[المنتقى الثمين من أدب الدنيا والدين]
ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[17 Nov 2005, 01:30 م]ـ
الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، وكفى بالله شهيدا، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وسلم تسليما مزيدا .. أما بعد:
فكتاب أدب الدنيا والدنيا للشيخ أبي الحسن علي بن محمد الماوردي الشافعي (ت 450) من أحسن ما كتب في الآداب.
يقول في مقدمته:
وَقَدْ تَوَخَّيْت بِهَذَا الْكِتَابِ الاشَارَةَ إلَى آدَابِهِمَا [الدنيا والدين]، وَتَفْصِيلَ مَا أُجْمِلَ مِنْ أَحْوَالِهِمَا، عَلَى أَعْدَلِ الأمرين مِنْ إيجَازٍ وَبَسْطٍ أَجْمَعُ فِيهِ بَيْنَ تَحْقِيقِ الْفُقَهَاءِ، وَتَرْقِيقِ الأدباء، فَلاَ يَنْبُو عَنْ فَهْمٍ، وَلاَ يَدِقُّ فِي وَهْمٍ، مُسْتَشْهِدًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ - جَلَّ اسْمُهُ - بِمَا يَقْتَضِيهِ، وَمِنْ سُنَنِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ - بِمَا يُضَاهِيهِ، ثُمَّ مُتْبِعًا ذَلِكَ بِأَمْثَالِ الْحُكَمَاءِ، وَآدَابِ الْبُلَغَاءِ، وَأَقْوَالِ الشُّعَرَاءِ؛ لِأَنَّ الْقُلُوبَ تَرْتَاحُ إلَى الْفُنُونِ الْمُخْتَلِفَةِ وَتَسْأَمُ مِنْ الْفَنِّ الْوَاحِدِ. اهـ
وجعل كتابه في خمسة أبواب:
الأول: في فضل العقل وذم الهوى.
والثاني: في أدب العلم.
والثالث: في أدب الدين.
والرابع: في أدب الدنيا.
والباب الخامس: في أدب النفس.
وتحت هذه الأبواب فصول، وتحتها تفريع، ونقول ..
وهذا الكتاب ينبغي أن يطلع عليه كل طالب علم، وينعم النظر فيه.
وقد انتقيت منه بعض درره، وقسمتها أقسام:
الشعر، الحكم، الفوائد العامة.
وسأبدأ بنقل الشعر ثم أثني بالحكم ثم الفوائد العامة،
ولعل ما أنقله يشوق من لم يقرأ الكتاب لقراءته.
والطبعة التي يتم العزو إليها ط: دار ابن كثير تحقيق: ياسين السواس.
ص49 وَأَنْشَدَنِي ابْنُ لَنْكَكَ لِأَبِي بَكْرِ بْنِ دُرَيْدٍ:
جَهِلْت فَعَادَيْت الْعُلُومَ وَأَهْلَهَا * كَذَاك يُعَادِي الْعِلْمَ مَنْ هُوَ جَاهِلُهْ
وَمَنْ كَانَ يَهْوَى أَنْ يُرَى مُتَصَدِّرًا * وَيَكْرَهُ لاَ أَدْرِي أُصِيبَتْ مَقَاتِلُهْ
ص50: لبَعْضِ أَهْلِ هَذَا الْعَصْرِ:
وَفِي الْجَهْلِ قَبْلَ الْمَوْتِ مَوْتٌ لِأَهْلِهِ * فَأَجْسَامُهُمْ قَبْلَ الْقُبُورِ قُبُورُ
وَإِنْ امْرَأً لَمْ يَحْيَ بِالْعِلْمِ مَيِّتٌ * فَلَيْسَ لَهُ حَتَّى النُّشُورِ نُشُورُ
ص42
يَا أَيُّهَا الرَّجُلُ الْمُعَلِّمُ غَيْرَهُ * هَلاَ لِنَفْسِك كَانَ ذَا التَّعْلِيمُ
تَصِفُ الدَّوَاءَ لِذِي السِّقَامِ وَذِي الضَّنَى * كَيْمَا يَصِحَّ بِهِ وَأَنْتَ سَقِيمُ
ابْدَأْ بِنَفْسِك فَانْهَهَا عَنْ غَيِّهَا * فَإِذَا انْتَهَتْ عَنْهُ فَأَنْتَ حَكِيمُ
فَهُنَاكَ تُعْذَرُ إنْ وَعَظْتَ وَيُقْتَدَى * بِالْقَوْلِ مِنْك وَيُقْبَلُ التَّعْلِيمُ
لاَ تَنْهَ عَنْ خُلُقٍ وَتَأْتِيَ مِثْلَهُ * عَارٌ عَلَيْك إذَا فَعَلْت عَظِيمُ
ص56:
وَمَنْزِلَةُ السَّفِيهِ مِنْ الْفَقِيهِ * كَمَنْزِلَةِ الْفَقِيهِ مِنْ السَّفِيهِ
فَهَذَا زَاهِدٌ فِي قُرْبِ هَذَا * وَهَذَا فِيهِ أَزْهَدُ مِنْهُ فِيهِ
إذَا غَلَبَ الشَّقَاءُ عَلَى سَفِيهٍ * تَقَطَّعَ فِي مُخَالَفَةِ الْفَقِيهِ
ص60:
قَالَ صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الْقُدُّوسِ:
لاَ خَيْرَ فِيمَنْ كَانَ خَيْرُ ثَنَائِهِ * فِي النَّاسِ قَوْلَهُمْ غَنِيٌّ وَاجِدُ
ص61: لِبَعْضِ أَهْلِ الادَبِ:
إذَا لَمْ يَكُنْ مَرُّ السِّنِينَ مُتَرْجِمًا * عَنْ الْفَضْلِ فِي الانْسَانِ سَمَّيْته طِفْلاَ
وَمَا تَنْفَعُ الايَّامُ حِينَ يَعُدُّهَا * وَلَمْ يَسْتَفِدْ فِيهِنَّ عِلْمًاوَلاَ فَضْلاَ؟
ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[18 Nov 2005, 09:39 م]ـ
ص65: أَبُو تَمَّامٍ:
يَنَالُ الْفَتَى مِنْ عَيْشِهِ وَهُوَ جَاهِلُ * وَيُكْدِي الْفَتَى مِنْ دَهْرِهِ وَهُوَ عَالِمُ
وَلَوْ كَانَتْ الارْزَاقُ تَجْرِي عَلَى الْحِجَا * هَلَكْنَ إذَنْ مِنْ جَهْلِهِنَّ الْبَهَائِمُ
ص68:
نَرُوحُ وَنَغْدُو لِحَاجَاتِنَا * وَحَاجَةُ مَنْ عَاشَ لاَ تَنْقَضِي
تَمُوتُ مَعَ الْمَرْءِ حَاجَاتُهُ * وَتَبْقَى لَهُ حَاجَةٌ مَا بَقِيَ
ص73: زُهَيْرٌ:
¥