تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

الأمر سوءاً عندما يستولي المرابي على بيوتهم ومزارعهم والبقية الباقية من مصانعهم ومتاجرهم.

وسهولة الاقتراض بالربا تشجع على الإسراف وإنفاق المال فيما لا يفيد ولا يغني .. يقول المراغي ([20]):-

(فالسر في هذا أن المقترضين يسهل عليهم أخذ المال من غير بدل حاضر ويزين لهم الشيطان إنفاقه في وجوه الكماليات التي كان يمكن الاستغناء عنها، ويغريهم بالمزيد من الاستدانة، ولا يزال يزداد ثقل الدّين على كواهلهم حتى يستغرق أموالهم، فإذا حل الأجل لم يستطيعوا الوفاء وطلبوا التأجيل، ولا يزالون يماطلون ويؤجلون، والدّين يزداد يوماً بعد يوم، حتى يستولي الدائنون قسراً على كل ما يملكون، فيصبحون فقراء معدمين، صدق الله:" يمحق الله الربا ويربي الصدقات" [البقرة: 276] ([21]).

9. الكساد والبطالة:-

إذا ارتفعت أثمان الأشياء ارتفاعاً عالياً فإن الناس يكفون عن الإقبال على السلع والخدمات المرتفعة الأثمان، إما لعدم قدرتهم على دفع أثمانها، أو لأنها ترهق ميزانيتهم، وإذا امتنع الناس عن الشراء كسدت البضائع في المخازن والمتاجر، وعند ذلك تقلل المصانع من الإنتاج، وقد تتوقف عنه، ولا بد في هذه الحالة من أن تستغني المصانع والشركات عن جزء من عمَّالها وموظفيها في حالة تخفيض إنتاجها، أو تستغني عن جميع عمّالها وموظفيها إذا توقفت عن الإنتاج، وعندما يحس المرابين بما يصيب السوق من زعزعة يزيدون الطين بلَّة، فيقبضون أيديهم، ويسحبون أموالهم، فعند ذلك تكون الهزات الاقتصادية. الأمر العجيب لأن الأموال في المجتمع كثيرة، ولكنها في خزائن المرابين، والناس بحاجة إلى السلع، ولكنهم لا يشترونها لعدم وجود المال بين أيديهم، والعُمَّال يحتاجون إلى عمل، ولكن المصانع والشركات تمتنع من تشغيلهم لحاجتها إلى المال من جانب وإلى تصريف بضاعتها من جانب.

إن الربا يحدث خللاً في دورة التجارة، والإسلام في سبيل إصلاح هذا الخلل وغيره حرَّم الربا، وشرع تشريعات كثيرة تمنع تركز المال في أيدي طائفة من أفراد المجتمع…

واليوم تعاني أمريكا زعيمة الرأسمالي من أزمة بطالة مخيفة حيث زاد عدد العاطلين عن العمل في أمريكا عن اثني عشر مليوناً، وعدد الشركات التي أعلنت إفلاسها في عام 1982م ربا على (25000) شركة، وهذه النسبة تُعدُّ رقماً قياسياً لم تبلغه تلك الديار منذ سنة 1933م، وأظهرت إحصاءات رسمية أذيعة في بون ألمانيا الغربية أن عدداً قياسياً من شركات ألمانيا الغربية قد أفلست في عام 1982م بسبب الكساد والركود الاقتصادي وأسعار الفائدة المرتفعة ونقص رأس المال الاستثماري … ([22]) إن تكبيل الأمم بهذه القيود الرهيبة يجعلها تعمل وتعمل وتعمل ولا تستفيد من عملها شيئاً، كل عملها يذهب إلى خزائن المرابين، وعند ذلك لا يستطيع الأفراد الحصول على حاجياتهم، ومع ذلك فإن الدولة تفرض المزيد من الضرائب، وترفع الأسعار لمواجهة العجز في مدفوعاتها، فتقوم الثورات وتحصل الاضطرابات وتزهق الأرواح،… وقد يصل الأمر إلى درجة تعجز الدولة عن السداد وعند ذلك تلغي الدولة ديونها… ([23])

10. توجيه الاقتصاد وجهة منحرفة:-

ومن بلايا الربا أنه يُوجه الاقتصاد وجهة منحرفة، فالمرابي يدفع لمن يعطيه ربحاً أكثر، وأخذ القرض الربوي لا يوظف المال الذي اقترضه إلا في مجالات تعود عليه بربح أكثر مما فرضه عليه المرابي.

إذن القضية تكالبٌ على تحصيل المال، وفي سبيل ذلك تتجاوز المشروعات النافعة التي تعود بالخير على المجتمع، ويوظف المال في المشروعات الأكثر إدراراً للربح.

فإذا كانت نوادي القمار ونوادي العهر والفسق تعطي عائداً أكثر من المشروعات الصناعية والتجارية فإن المال الربوي يجري إليها جرياً، في حين تحرم المشروعات التي يحتاج إليها الإنسان من تلك الأموال ([24]).

11. التسبب في الأزمات الجائحة:-

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير