الأبصار لا تختلف في جوهر الشيء بل في عرضه، أي أن الناس لا تختلف في أن الواقف أمامهم هو فلان الفلاني، ولكنهم قد يختلفون مثلا إذا كان هذا الفلان مصفر اللون، فريق سيظن أنه لونه الطبيعي، وفريق آخر سيظن أنه مريض لأن حالته (تشبه) حالة المريض.
مثلا: جماعة من الناس مر أمامهم رجلان، أحدهما يمشي مشيا مضطربا: يتمايل يمينا وشمالا، سيظن فريق من المشاهدين أن الرجل مخمور، وقد يظن البعض الآخر أن الرجل قد يكون فقد توازنه نتيجة دوار في رأسه سبب له دوخة.
قول كلا الفريقين مبني على الظن، فالذين ظنوا أنه مخمور لم يقتربوا منه ليشموا رائحة الخمر منبعثة من فمه، وما ظنوا الرجل مخمورا إلا لأن حاله (يشبه) حال شارب الخمر، فمن عنده اليقين في هذه المسألة؟
اليقين عند رفيق الرجل فهو صاحبه، فإذا جاء لينفي السكر عن صاحبه وليكذب ما ظنه البعض فإنه سيقول:
ما كان فلان مخمورا وما شرب مسكرا ولكن شبه لهم.
لماذا استعمل كلمة (شبه لهم)؟
لأن الذين قالوا إنه مخمور ما قالوا ذلك إلا لأن حاله وطريقة مشيه (تشبه) حال السكارى.
وبما أنه نفى حالة السكر فإن الفريق الثاني هو الذي كان على صواب، فالاختلاف يحصل في شيئين متشابهين نتيجتهما واحدة: السكر ودوار الرأس نتيتجتهما واحدة هي فقدان التوازن.
الموت والقتل نتيتجتهما واحدة هي فقدان الحياة.
الآية: وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ)، الاختلاف بين المشاهدين هو أن فريقا منهم ظن أن المسيح قتل لأن وفاته حصلت وهو على الصليب فالمسامير في نظرهم هي التي سببت الموت، وفريق آخر استبعد أن يكون المسيح مات بسبب ذلك فرجحوا أن الله هو الذي توفاه، كلا الفريقين لم يكونوا على يقين وإنما هو ظن، والذي عنده اليقين هو الله تعالى: وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا.
إذن فالفريق الذي ظن أن المسيح عليه السلام توفاه الله هو الذي كان ظنه في محله.
والخلاصة مما جرى يتبين منها صحة ضرب المسيح ويحيى عليهما السلام مثلا للإنسان جسد يحيى بالروح، فإذا قتل الإنسان فإن جسده هو الذي تهدم بنيته (يقتل)، أما الروح فلا تقتل ولكنها تتألم فقط، وهذا هو ما حصل: الجسد الحي قتل (يحيى)، والروح تألم (المسيح).
أيضا تبين لنا أن كيفية ولادة المسيح شبيهة بكيفية موته، فاليهود ماديون يردون كل شيء إلى الأسباب، فيوم ولد المسيح اتهموا أمه،والحقيقة أن الله هو الذي نفخ الروح.
ويوم مات المسيح قالوا نحن من قتله، والحقيقة أن الله هو الذي قبض الروح.
وفاة المسيح عليه السلام أبطلت فكرة تأليهه، فمن ذا الذي سيصدق أن المسيح هو الإله المتجسد في عيسى!! هل الإله يموت!!
لم يكن أمام الشيطان إلا اللجوء إلى تبرير الوفاة بعقيدة الفداء.
وهكذا أجد أن القرآن مصدق لروايات الإنجيل الأربعة، أما ما يسمى إنجيل برنابا فهو إنجيل مدسوس به أخطاء جغرافية، ويزعم أن الذي مات على الصليب هو يهوذا لذلك اعتبره النصارى إنجيل مدسوس من طرف أحد المسلمين.
ـ[أبو عمرو البيراوي]ــــــــ[31 Mar 2009, 01:45 م]ـ
الأخ الكريم (أبو علي).
تقول رداً على محب القرآن: ((قتل الأنبياء لا يعد إمساكا لرحمة الله)): أقول: أن تقول إن التحريف إمسك للرحمة، فكيف لا يكون القتل قبل تمام التبليغ إمساك وفق منطقك. وقد كررنا كثيراً أن الرسالة بعد انتهاء زمنها لا يلزم حفظها ويكون البلاغ قد حصل لأهله.
وتقول: (فوفاة الإنسان بموت أو قتل): أقول: الموت وفاة والقتل وفاة والنوم بنص القرآن وفاة، وأخذ الشيء وافياً وفاة ..
وتقول: (هذا يعني أن التوراة والإنجيل موجودان عند القوم في بقاع العالم): أقول: ناقشنا هذا فارجع إليه. ولو قلت موجود ومكتوم لهان الأمر، أما أن تكون الكتب المحرّفة هي التوراة والإنجيل فهذا رد على القرآن، لأن التحريف ثابت وملموس حتى عند أهل التوراة والإنجيل.
وتقول: (إذا سأل السامع عن مصير أبيه المتوفى أو يريد معرفة مصير غيره من أهل الكتاب الذين لم يصلهم البلاغ ألا يكون في هذه الآية ما يجيب على سؤاله):أقول: تقول إذا سأل: إذاً سيكون الجواب لمن سأل أي من يسمع.
تقول: (القرآن لم يقل توراة ولم يقل إنجيل بل ذكرهما معرفين بـ ال، الغير مكتمل لا يعرف ب ال). أقول: ومن بداية نزول القرآن الكريم كان يقول القرآن، وليس قرآن.
¥