تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[عبر وفوائد من قصة عجيبة وقعت لإمام مسجد]

ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[24 Nov 2005, 03:45 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وبارك على المبعوث رحمة للعالمين .. أما بعد:

فإن القصَصَ لها تأثير كبير في نفس سامعها، ولذا قال الله تعالى {فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ}

وقال تعالى: {وَكُلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاء الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ}

وقال تعالى {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي الأَلْبَابِ}.

ففي القصة عبرة، وعظة، ومتعة، ولذا أصبحت القصة فنا من فنون الأدب ..

ذكر الحافظ ابن كثير البداية والنهاية ج: 11/ 89، في ترجمة الخليفة العباسي المعتضد

قصة عجيبة هذا نصها:

ذكر القاضي أبو الحسن محمد بن عبد الواحد الهاشمي عن شيخ من التجار قال: كان لي على بعض الأمراء مال كثير فماطلني ومنعني حقي، وجعل كلما جئت أطالبه حجبني عنه، ويأمر غلمانه يؤذونني؛ فاشتكيت عليه إلى الوزير؛ فلم يفد ذلك شيئا، وإلى أولياء الأمر من الدولة = فلم يقطعوا منه شيئا، وما زاده ذلك إلا منعا وجحودا.

فأيست من المال الذي عليه، ودخلني هَمٌ من جهته، فبينما أنا كذلك، وأنا حائر إلى من أشتكي إذ قال لي رجل: ألا تأتي فلانا الخياط إمام مسجد هناك؟

فقلت: وما عسى أن يصنع خياط مع هذا الظالم،وأعيان الدولة لم يقطعوا فيه؟

فقال لي: هو أقطع، وأخوف عنده من جميع من اشتكيت إليه؛ فاذهب إليه لعلك أن تجد عنده فرجا.

قال: فقصدته غير محتفل في أمره، فذكرت له حاجتي، ومالي، وما لقيت من هذا الظالم.

فقام معي فحين عاينه الأمير قام إليه وأكرمه واحترمه، وبادر إلى قضاء حقي الذي عليه فأعطانيه كاملا من غير أن يكون منه إلى الأمير كبير أمر! غير أنه قال له: ادفع إلى هذا الرجل حقه و إلا أذّنت؛ فتغير لون الأمير، ودفع إلى حقي.

قال التاجر: فعجبت من ذلك الخياط مع رثاثة حاله وضعف بنيته كيف أنطاع ذلك الأمير له،

ثم إني عرضت عليه شيئا من المال، فلم يقبل مني شيئا، وقال: لو أردت هذا لكان لي من الأموال ما لا يحصى فسألته عن خبره؟ وذكرت له تعجبي منه، وألححت عليه،

فقال: إن سبب ذلك أنه كان عندنا في جوارنا أمير تركي من أعالي الدولة وهو شاب حسن فمر به ذات يوم امرأة حسناء قد خرجت من الحمام، وعليها ثياب مترفة ذات قيمة، فقام إليها وهو سكران، فتعلق بها يريدها على نفسها ليدخلها منزله، وهي تأبى عليه وتصيح بأعلى صوتها: يا مسلمين أنا امرأة ذات زوج، وهذا الرجل يريدني على نفسي، ويدخلني منزله، وقد حلف زوجي بالطلاق أن لا أبيت في غير منزله، ومتى بت ها هنا طلقت منه، ولحقني بسبب ذلك عار لا تدحضه الأيام ولا تغسله المدامع!

قال الخياط: فقمت إليه فأنكرت عليه، وأردت خلاص المرأة من يديه فضربني بدبوس في يده؛ فشج رأسي، وغلب المرأة على نفسها، وأدخلها منزله قهرا، فرجعت أنا فغسلت الدم عنى، وعصبت رأسي وصليت بالناس العشاء، ثم قلت للجماعة: إن هذا قد فعل ما قد علمتم، فقوموا معي إليه لننكر عليه، ونخلص المرأة منه، فقام الناس معي، فهجمنا عليه داره، فثار إلينا في جماعة من غلمانه بأيديهم العصي والدبابيس يضربون الناس، وقصدني هو من بينهم، فضربني ضربا شديدا مبرحا، حتى أدماني وأخرجنا من منزله، ونحن في غاية الإهانة فرجعت إلى منزلي، وأنا لا أهتدي إلى الطريق من شدة الوجع، وكثرة الدماء، فنمت على فراشي، فلم يأخذني نوم، وتحيرت ماذا أصنع حتى أنقذ المرأة من يده في الليل؛ لترجع فتبيت في منزلها حتى لا يقع .. الطلاق!

فألهمت أن أؤذن الصبح في أثناء الليل لكي يظن أن الصبح قد طلع فيخرجها من منزله فتذهب إلى منزل زوجها فصعدت المنارة، وجعلت أنظر إلى باب داره، وأنا أتكلم على عادتي قبل الأذان، هل أرى المرأة قد خرجت، ثم أذنت فلم تخرج، ثم صممت على أنه إن لم تخرج أقمت الصلاة حتى يتحقق الصباح؛

فبينا أنا أنظر هل تخرج المرأة أم لا؟

إذ امتلأت الطريق فرسانا ورجالة وهم يقولون: أين الذي أذن هذه الساعة؟!

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير