استدل رحمه الله على أن الورد معناه الدخول بأدلة عدة منها حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله ? يقول: «لا يبقى بر ولا فاجر إلا دخلها فتكون على المؤمنين بردا وسلاما ... »
قال رحمه الله: الظاهر أن الإسناد المذكور لا يقل عن درجة الحسن لأن:
طبقته الأولى: سليمان بن حرب وهو ثقة إمام حافظ مشهور.
وطبقته الثانية: أبو صالح أو أبو سلمة غالب بن سليمان العتكي الجهضمي الخراساني وهو ثقة.
وطبقته الثالثة: كثير بن زياد أبو سهل البرساني وهو ثقة.
وطبقته الرابعة: أبو سمية وقد ذكره ابن حبان في الثقات.
ثم قال بعده رحمه الله: "وبتوثيق أبي سمية المذكور تتضح صحة الحديث".
ب.تعدد طرق الحديث:
نجده رحمه الله يذكر للحديث الواحد الطرق العديدة التي تفيد في تقويته. وقد ُيعنى بسوق الأسانيد للطرق العديدة للحديث. حتى ولو كان في الصحيحين أو في أحدهما.
ومثال هذا النوع: قوله تعالى ? وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ ?المائدة الآية:5 فذكر للاستدلال على وجوب غسل الأرجل في الوضوء، لا مسحهما، حديث مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ قَالَ: «رَأَيْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ مَرَّ بِقَوْمٍ يَتَوَضَّئُونَ مِنْ مَطْهَرَةٍ فَقَالَ أَحْسِنُوا الْوُضُوءَ يَرْحَمْكُمْ اللَّهُ أَلَمْ تَسْمَعُوا مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنْ النَّار» ثم ذكر له طرقا عدة: عن أبي هريرة وعن عائشة وعن عبد الله بن حارث بن جزء الزبيدي وعن جابر وعن معيقيب وعن أبي أمامة رضوان الله عليهم جميعا.
وتوسع رحمه الله في سرد الأحاديث الكثيرة بأسانيدها المتعددة. مع أنه كان يكفيه ما في الصحيحين.
ولعل الذي دعاه إلى هذا التوسع -والله أعلم-، التأكيد على إبطال شبه المخالف ورد أدلته.
ج. التخريج والحكم:
والمراد بالتخريج والحكم: الدلالة على موضع الحديث في مصادره الأصلية التي أخرجه منها بسنده. ثم بيان مرتبته عندما يكون الحديث أصلا في استدلاله وبيانه للآية.
وبهذا يسهل رحمه الله للقارئ التناول من تفسيره والاطمئنان إلى الأخذ منه.
ومن الأمثلة على ذلك حديث: أَبَي هُرَيْرَةَ «هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ» الذي أورده رحمه الله أثناء تناوله لقوله تعالى: ? إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالْدَّمَ وَلَحْمَ الْخَنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ .. ? النحل الآية:115. فبعدما ذكر الحديث دلل على مصادره وقال رحمه الله بعد هذا التدليل:"والحديث صحيح كما في تخريجه بهذا الأسلوب والمنهج".
د.الاستدلال بالضعيف
اعتمد رحمه الله على الصحيح من السنة، وتجنب ذكر الضعيف في كل ما له علاقة بأصل التفسير. وما ذكره من الضعيف ففي الغالب لينبه عليه، ولم يعتمد عليه رحمه الله في تبيانه للقرآن الكريم.
أو لأنه قابل للجبر والتقوية. لكون الضعف فيه خفيفا وصالحا للجبر.
ومن الأمثلة على هذا قوله تعالى: ? وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذَا أَمِنتُمْ فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ?البقرة الآية:196. ففي تفسيره لهذه الآية ذكر رحمه الله حديث: «من سبق العاطس بالحمد أمن الشوص واللوص والعلوص» ليستدل به على قول من قال بأن الإحصار يكون بالمرض كذلك كما يكون من العدو.
قال المفسر رحمه الله بعد أن ذكر الحديث:" إنه ظاهر السقوط".
فيتبين للقارئ أن المؤلف رحمه الله ذكر الحديث هنا لبيان حاله لا للإستدلال به.
6. سكوته عن الحديث
¥