وأن يقولَ القرآن ذلِكَ , فلا أحتاج أن اسْتَبْدِلَ هذا القوْلَ بِغيْرِه , ولأجْلِ غيْرِهِ أؤوِّلَ الآية , وأْزعُمُ صِحّةَ ان أباهُ إسْمُهُ تارِح كما يقول كتبة التوراةِ المُحرّفَة , والنسّابَة الذين ما نقلوا الإسْم إلا عنْهُم ... ثم بعْدَ أن أزعُم صِحّةَ الإسْمِ في التوْراةِ , أعرُجُ إلى كِتاب الله فأْْزْعُمُ أن المُرادَ بالأب هو العم .. ولِذا فتقول أن "آزر " في الحقيقةِ عمُّهُ لا أبوه ... سُبْحان الله ...
بل هو كما قال اللهُ عزّ وجلّ أبوهُ لا عمُّه ... وتارِح رُبما يكونُ اسْماً آخَرَ لهُ إن صحّ , ومعْلومٌ أن الأسْماء في كتاب اليهود قد تحرّفت وتأوّلت وتغيّرَت ... ولم يبقى إلا أسماءُ الأنْبياءِ وحْدَهُم سليمة لتواتُرِ نقْلِها بيْنَهُم!!!
إذاً قوْلُكُم يحْتاجُ مِنْكُم إعادةُ النَّظَر .. والصواب الذي لا خِلاف فيهِ ولا جِدالَ عليْهِ: هيْمَنَة الكِتاب الخاتَم ... والقوْلُ هو ما قالهُ اللهُ عزّ وجل .... لا ماقالهُ عِِزْرا الكاتِب وأتْباعُه ... ولعلّ بعضاً مِنَ السلفِ - رحِمَهُم الله - من قال بِذلِكَ ... ولا أظُنُّ من قالَ بِذلِكَ كان يعْلَمُ أن عُمْدَةَ القوْلِ في ذلِك هو كِتاب التوْراةِ المقطوعُ السّنَدِ , ولكان توقّف بنقْلِ هذا القوْلِ ,وإن كانوا قد قالوه جميعاً بصيغَةِ "قيل" و "يُقال" , وجميعُها غير منسوبةٍ للهِ ولا لِرَسولِهِ!!! , ولِذا فكان أولى القوْل بالصوابِ عِنْدَ جميعِ مُفسِّرينا هو ماقالهُ اللهُ عزّ وجلّ "لأبيهِ آزر"
جاء اسم إبراهيم عليه السلام من مادة "برهم" وهي في المعنى " البرعم"؛ وقد ساد الظن بأن "تارح" والد إبراهيم عليه السلام قد مات، ولم يترك من خلفه ذرية له، فكان كالشجرة الميتة؛ فإذا بهذه الشجرة يخرج لها برعمة وتحيى من جديد؛ هو إبراهيم عليه السلام، الذي رباه عمه "آزر" والعم يسمى أبًا وخاصة إذا ربى ابن أخيه، كما سمي إسماعيل أبًا ليعقوب عليهما السلام، ثم ليكون بعد ذلك برعمة تمتد عبر الزمان، ليكون إمامًا للناس، وفي ذريته انحصرت النبوة والكتاب.
أخيراً لو كان المُرادُ بآَزرَ هو عمُّهُ , لكان قد وصَلنا عِلْمُ ذلِكَ عن رسولِ الله صلّى اللهُ عليْهِ وسلّمَ , لكِن جاءَ في الحديث .. الذي رواهُ البُخاري «يلقى إبراهيم عليه الصلاة والسلام أباه آزر يوم القيامة على وجهه» فسماه النبيّ صلى الله عليه وسلم آزر أيضاً ولم يقل أباه تارح كما نقل عن النسابين والمؤرخين فثبت بهذا أنّ اسمه الأصلي آزر لا تارح.
تقبّل مروري
واللهُ تعالى أعْلَم ...
ـ[أمير عبدالله]ــــــــ[23 Oct 2008, 04:26 ص]ـ
الأخ الكريم ... قرأتُ موْضوعَكَ ولم أقِف على أساسٍ عِلْمِيٍّ تسْتَنِدُ عليْهِ إلا الظن والنظْرَة الخاصّة ... فوجَب القاعِدةُ الثانِيَة.
أما القاعِدةُ الثانِيَة:
فهي الأمْرُ باتِّباعُ العِلْمِ لا الظن
الأخ الكريم أرى أنّكَ في بحْثِكَ هذا اعْتَمَدْتَ على تأمُّلِكَ الذاتي , ولم تعْتمِد على أساس يُعضِّدًُهُ حقائِقُ العلم ومعرفة تاريخِ الكِتابةِ العربيّةِ , أو تاريخُ رسْمِ القرآن الكريم ... وان نتيجة واحدة صحيحة يقود إليها الدليل العلمي الواضح خير وأجدى مِن تأمُّلٍ يخْتَلِفُ مِنْ شخْصٍ لِآخَر , ولو تركْنا الأمر الآن لكُل أهل المُنْتدى ليضعوا نظرياتٍ يُعلِّلون بِها حذْفَ حرْفِ الألِف لخرج المنتدى بنظرِيّاتٍ تُساوِي عدد أعْضائِهِ ... ولن يكونَ في أيِّ نظريّة مِنْهُم الحُجّة والعلْمِ والبُرْهان , بل جميعاً عُمْدَتُهُم الظن والرجْم بالغيْبِ ومات ارْتأتْهُ نفْسُه ... وينْطبِقُ على جميعِكُم قوْلَهُ تعالى " {مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ} .... فهذا كُلُّهُ مِن بابِ الظنِّ المرْجوحِ الذي لا يقْوم عليْهِ دليل ..
وكان كان أبو بكر الصديق رضي الله عنه يقول في المسألة إذا سئل عنها فاجتهد: " أقول فيها برأيي، فإن كان صواباً فمن فضل الله ورحمته، وإن كان خطأ فمن نفسي ومن الشيطان" .. فما بالُكَ وأنتَ تُسمِّي هذا عِلْماً والعلْمُ لا يُفيدُ إلا اليقين؟!!!! , فمن أيْنَ جاءكَ اليقينُ يرْحمنا ويرْحمُكَ الله؟!!!!!!!
إن أعْظَم وأخْطَر مافي الظنِّ أن يُوجّهَ نحْوَ كِتابِ الله ... !!!! ...
" ولا حوْلَ ولا قُوّةَ إلا بالله " .... !!
أخي الكريم .. يقولًُُ اللهٌ تعالى: " إَنَّ الظن لاَ يُغْنِى عَنْ الحق شَيْئاً " , ويقولُ تعالى {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْأِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ} ... ويقول تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ} [49/ 12]، وبقولُ تعالى {قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ} , ويقول تعالى {وَإِنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِى مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً} , ويقولُ تعالى " {مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ} .... وفي الحديث: يقولُ صلّى اللهُ عليْهِ وسلّمَ "إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث".
أسْأل الله تعالى أن يتّسِعَ صدْرُكَ لما نقول , فقد تكونُ عِنْدَ الله أفضلُ مني ألْفَ مرّة , فخُذ ما يقولُهُ أخوكَ يَزْدادُ إن شاء اللهُ فضْلُك .. ولا يغُرّنّكَ ثناءُ من أثْنى , أو يُثْْنِيِكَ عن ترْكِ أمرٍ للهِ ولوجْهِ اللهِ "الخشْيَةُ مِن ضياعِ جُهْدِ سِنين " , ونحنُ واللهِ أحْوَجُ ما يكونُ إلى أخٍ باحِثٍ مِثْلِكَ يُفيدُ بِعِلْمِهِ , لكِن نشْدُدُ على يديْهِ أن يكونَ عُمْدَتُهُ العلم واليقين وليْسَ الظن وتغليبُ ما ارْتأتتهُ النفس , وتطويع كتاب اللهِ للنظرةِ الخاصّة , بدلاً من تطويعِ نظرتِكَ أنت ومنْهجِكَ لكِتابِ الله.
¥