تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

(مجمع بينِهما): كلمة بين هي ظرف مكان تشير إلى مساحة. (مجمع بينِهما) هذه المساحة التي إجتمع فيها البحران. لما نرجع إلى أصل كلمة البين هي بمعنى البِعاد والمفارقة ومنه قول الشاعر في مدح الرسول ? (بانت سعاد فقلبي اليوم متبول). البين هو البعاد والمفارقة فإذن هو فيه معنى المفارقة، معنى الفصل أن يكون فاصلاً. (مجمع بينهما) هذا الفاصل جعله للبحرين لأن كل واحد منهما له جزء منه لأن هذا ماء والماء يختلط حتى إذا كان ملح وحلو يكون هناك منطقة مختلطة سماها القرآن الكريم (برزخ) هذا البرزخ منطقة الإجتماع بينهما، هناك فاصل منطقة مختلطة (بينهما برزخ لا يبغيان) لا يكون هناك خلطٌ كامل. هذا قد يشاهده أهل منطقة البصرة: شط العرب جزء منه فيه ملوحة من الخليج ثم لما تصعد إلى الأعلى يقل الملح فهناك منطقة فيها إختلاط.

(مجمع بينهما) جعل البين واحداً وفي مكان آخر جعله بينين (هذا فراق بيني وبينك) جعل لكلٍ بيناً لكن هنا جعل بيناً واحداً (مجمع بينهما). ليس من السهل أن تفصل بين هذا عن بين ولذلك فقال القرآن (مجمع بينهما). لهذا نقول كل كلمة في القرآن هي في موضعها في كتاب الله عز وجل.

(نسيا) لماذا إستعمل التثنية في النسيان؟ ممكن إذا جاء إثنان أحدهما متبوع والآخر تابع أن المتبوع يتكلم بإسم الإثنين: ذهبنا أنا وهذا، هو يتكلم بإسمه لكن يبدو هنا أن النسيان بمعنيين: موسى ? نسي والفتى نسي لكن نسيان موسى ? غير نسيان الفتى. موسى ? يعلم أن لُقياه لهذا الرجل يكون عن طريق ذهاب الحوت فلما أمضيا الليل في هذا المكان عند الصخرة (وسيأتي لماذا قلنا أنهما أمضيا الليل) يُفترض أنه في الصباح قبل أن يغادر أن يسأل عن الحوت هل بقي أو ذهب لأن علامة لقياه أن يذهب الحوت في البحر مع أن الحوت كان مشوياً وأكلا منه في الطريق، هذه مهجزة أن هذا الحوت الذي كان مشوياً وأكلتما بعضه سيُبعث حيّاً ويمضي في البحر بطريقة عجيبة سيذكرها لنا (سربا). فنسيان موسى ? نسي ليس بمعنى حدث شيء ولم يتذكره وإنما غفل عن ذكره أو أهمله، يعني أهمل ذكر الحوت، نوع من إهمال الشيء كما قيل في القرآن الكريم (كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تُنسى) أي أهملتها، لم تأخذ بها لأنها ما جاءته وحفظها ثم نسيها لكنه أهمل العمل بها والأخذ بها والإنتباه إليها. كذلك اليوم تُنسى أن تهمل (فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا) نهملهم كما أهملوا كما أهملوا هذا اللقاء. ولذلك فنسيان موسى ? من باب الإهمال: أهمل ذكر الحوت. أما نسيان الفتى أنه وموسى ? نائم، هو رأى عجباً رأى هذا الحوت يقفز من المِكتل وهو مشوي ومأكول منه يقفز إلى الماء ويمضي في الماء بشكل سريع بحيث يكوّن سرباً، الرسول ? حلّق بين أصابعه ? يعني صنع نفقاً من الماء بسرعة بحيث صار الماء نتيجة سرعته كأنه نفق وهذا معنى سرب. (جعل لنفسه مسرباً: نفقاً). السرب بمعنى نفق الماء، فسار فيه ولذلك هذا لا يُنسى. فإذن هذا الحادث وقع وكان ينبغي لما يستيقظ موسى ? أن يحدّثه الغلام بما حدث لأنه أمر عظيم لكنه نسي وغاب عنه. فنسيان موسى ? غير نسيان الفتى لكن كلاهما نسي وكلٌ نسي بما يناسبه من النسيان: موسى ? كان نوعاً من الإهمال أهمل ذكر الحوت وكا كان ينبغي أن يهمله لأن موعده مع الرجل بحركة الحوت.

ما الذي يدلّ على أنهما ناما ليلاً؟ (فلما جاوزا) مضيا ويبدو أنهم مشيا مسافة وظهر عليهما التعب في أوائل شروق الشمس لأن الغداء في اللغة هو غير ما نستعمله نحن الآن (وقت الظهيرة) وهذا ليس صحيحاً. الغداء في العربية هو طعام الغداة والغدوة ما بين الفجر وشروق الشمس. الإفطار يكون بعد الصيام. فقال (آتنا غداءنا) معناه هو خرج بعد الفجر أو قبيل الفجر لا ندري المهم ناما وقتاً أو بعضاً من الليل لم تخبرنا الآيات. الغداء قبل شروق الشمس أو مع شروق الشمس. الغداء أول وجبة يتناولها العربي في وقت الغدوة بين الفجر وشروق الشمس (بالغدو والآصال) وكما في الحديث (لرزقكم كما ترزق الطير تغدو خماصاً وتعود بطانا). فإذن كان مبيت بعض الليل ثم سارا إلى أن أُنهِكا فقال نأكل هذا الأكل. (لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا) هذا مؤكد أنه ظهر عليه التعب الشديد بوجود اللام و (قد): (قد للتحقيق واللام للتأكيد) كأنه قَسَمٌ محذوف: والله لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا). (نصبا)

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير