تقول: ولنا هنا على هذا الكلام الملاحظة الآتية: تقول:" الذين لم يصلهم خبر ظهور الإسلام لا يقال لهم لستم .. " هذا عجيب، لأن القرآن لا يكلّم إلا من يسمع. فلا يعقل أن نقول:"اسمع يا من سوف لا يسمع" هذا طبعاً من العبث. فالكلام إذن لمن يسمع ويصله البلاغ.
أقول: إذا سأل السامع عن مصير أبيه المتوفى أو يريد معرفة مصير غيره من أهل الكتاب الذين لم يصلهم البلاغ ألا يكون في هذه الآية ما يجيب على سؤاله!!
كما أنه ليس من المعقول أن يخاطب أهل الكتاب الذين عرفوا الحق الذي جاء به القرآن أن يقيموا التوراة والإنجيل، فهل على اليهودي الذي أسلم أن يقيم تعاليم التوراة التي تأمره أن يسبت يوم السبت!!
أخي الفاضل أبو عمرو
تقول: أكثر ما وردت لفظة (القرآن) في القرآن الكريم في المرحلة المكية، ومن أول نزول القرآن أطلق على الجزء منه أنه قرآن. وكذلك الأمر في التوراة والإنجيل الإنقاص من هذه الكتب لا يمنع من تسميتها وكذلك الزيادة عليها لا يمنع من بقاء جزء يسمى توراة أو إنجيل.
أقول: القرآن لم يقل (توراة) ولم يقل (إنجيل) بل ذكرهما معرفين ب (ال)، الغير مكتمل لا يعرف ب (ال).
أما استشهادك أخي الكريم بالآية:
وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ".
الآية تشهد أن أهل الكتاب كتموا بيان الكتاب، والكتمان لا يعني تحريف الكلام المكتوب بكتابة كلام آخر مكانه، ولا يعني الكتمان شطب الكلام المسطور من الكتاب، فقد يكون كتحريف الشيعة لمعاني الآيات كتفسيرهم للآية (ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ)
، (الْكِتَابُ) يعني عند الشيعة في هذه الآية هو علي رضي الله عنه.
أما إنجيل برنابا فهو كباقي روايات الإنجيل الأخرى ليس فيه ذكر لألوهية المسيح عليه السلام إلا أنه ظهر إلى الوجود في القرن 15،
لو كان إنجيلا لكان مع النصارى كباقي روايات الإنجيل الأخرى لأن رحمة الله لا يمسكها أحد عن الناس، برنابا يذكر أن مدينة نينوى تقع على البحر الأبيض المتوسط بينما هي في العراق، وأن مدينة الناصرة تقع على بحيرة طبرية.
إنجيل برنابا إنجيل مزيف موضوع،وسنرى أي الروايات التي يصدقها القرآن في ما يسمى بحادثة الصلب.
الله تعالى يختبر الناس اختبارا يتناسب مع الهدى الذي آتاهم، المسيح عليه السلام آتاه الله البينات التي هي من خصوصيات الله: يحيي الموتى بإذن الله، والاختبار المتوقع لأتباعه هو أن يوسوس لهم الشيطان بأن المسيح لم يفعل تلك العجائب إلا لأنه إله تجسد في صورة إنسان.
من حكمة الله أنه لا يختبر قوما حتى يبين لهم ما يتقون به الفتنة، قال تعالى: وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ.
فما هي الآية المناسبة التي يمكن أن يتقوا بها فتنة تأليه المسيح عليه السلام؟
إنها آية الموت، فالإله لا يموت، قال تعالى:
وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَلَا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُورًا.
إذن وفاة عيسى عليه السلام آية للناس تقيهم من تأليهه لعلهم يذكرون، ولكي تكون حجة عليهم فإنها ينبغي أن تكون آية مبصرة تستيقنها أنفسهم، ووسيلة اليقين هي الرؤية.
إذن فوفاة المسيح ينبغي أن تكون مرئية للناس يراهاأعداءه وأنصاره، فإذا كان المسيح هو الذي أمسكه أعداءه فتلك آية أنه لو كان إلها لاستطاع نصر نفسه لكنه لا يملك لنفسه نفعا.
القرآن جاء لنا بشهادته على ما حصل للمسيح عليه السلام إذ قال:
(وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ)، لم يأت في الآية ذكر للمشبه ولا للمشبه به، فكيف نفهم كيفية التشبيه!!
إذا تابعنا قراءة الآية إلى آخرها فسيتبين لنا كيفية التشبيه، قال تعالى بعد ذلك: وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا.
¥