الأصل أن يتكلم المؤلف عن الأحاديث، ويبين ما فيها، ويحكم عليها كما عودنا في كثير من المواضع. لكن المؤلف رحمه الله قد يسكت عن الحديث الصحيح المقبول، أو الحديث الخفيف الضعف القابل للجبر والتقوية.
لكن سكوته هذا قليل بالنظر إلى الأحاديث التي ذكر تخريجها وحكمها. وعليه فإنه يمكن أن نقسم سكوته رحمه الله من حيث الحكم عن الأحاديث وعدمه إلى قسمين:
1 سكوته التام (أي سكوته عن السند والتخريج والحكم بالنسبة للأحاديث الصحيحة)
ومثاله قوله تعالى ? وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَن صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَن تَعْتَدُواْ وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ? المائدة الآية:2. قال رحمه الله بعدما بين تفسير هذه الآية: " ... وفي هذه الآية دليل صريح على أن الإنسان عليه أن يعامل من عصى الله فيه بأن يطيع الله فيه" وساق الحديث دون تعليق فقال رحمه الله " وفي الحديث: «أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك» ".
2 سكوته عن أسانيد وتخريج الأحاديث:
وأحيانا كان رحمه الله يسكت عن إسناد الحديث وتخريجه ويذكر الحكم الخاص بالحديث.
ومثال ذلك: قوله تعالى ? وَيَقُولُ الْإِنسَانُ أَئِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيّاً ? مريم الآية:2. فذكر رحمه الله أثناء تفسيره للآية حديثا صحيحا في معناها «كذبني ابن آدم ولم يكن له أن يكذبني ... » قال رحمه الله فيه " وفي الحديث الصحيح" فذكر الحكم دون ذكر لإسناده ولا لتخريجه.
ج - تفسير القرآن بأقوال الصحابة والتابعين رضي الله عنهم
أورد المؤلف رحمه الله من هذا اللون من البيان للقرآن الكريم الشيء القليل. وكان رحمه الله غالبا ما يردف أقوال الصحابة رضي الله عنهم بأقوال التابعين الذين تلقوا عن الصحابة رحم الله الجميع.
ولم يذكر رحمه الله في مقدمته، ولا في ثنايا تفسيره، أنه سيعتمد في بيانه للقرآن على أقوال الصحابة والتابعين. لكنه اعتمد على ذلك وذكره في تفسيره حتى برز منه ما يجعله قابلا للبحث والدراسة للمهتمين بذلك.
1 - تفسير الكلمة القرآنية
يبين رحمه الله معنى الكلمات القرآنية التي غالبا ما يتوقف معنى الآية على إيضاحها بما جاء عن الصحابة والتابعين عندما لا يجد بيان ذلك في الكتاب والسنة. أو عندما يكون البيان بالكتاب والسنة محتاجا إلى مزيد إيضاح وبيان، وعليه فإن تفسير القرآن بأقوال الصحابة والتابعين عند المؤلف على ثلاثة أنواع:
أو أن البيان بذلك غير كاف ولا مستوف
أ. بيانه بالقول الواحد.
مثال ذلك: قوله تعالى ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُواْ فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ? المائدة الآية:35.
ففسر رحمه الله الوسيلة في هذه الآية بقول ابن عباس رضي الله عنهما: "الوسيلة الحاجة"، ولم يذكر غير هذا القول من أقوال الصحابة أو التابعين.
ب. بيانه بالأقوال المتفقة
ومن أمثلته: قوله تعالى ? وَمَن جَاء بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ? النمل الآية:90.
فبين رحمه الله ? بِالسَّيِّئَةِ? بأنها: الشرك بأقوال عديدة متفقة للصحابة والتابعين رضي الله عنهم.
ومن هنا نلاحظ أن معنى الآية الكريمة متوقف على معرفة معنى هذه الكلمة. وندرك أيضا أهمية هذا البيان وقيمته وقوته من الناحية التفسيرية.
ج. بيانه بالأقوال المتباينة
ومثاله: قوله تعالى: ? إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّلْمُتَوَسِّمِينَ ? الحجر الآية:75
ذكر رحمه الله لبيان معنى ?ِّ الْمُتَوَسِّمِينَ? بعض الأقوال المختلفة للصحابة والتابعين رضي الله عنهم فقال:
" فابن عباس رضي الله عنهما قال: للناظرين. وقتادة رحمه الله قال: للمعتبرين. ومجاهد رحمه الله قال: للمتفر?سين".
2 - تفسيره للآية القرآنية
منهجه رحمه الله في ذلك أنه:
¥