فالتفريق بين واو العطف وواو الاستئناف مبني على المعنى
والنحو مبني على المعنى فلولاه لما ميزنا بين الفاعل والمفعول به
ولذلك وضعت علامة "قلي" حتى يعرف القارئ أنه بدأ بمعنى جديد لما يترتب على العطف من محاذير ما ذكرته. وإنما يكلف به عالم في اللغة والتفسيرلأنه أبصر بذلك من غيره.
وإذا كانت علامات الوقف موضوعة؛ فكذلك تنقيط الحروف والحركات، والهمزة نفسها التي تكتب على السطر، وعلى أحرف المد موضوعة، وهمزة الوصل والشدة، وكلها من وضع الفراهيدي رحمه الله تعالى، فالرسم القرآني خالي من تنقيط الإعراب وتنقيط الإعجام .. وإنما كان وضعها للضرورة حتى لا يلحن القارئ في القرآن الكريم.
ولما سئل علي رضي الله عنه عن تفسير قوله تعالى (ورتل القرآن ترتيلا)؛ قال: تجويدك للحروف، ومعرفة الوقوف، وهذه العلامات تعرف القارئ مكان الوقوف الصحيح الذي لا يخل بالمعنى، فهي علامة لشطر الترتيل.
والمعنى في الآية؛ لما كان الله عز وجل يرسل الرسل لمحو الباطل، وما كان إنزال الله تعالى آياته على قلب النبي إلا لأجل محو الباطل الذي عليه الناس، فإن حبس هذا النور عن الناس بالختم على قلب النبي؛ ليحرمهم منه عقابًا لهم، لأنهم يقولون افتراه؛ فلن يدع الله الباطل بعد ذلك على ما هو عليه ولن يتركه.
وقد قال تعالى: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (33) الأنفال، فإن انتهت مهمة النبي صلى الله عليه وسلم وهم على ما هم عليه من الباطل فإن العذاب مقبل عليهم، ويمحو الله الباطل ويزهقه ويدمغه بهلاك أهله المصرين عليه.
وما أنشره بعد جهد هذ السنين في هذا الرسم القرآني، لن يكون فيه مسألة واحدة فيها مخالفة شرعية إن شاء الله تعالى وانا أدرك ذلك، إنما هو يجلي المعاني الشرعية ويدعم بيانها.
وفيه رد على من ادعى أن هذا الرسم من أخطاء الصحابة رضي الله عنهم في الرسم، وجهلهم في الإملاء،
وما كان لله عز وجل ليدع الناس يخطئون في رسمه ليخالف معناه ومراده، وهو سبحانه وتعالى الذي علم الإنسان بالقلم.
وردًا على من يرى إجازة كتابته بالرسم الإملائي، على اعتبار أن هذه الاختلافات في الرسم القرآني عن الإملائي لا معنى لها ولا فائدة منها. ومخالفة لقواعد الإملاء.
فأرجو الله عز وجل أن يشرح صدور الناس لما شرح الله له صدري، وأن يصبرهم على العلم به كما صبرني عليه ... وألا يضيع عملنا واجرنا الذي نرجوه عند الله عز وجل.