تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[أجوبة المسلمين على اعتراضات أهل الكتاب في مسألة التحريف [الحلقة 3]]

ـ[سمير القدوري]ــــــــ[24 Dec 2005, 01:10 ص]ـ

نذكر القراء الكرام بالأسئلة التي طرحناها في الحلقة السابقة, وهي كالآتي:

- لماذا اختلفت أقوال المسلمين في مسألة تحريف أهل الكتاب لكتبهم المقدسة؟

2 - ما هي استدلالات أهل الكتاب (اليهود ثم النصارى) التي بها يدفعون تهمة التحريف عن كتبهم المقدسة؟

3 - وما هي أجوبة المسلمين على تلك الاستدلالات؟ وهل هي أجوبة كافية شافية؟

ثم ما هي نتائج النقد التاريخي والعلمي الأوروبي للكتاب المقدس؟

وسنتابع في هذه الحلقة بحث الجواب عن السؤال الأول وقسم من الثاني لأنه قد تبين لي أنه كان لاعتراضات أهل الكتاب أثر ظاهر في توجيه مواقف بعض المسلمين, وهذا ما سيظهر من خلال النصوص التي استخرجتها من كتابين هامين ناقشا أهل الكتاب وأجابا على بعض اعتراضاتهم.

الكتاب الأول هو كتاب الإعلام بما في دين النصارى من الفساد والأوهام وإظهار محاسن دين الإسلام وإثبات نبوة نبينا محمد عليه السلام, ومؤلفه هو المحدث الفقيه المالكي الأصولي أبو العباس أحمد بن عمر بن إبراهيم بن عمر الأنصاري القرطبي نزيل الإسكندرية والمتوفي بها سنة 656هـ, وهو شيخ أبي عبد الله القرطبي المفسر الذي نسب له البعض كتاب الإعلام خطاء.

والكتاب الثاني هو الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح لشيخ الإسلام ابن تيمية (ت.728هـ) الذي رد فيه ردا موسعا على رسالة لبولس الراهب أسقف صيدا الذي أراد دفع تهمة التحريف عن الكتاب المقدس واحتج بعدة حجج أتى عليها ابن تيمية كلها.

وقد يسرت على القراء فهم كلام كلا المؤلفين المسلمين بتقسيمه إلى فقرات وتخريج نصوصه القرآنية أو الكتابية. وعلقت تعليقات يسيرة بين معقوفات على ما يحتاج إلى ذلك.

وقد يقول قائل إنك تتحدث عن تحريف التوراة فما بلك تأتي بكلام النصارى؟

فأقول لأن النصارى اجتهدوا أكثر من اليهود في الدفاع عن التوراة لحاجتهم إليها في إثبات دينهم ولتصديقهم بها.

فمن حججهم: نجد دعواهم تناقض موقف القرآن بشأن كتب أهل الكتاب, فتارة يقول بأنه جاء مصدقا لما بين يديه منها ويقول بأن التوراة هدى ونور ويطالب أهل الكتاب بالحكم بما أنزل في التوراة والإنجيل, وهذا تثبيت لتلك الكتب. وتارة يقول القرآن بأن أهل الكتاب يحرفون الكلم عن مواضعه إلخ ... وهذا تناقض (في زعمهم).

ثم نجدهم ينازعون المسلمين في وقوع التحريف في كتبهم ويقولون هو غير ممكن لانتشار نسخ التوراة والإنجيل في الآفاق ولاختلاف النصارى طوائف النصارى من جهة واختلافهم جميعا مع اليهود في أمر المسيح فيستحيل اتفاقهم على تحريف التوراة.

فمن هذه الحجج ما أجاب عنه هذان العالمان المسلمان وقد أتى على جميع ذلك ابن حزم في كتابه الفصل كما سنبينه في حلقة قادمة. وأتمنى من القراء الكرام أن يسألوا عما يبدوا لهم غامضا فيما نشرناه فنحن نسعد كثيرا ببيان كل إشكال قد يعترضهم.

[كلام أبي العباس أحمد بن عمر الأنصاري القرطبي (ت.656هـ) في مسألة تحريف التوراة أورده في كتابه: الإعلام بما في دين النصارى من الفساد والأوهام]

قال أحمد بن عمر القرطبي:

فصل في بيان بعض ما طرأ في التوراة من الخلل وأنها لم تنقل نقلا متواترا فتسلم لأجله من الخطأ والزلل:

فأول دليل أنها لم تترك على ما كانت في الألواح التي كتبها الله تعالى لموسى ولا على ما انتسخها لهم موسى بل زيد فيها ولا بد ما ليس منها ولا كان في الألواح التي كتبها الله لموسى ويدل على ذلك أن في آخر السفر الخامس أن:" موسى توفي في أرض موآب بإزاء بيت فغور ولم يعرف إنسان موضع قبره إلى اليوم وكان قد أتى على موسى إذ توفى مائة وعشرون سنة ولم يضعف بصره ولم يتشيخ وجهه وبكى بنو إسرائيل على موسى ثلاثون يوما في عريب موآب فلما تمت أيام حزنهم على موسى امتلأ يشوع بن نون من روح الحكمة لأن موسى كان وضع يده على رأسه في حياته وكان بنو إسرائيل يطيعونه ويعملون كما أمر الرب موسى" [التكوين 34: 5 - 9].

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير