تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

تبدأ الآيات بقوله تعالى (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا) الإنسان يمكن أن يسأل: أولاً لِمَ قال (فتاه)؟ ما المقصود بالفتى؟ والأمر الثاني لماذا يخبره بهذا الكلام؟ أصل القصة كما تذكرها الأحاديث الصحيحة أن موسى ? سُئل عن أعلم من في الأرض أو عن العلم فقال أنا فقيل له أنت لا تعلم كل شيء، أوحى الله سبحانه وتعالى إليه أن علمك جزء من العلم وليس كل العلم فأراد أن يربّيه التربية الإلهية بالتطبيق أن يعلم أن هناك حيّزاً من العلم لم يُمنَحه وهو علم الغيب. أنت تعلم العلم الظاهر، علم الشرع. فوعده.في مكان خذ معك سمكة أو حوتاً في مِكتل وتذهب به إلى مجمع البحرين وهناك سيذهب الحوت، في المكان الذي سيذهب فيه الحوت ستجد الرجل الذي وعدتك به. هذه هي القصة.

أولاً كلمة فتاه هذه لمسة من القرآن الكريم في الوقت الذي كان هناك عبودية وتبعية الإنسان يكون تابعاً لغيره. الرسول ? ينهى أن يقول المرء عبدي أو أمتي وإنما يقول فتاي وفتاتي الفتى كأنه إبن. فكأن هذه لمسة إنسانية من رسول الله ? الذي هو رسول البشرية ورسول الإنسانية جميعاً. لا يقال خادمتي، عبدتي، عبدي، أمتي وإنما فتاي وفتاتي حتى هو الشخص العامل يحس بقيمته الإنسانية عند ذلك. فالقرآن يذكر هذا الكلام حتى يؤدّب قُرّاء القرآن كيف يتعامل مع الناس.

(لا أبرح حتى) هذه كلمة تقال لبيان الإصرار على الشيء: لا أبرح حتى أفعل كذا أي سأستمر على جهدي إلى أن أفعل هذا الأمر.

(أو أمضي حقبا) الحقب جمع حِقبة والحقبة هي مدة من الوقت قسم يقول سنة وقسم يقول ليس لها وقت محدود كأنه يقول سأمضي إلى ما لا نهاية. (لا بثين فيها أحقابا) أي أزمنة طويلة قد لا تكون محسوبة. هذا الإصرار ينبغي أن يعلمه المصاحِب له. لا ينبغي أن يخدعه أو أن يغشّه، هو معه يخدمه، إذن ينبغي أن يعلم من معك أين تريد ولذلك الرسول ? كان في غزواته القريبة يورّي (يستعمل التورية) مثلاً هو يريد أن يذهب إلى المنطقة الجنوبية يبعث رجلاً للمنطقة الشمالية يقول له إستكشفوا لنا الطريق فيظنّ الناس في المدينة أنه سيذهب إلى الشمال لكن لما خرج ? في غزوة تبوك نبّه الصحابة إلى أنه يريد الروم حتى الذي يريد أن يأتي معنا يأتي والذي لا يأتي يتحمل نتائج عدم مجيئه لأنه الذي يقوى على المجيء هناك أناس فاضت أعينهم من الدمع حزناً أن لا يجدوا ما ينفقون لم يكن عندهم شيء فجلسوا.

(وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا) كان في هذا بيان لفتاه أنه قد يمضون زمناً طويلاً في رحلتهما. الآية لا تقول لنا إن الفتى وافق لكن المفهوم ضمناً من قوله تعالى (فلما بلغا مجمع بينهما) أنه كان معه.

.ما هذان البحران؟ كما قلنا في منهجنا ما سكت عنه القرآن نسكت عنه لأنه لو كان فيه فائدة للقاريء كان ذكره القرآن. فإذن مجمع البحرين هو مكان يجتمع فيه بحران مع مراعاة أن العرب تسمي النهر الكبير بحراً: النيل في لسان العرب بحر، والفرات في لسان العرب بحر ودجلة في لسان العرب بحر. لكن لما يأتي إلى الأنهار الصغيرة يقول نهر. قد يسميه نهراً أو قد يسميه اليمّ وقد يطلق اليم على البحر أو على النهر الكبير. هناك إذن نقطة إلتقاء أو قد تكون نقطة إفتراق لأن المكان الذي يجتمع فيه فرعان. الإنسان يمكن أن يتخيل ما شاء الله له أن يتخيل مع مراعاة المكان الذي عاش فيه موسى ?: هو عاش في في مصر، فلسطين وسيناء. يمكن أن يكون البحر المتوسط أحد هذين البحرين مع النيل وقد يكون تفرع النيل، أو الملتقى ويمكن أن يكون أي شيء. لكن ليس فيه فائدة وما عندنا دليل على وجه التحديد أنه هذا لكن هناك مؤشرات لما يقول مثلاً: السفينة وجاء عصفور فنقر نقرة في الماء معناه أن الماء حلو لأن العصفور لا ينقر من ماء مالح فهو إذن ماء حلو أو في الأقل ماء مخلوط. لا نطيل أين هذان البحران؟ لا فائدة من ذلك.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير