إنِّي أجِلُّ لكَ شيبتكَ امتثالاً لأمر الله ورسوله صلى الله عليه وسلمَ لا تصنعاً لأحدٍ ولا استمالةً لمخلوق , فأرجوكَ ألا تغريني بغليظ القولِ للردِّ عن نفسي بمثله.
وبيت العلاّمة محمد العاقبْ بن ماياباَ الأخيرُ الذي كتبتَهُ مكسورٌ يظلعُ , ولا تنبغي نسبةُ مثله لنحريرٍ كمحمد العاقب رحمه الله , فهو يقول:
ليظهر الإعجاز في المرسوم && منه كما في لفظه المنظومِ
ومعاذ الله أن أكونَ عند القول بأن الواوَ السابقة لـ (يمحُ) عاطفةٌ لا مستأنفةٌ أربط الباطل بقلب الرسول صلى الله عليه وسلم؟! ليكونَ الحق الذي ينزل على قلب النبي صلى الله عليه وسلم باطلا حتى يمحى؟!
وعجبي لك كيفَ ارتجلتَ هذا الفهمَ الذي لم تُسبقْ له, وعليه فأرجو أن تتامَّلَ أداة الشرط وجزاءها والمعنى المترتب عليها بعد ذلك ,أو تراجع أقوال النُّحاة والمفسرين فيها , فالمعنى المُقدَّرُ على القول بأنها عاطفةٌ هو: فإن يشإ الله يختم على قلبكَ لتفتريَ عليه و يمحُ افتراءكَ بعدئذ.
أمَّا علامة (قلي) التي تأمرُني بالنظر فيها فهي موضوعةٌ ثَمَّ (لا تنزيلاً من الله , ولا إقراراً من رسول الله صلى الله عليه وسلم لكتبَة الوحي) بل بناءاً على قولٍ من أقوال النُّحاة المُعربينَ لكلام الله وهو الصحيحُ الأشهر , وعدمُ اعتبارِ وجودها لكون الواو عاطفةً قولٌ آخرُ كذلك وإن كان مرجوحاً ضعيفاً, فهو أولى من ادَّعاء الأسرار وكشفها والتكلف لها ومصادمة العربية ونصوص الشرع بها.
أمَّا الكتابُ فجزى الله مؤلفه خيراً وبارك فيه , وجزاك أنت الله خيراً على الإحالة إليه , وليتك أحلتَ لمن كتبَ عينَ كلامه قبله بسبعة وثمانية وتسعة قرون وأزيد من ذلك كأبي داود في المقنع والثعلبي والزركشي وعامة المفسرين وغيرهم رحم الله الجميع.
علماً أنَّ من قال بأن الواو للاستئناف علل ذلك بأنَّ الله تعالى يمحو الباطل مطلقا , ولأنَّ محوَ الله الباطلَ ثابتٌ قبل الشرط , خلافاً للختم على قلب النبي صلى الله عليه وسلمَ فهو معدومٌ قبل الشرط , ورُدَّ عليهم أن محوَ الله الباطلَ شُرطَ بالمشيئةِ وهو معدومٌ كذلك قبلَها , ويكون التقديرُ حينئذٍ (فإن يشإ الله يختم على قلبكَ لتفتريَ عليه - لأنَّ الفرية على الله لا تصدر إلا عن مختومٍ على قلبه - و يمحُ افتراءكَ بعدئذ , ثمَّ استأنفَ الكلامَ وقال (ويُحِقُّ اللهُ الحقَّ .. ).
وعلى أية حالٍ فأنا غيرُ مقتنعٍ ولا ملتزمٍ لهذا القول , ولكني أردت القولَ بأنَّ التزامَه - على ضعفه - خيرٌ وآمَنُ من ادعاء الكشف والفتوحات والتكلفات , وأنَّ ما حذفت ياءه أواوُه في رسم المُصحفِ لمقتضى إعرابيٍ بينٍ كما في جُلِّ أمثلتكَ في هذا الموضوع وغيره , لا ينبغي تكلف الأسرار فيه , والإعراضُ -عمداً- عن العلنِ غير المختلف فيه من أسباب الحذف الإعرابية.
والحمدُ لله رب العالمينَ , وأرجو ألا يكتب الله لي عودةً لهذا الموضوع , عملاً بنصيحتك الأخيرة , وتجافياً عن ملاقاتك بغير اللائق , إذْ لم أقعْ - بحمد الله ومنَّته- في ذلك من قبلُ مع أحدٍ من كِرامِ أعضاء هذا المنتدى القُرآنيِّ النيِّر الهادئ وأستعصمُ الله من الحورِ من بعدُ , والله أعلم وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله.
أخي الكريم
خفظك الله ورعاك
وغفر الله لنا ولك
ما قلته لم يكن يخطر على بالي لحظة واحدة ولا نظرة مني إليك، معاذ الله من مثل ذلك
ولقد ساءني بوحك به.
وأمامي ما يدل على مكانتك وعملك
وما انا بفحاش مع من يسيء إلي
فكيف من يراجع معي أمورًا في كتاب الله وهو عمل من أشرف الأعمال
وأشكر لك أدبك وحسن تقديرك، فهذا من خلق المسلم عامة، فكيف بمن يكون عمله تدريس القرآن.
لقد سألت السؤال وأمر العطف لا يخفى علي ولا يقبل معناه عندي ولا عند غيري
والكتب التي قامت على إعراب القرآن كالجدول في إعراب القرآن لمحود صافي، وإعراف القرآن لمحي الدين درويش، أو التي تخصصت في الوقف والابتداء من الكتب القديمة العديدة؛ مجمعة على أن الواو استئنافية، فهو القول الراجح والصحيح، وليس هناك داع لقول غير ذلك والتقدير لإبعاد ما قد يلتبس فيه.
لأنه يقود إلى هذا الفهم من غير قصد، ولا يخرج من الرسول عليه الصلاة والسلام إلا حقًا، والختم على قلبه عقابًا لهم وليس للنبي صلى الله عليه وسلم.
وعلامات القرآن هي مبنية على المعاني
¥