك ذلك، وقد ذهب إليه خلق من أهل العلم، لكن للمخالف أن يقول:
قولك (فالله يُنبأ -يجعل نبيا- بعض البشر ليقوموا بأداء مهمة ما, فما هي المهمة التي قامت بها السيدة مريم لكي تكون نبية؟ لم يذكر لنا القرآن ولا السنة ولا التاريخ أن السيدة مريم لعبت أي دور سوى أنها كانت أما لسيدنا عيسى وتحملت المعاناة من أجل حملها الذي حدث بدون والد!)
فما هي المهمة التي حكاها القرىن أو السنة عن زكريا عليه السلام؟
المحكي عن مريم عليها السلام أكثر من المحكي عن عدد كبير من الأنبياء عليهم السلام.
ثم تقول سلمك الله وفي النهاية نذكر بقول الله تعالى في حقها:"مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلاَنِ الطَّعَامَ ... " فحصرها الله تعالى في كونها صديقة, أما عند نعت الأنبياء بنفس النعت فكان الله تعالى يقول: "صديقا نبيا" كما جاء في قوله "وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقاً نَّبِيّاً [مريم: 41] " وهو ما لم يذكره مع مريم فيرجح أن تكون صديقة فقط
فهذا يوسف عليه السلام قال الله في كتابه (يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ) [يوسف/46]، وبهذا أجاب الحافظ ابن حجر كما سبق النقل عنه.
وكيف الجواب عن أن الله عز وجل لم يذكر في سورة الأنبياء إلا الأنبياء وذكرها معهم عليهم السلام؟ فهذه قرينة قوية.
أعود فأقول: عندي أن الأدلة محتملة للقولين، والله يحفظك ويرعاك.
¥