في الآية إثبات لوجود الإنجيل، وإثبات لوجود أهله، فهم مأمورون أن يحكموا بما أنزل الله فيه، وأهل الإنجيل منهم من سكن مصر ومنهم في في روما وفي أثينا وفي الحبشة ... ونسخ الإنجيل في كل الأمصار هي نفس النسخة، فهل الذي حرف الإنجيل طاف جميع البلدان ليحرف كل النسخ!!
الدليل الخامس:
قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ ....
هذا خطاب الله لرسوله عليه الصلاة والسلام يأمره أن يقول لأهل الكتاب: لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ، هل يأمرهم أن يقيموا شيئا لا وجود له!!
قال تعالى: وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ ...
الآية تثبت أن معهم التوراة، لو كانت محرفة أو منقوصة لما سما ما معهم (التوراة).
أما كلامك هذا ففيه خلط كثير، وقد أقول فيه تلبيس. وأنا أرد عليه فقرة فقرة:
هل في القرآن ما يثبت تحريف التوراة والإنجيل؟
نعم:
قال الله تعالى:
(أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) البقرة (75)
وهذا يحتمل تحريف المعنى واللفظ.
وقال تعالى:
(فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ) البقرة (79)
وهذا واضح في التحريف والتأليف
وقال تعالى:
(وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) سورة آل عمران (78)
بقي أن نبحث عن أدلة من القرآن تثبت أو تنفي تحريف التوراة والإنجيل. نذكر بأن التوراة هي فقط ما أنزل على موسى عليه السلام، أما أسفار داوود وسليمان وحزقيال وإشعياء و ... هؤلاء كلهم جاءوا بعد موسى فكيف تصبح أسفارهم توراة، وهؤلاء الأنبياء لم يكتبوا أسفارهم بل هي روايات عنهم قد تتضمن الحق والباطل.
وليس العهد الجديد هو الإنجيل، إن كان الإنجيل هو السيرة الذاتية للمسيح عليه السلام من قول وفعل وأحداث متعلقة بالمسيح فهو إذن تلك الروايات الأربع.
قال تعالى عن الذكر: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ.
هل الذكر محفوظ لأنه قرآن أم لأنه بَلَاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ.؟
التعهد بحفظ الذكر جاء مناسبا لما ختمت به سورة إبراهيم، فإذا كان بلاغا للناس فينبغي أن يصل إليهم كاملا غير منقوص وغير محرف ليكون حجة عليهم أنما هو إله واحد.
الذكر الذي كان بلاغا للناس (النصارى) قبل القرآن هو الإنجيل فهو حقيق أن يحفظ من التحريف ومن النقصان َلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ ليذكروا أن الله واحد وليس ثالث ثلاتة، وليس هو المسيح.
وهذا الكلام فيه خلط فأول الكلام يدل أنك تنفي أن تكون كتبهم الموجودة هي التوراة والأنجيل، ثم تستدل بعد ذلك أن الغاية من حفظ الذكر هو إقامة الحجة على الناس، وعليه فلا بد أن تكون التوراة والإنجيل محفوظة.
وأنا أقول: إن هذا اجتهاد مقابل النص، فالله أخبر أنهم استحفظوا على التوارة:
(إنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآَيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ) سور المائدة (44)
ولكنهم مع الزمن تخلوا عن القيام بمسؤلية الحفظ وكتموا وحرفوا وبدلوا، كما قال تعالى:
¥