[مفهوم الحرية]
ـ[د. محمد مشرح]ــــــــ[08 Feb 2006, 12:28 م]ـ
[مفهوم الحرية]
أيساء إلى نبي الحرية باسم الحرية؟!
يحلو لفظ الحرية عند الناس، لكن مفهوم مصطلحها مُشْكل عندهم عدا المحققين منهم، وتأتي الممارسة تابعة؛ فإذا خلت من الشروط والضوابط التي تحكمها خفيت حدودها، وأظلم طريقها، وتعدى ضررها. وبدعوي ممارسة الحرية ترتكب حماقات، وتمارس جرائم، ويختل الأمن ...
وليس خفاء معناها ناتجا عن صعوبة فيه؛ ولكن لعدم الحرص على البحث عنه. وهي عادة مستحكِمة عند الكثير – بدون مبالغة- بتعمق معنى المصطلحات المطلوبة للتنفيذ وكأن الأمر لا يعنيهم من قريب أو بعيد.
ومعيار الضوابط والشروط: النقل الصحيح، والعقل السليم، حيث لا تعارض بينهما. بشرط العلم وتحري الصواب؛ مع سياج من التقوى والإخلاص، وتنفيذٍ أمين يتمتع بثقة المنهج المنبثق عنه تلك الشروط والضوابط، ومن استنبطها؛ وبعض هذه المواصفات يخلو منها ذهن الكافر بالله أو بالمنهج الرباني وما انبثق منها، وهذه الفجوة أنتجت أخطاء فادحة نالت مما نالت العظماء بحجة الحرية والتعبير عن الرأي، ويشارك في هذا مؤسسات وحكومات ... تتضمن عقلاء ومستشارين ... ويهمهم مصالح وعلاقات تمسهم ... ما يستدعي ضرورة تلازم العقل والنقل في تحديد ضوابط وشروط الحرية الصحيحة.
إن النيل ممن جاء بالحرية باسم الحرية مقلق، ودليل على إفلاس خطير في التفريق بين النافع والضار في عصر توفرت فيه وسائل التحقق منهما. فأي شيء تنتظر البشرية ممن هذا شأنه. إن المنهج الإسلامي هو المنقذ من هذا التردي، ومطلوب من الأمة الإسلامية حكاما ومحكومين تعاملا سليما معه بدعم معنوي وحسي لأولى الأمر من العلماء الربانيين المحققين ليضعوا النقاط على الحروف في هذا وغيره من قضايا تمس جوانب الحياة لإنقاذ البشرية من واقعها الملبد بالغيوم، والذي يهددها في مقاصدها وضروراتها الخمس، وما انبثق عنها؛ فأي شيء ننتظر ممن يحملون فكرا منحرفا مع إنتاجٍ لسلاح تدميرٍ شامل، وتهافت على أكل حق الآخر، والنيل من عرضه ودمه وأمنه وأرضه؛ مع دعاوى عريضة وفضفاضة تصم الآذان بمراعاة حق الآخر ... والممارسة العملية ترد ذلك وتكذبه قولا وحالا وواقعا.
الحرية:خروج عن رق الكائنات؛ [1] الشهوات والشبهات والإنسان، وقطع العلائق التي توصل إلى ذلك، والتعلق بما يحبه الله تعالى وما والاه؛ وذلك عين النفع للحياة والأحياء؛ بممارسة ما يسعد النفس والغير، والتزود من العمل المقرب إلى الله تعالى؛ المفضي إلى الجنة في الآخرة. تلك هي الحرية السليمة في النفس السوية محاطة بشروط وضوابط منها:
1 - خلوها من ضررٍ على حقوق النفس والغير دما وعرضا ودينا وعقلا ومالا.
2 - خلوها مما يتعارض مع منهج الله مما جاء به الأنبياء والمرسلون كتابا وسنة.
3 - خلوها من الأنانية وحب الذات المفضيين إلى التفريط بحق الغير لصالحها.
4 - العلم الذي يورث الخشية ومعرفة الحقوق، والوصول إليها بالتحري والخطوات العلمية السليمة ...
5 - التقوى لرعاية الحقوق بشعور مراقبة الله التي لا تغيب، ولا يحجبها شيء.
6 - والورع الذي يمنع السطو على الحقوق بدافع الشهوة أو الشبهة.
7 - النظرة الصائبة إلى الأشياء ووزنها بميزان دقيق.
8 - الموازنة بين القيم؛ قيمة الدنيا والآخرة كما هما في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم؛ فذلك يوضح حقارة الدنيا فتزهد النفس عنها،وتستشرف للآخرة فتحرص عليها فلا تقع في ظلم الآخرين بأي نوع من الظلم.
هذه بعض الضوابط والشروط الخاصة بمفهوم الحرية الحقيقية التي ينتفع صاحبها وينفع غيره بها، أو على الأقل تنأى عما يحدث ضررا على النفس أو الغير.
وهذه الضوابط وغيرها مجملة ومفصلة متضافرة في النصوص الإسلامية
منها ما جاء في سور العصر والهمزة والفيل؛ وبيانها كالآتي:
* سورة العصر؛ قال تعالى {وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْأِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3) [2]
¥